إعداد عبدالاله مجيد: ودع المخرج المسرحي مايكل ولسن فرقة هارتفورد ستيج في ولاية كونكتيكت بعد اكثر من 12 عاما بعمل متميز يجمع ثلاثة عمالقة من عصر النهضة هم ليوناردو دافنشي ومايكل انجلو ونيكول ماكيافيلي. وكان ولسن اخرج على خشبة هارتفورد ماراثونا من مسرحيات تينسي وليامز المعروفة وغير المعروفة.
مسرحيته الوداعية quot;منافسة الهيةquot; كتبها مايكل كريمر وهو صحفي مخضرم معروف بعموده السياسي في مجلة نيويورك وبعدها مجلة تايم. ثم قرر الانتقال من سياسة الحاضر الى سياسة الماضي بممارسة الكتابة المسرحية فأحيا في باكورة اعماله المسرحية منافسة فنية غريبة بدأت عام 1503 وعالجها بعين الصحفي اللماح.
يظهر ليوناردو دافنشي (قام بدوره بيتر ستروس) يوم بدأ في الخمسينات من العمر العمل على رسم جدارية ضخمة تخلد انتصارا عسكريا كبيرا بتكليف من حكومة فلورنسا. ثم يُكلَّف فنان شاب واعد في العشرينات من عمره اسمه مايكل انجلو (قام بدوره آرون كرون) برسم جدارية اخرى في القاعة نفسها من مبنى مجلس فلورنسا. وفي حين ان موضوع جدارية دافنشي هو معركة انغياري فان جدارية مايكل انجلو تصور معركة كاسينا.
اما الرجل الذي يضع الفنانين الكبيرين في مواجهة احدهما الآخر فهو نيكولو ماكيافيلي (قام بدوره سكوت باركنسن) صاحب كتاب quot;الأميرquot; الذي دخل التاريخ بتحويل اسمه الى صفة مذمومة تلصق بالسياسيين الذين لا يثنيهم وازع اخلاقي عن الوصول الى هدفهم بكل الوسائل. وهذا ما يتوقعه ماكيافيلي نفسه في المشهد الثاني.
تدور احداث المسرحية وقت كان ماكيافيلي مستشار حكومة فلورنسا في عهد اميره بيرو سودرينو (سايمون جونز) الذي اوعز رسميا بجمع دافنشي ومايكل انجلو تحت سقف واحد ولكنه لم يكن واثقا من جدوى طريقته quot;الماكيافيليةquot; في تحقيق مبتغاه.
كان يراد من فكرة المنافسة بين الفنانين بجدارية يرسمهما كل منهما ان تلهب حماسة الجمهور ليسهم اهل المدينة في صراع فلورنسا مع بيزا. فلا احد يريد عودة آل مديتشي ولا احد يعرف فيم يفكر البابا. وكان مؤرخون اعتبروا ان المبارزة الفنية بين هذين العملاقين حددت مسار عصر النهضة برمته. ولكن مسرحية quot;منافسة الهيةquot; تسلط الضوء على الجوانب الشخصية للبطلين، على نظرتهما الى العالم، الى الدين، الى فنهما، الى اعمالهما ونظرة كل واحد منهما الى اعمال الآخر، وكيف يبرع سياسي حاذق في توظيف طاقاتهما الابداعية لخدمة مآربه.
وتلاحظ الناقدة المسرحية انيتا غيتس ان من المشاهد المؤثرة في هذا العمل المتميز تصوير معاناة مايكل انجلو الشاب بسبب عدم قدرته على رسم الخيول وسخريته من مشكلة quot;تقشرquot; الأولوان وسقوطها في لوحة دافنشي quot;العشاء الأخيرquot; واستماعه باهتمام الى افكار دافنشي عن الخلل في تمثال quot;داودquot; الذي نحته مايكل انجلو فأعجب به حتى صرخ به quot;انطقquot;! والأزمة التي نشأت عندما لم تجف جدارية دافنشي كما كان يريد. كل هذا يشحذ مخيلة المشاهد عما إذا كان هذا حدث فعلا.
ومن يريد ان يرى اين حدث كل هذا قبل 500 سنة يستطيع ان يزور قصر بلازو فيتشيو الشهير في فلورنسا حيث توجد القاعة المعروفة الآن باسم صالون دي سينكويسنتو.