أمُّنا هبطتْ في الجنائنْ
ليتها بقيتْ في أعالي الجبالْ
تناجي رفيفَ الملائكِ ..
من ربوةِ الكبرياءْ
مَنْ تُرى أنزلَ الوردَ
مِن شرفاتِ السفوحِ
وعرَّشهُ في الجنائنْ
مَنْ تُرى أشعلَ الرنْدَ
في نارِ معبدِها
إذْ تضوّعَ بالغارِ
واخضلَّ نبتُ الخمائلْ
هو الوردُ تزهو مباهجهُ
في حدائقِ مُلْكي
يشدُّ عصارةَ روحي
إلى مُلْكquot;بابلquot;
أيُّ سحْرٍ يمازحُني حين أغفو
على صدْر أمّي الرحيمْ
أيُّ نبْلٍ يضمّخُ روحي
حينما أرتمي حاضناً صدْرَها كاليتيم

***************
شأْنُنا أننا قدْ عشقْنا المهابةَ
كنّا غيوماً تَصاعدُ أعلى السِّماك
شأنُنا أننا نتعالى على الزيفِ والموبقات
على وحْلِ هذا الزمان
عزْمُنا أننا نسلُّ السيوفَ على العهْرِ
لانرتقي غيرَ تلك الذّرى الباسقات
إنْ نَمُتْ وهذا مُحال
مقابرُنا في العُلى
تُشيّعنا أنجمُ اللهِ
تأخذُنا للسموِّ العظيم
تُبجّلُنا كالنبيينَ
تغسلُنا بالندى الرطْبِ
تُلْبسُنا طيلسانَ الكريمْ
وأكْفانُنا مغزلٌ من حرير الإله
ماؤُنا سلسبيلُ الرواء
سائغٌ ؛يترقرقُ مثل المرايا
بلْسَمٌ طيّبٌ لذّةُ الظامئين
نشوةُ الصائمين
زادُنا نخلةٌ من نخيلِ السماوات والأرضين
حصنُنا قلعةٌ أذِنَ اللهُ أنْ تحتمي بالنقاء
حرفُنا علّمَ الكائناتِ ..
طريقَ الوصول إلى منبعِ العارفين
لاجتياز الخطى
وردْمِ المطبّاتِ
والعَثَراتِ الجسام

*************
ميدِيا(*)
أرضعتْنا الحنين
ثدْيُها الغضِّ كالياسمين
نادَمتْنا ببابلَ في دَوحة القصْرِ
كنّا صغاراً كزغْبِ القطا
وحين كبرْنا
رفعْنا سماءَ المدينةِ
صارتْ سواعدُنا صلْبَةً كالحصى
كلما قدَحتْ أعينُ النارِ شزراً
تراءى لنا الفوزُ يمتدُّ كالفيضِ
يزخرُ بالرعدِ والبرقِ والبركاتْ
هذهِ أرضُنا البكرُ
أضحتْ تجلجلُ بالنصروالامنياتْ

*************
ذاتَ يومٍ كئيبْ
نهضتْ ميدِيا في الصباح الأخير
وقالتْ بصوتٍ تمازجَ فيهِ النحيب :
خذوا جنائنكم معكم
تصحَّرَ قلبي لآلامكم
لم أعدْ أنتشي بالرياض
فعشّاقُنا صهلوا مهرَهمْ
للفيافي البعيدة
والغزاةُ امتطوا أسَدِي
يا لَعاري
يالخزي الزمان
أصبحَتْ جنتي ثُكْنَةً
لارياض العصورِ تغنّتْ بشدو بلابلِها
أُمُّنا ، لم تعدْ تمرحُ بين السواقي
لم تعدْ تستريحُ هنا
وسْط أرجوحةٍ عافها الجنْدُ بين الجنائن (*)

************
أيها الكاهنُ العمُّ
خذني إلى أرضِ أهلي
فاني أحبُّ جبالَ جدودي
أعرِّشُ فيها كما النسرِ أعلو بعيدا
ودعْني أعشْ وسطَ أهلي
لاأرى قردَهم بائلاً في العريش
ويبعرُ بين زهوري
الوداعَ الوداعْ
لم ْيعدْ للغناءِ زغردةٌ في الحناجرْ
لم يعدْ للدموعِ رقرقةٌ في المحاجرْ
الوداعَ الوداع
بيتَ أهلي الكبيرَ المُكابِرْ

[email protected]

*) ميديا زوجة الملك البابـلي نبوخذنصّر الــذي بنى الجنائنَ المعلّقة لأجلها كي تعيشَ حياتها في الأعاليالغنّاء كأهلها ساكني الجبال .
*) إشارةً إلى قيام المارينز باتخاذ مدينة بابل الأثرية معسكرا لهم