1-
لكِ، ليديكِ والشموسُ ترسمُ وجهكِ بلون القمحِ، لضربات قلبك الفوار على حافة الموت والقحطِ، أشراقاتنا، دمدماتنا، أحزاننا السادرة في غياهب الماضي ومخاض اللحظةِ؛ لترابك وعفة نبتهِ، لعصافيره تفك أقفال صمتك، تبدد وجومك الأزلي، للنشيد في فم الصبية أمواج ترتقي وتعلو على حربة القاتل؛ لسهادك وما مخرت بليله الطويل حيتان الخوف والترددِ؛ لخصلات شعرك والطين العالق عبقاً في ظفائره، للحياة تفور وكأنها في لحظة الخلق الأول بين جنباتك، لهديل صوتك في الميادين وللبرق الخاطف يغسل أدران حاضرك، لك قلبي، وشائج أواتره وما يهزه من أغاني في عز الظهيرة.
أحببتُ خطوكِ في ساعة مبكرة، أحببتُ
فمكِ وفصيح نطقك، أحببتُ كل قوس تخطينه
بكحلك
في سماء
العالم.

2-
لتسعفي فمي أنتِ الطالعةِ كالوهج من خلف أهرامات الفراعنةِ؛ لتسعفي عطشي بدلو حبك وبئره الغائر في رمال سناء والربع الخالي، لكي أكون منشدك، وتر في
ربابة عشقك؛ لتسعفي قلقي، رجفتي، صوتي وصرختي أنتِ الطالعةِ من حكمة الفخار، المقدودةِ كجذع النخلةِ، المتمايلة كالسعفةِ، كقصبة من مياه الأهوار والبجع الراقص على حوافي البحيرةِ، تتبرعم في فضاء قلبي وغدده المخفيةِ أغصان الزيتون، الكروم، البلح، الشعير وفضة الذرة؛ لتسعفي سنوات عمري المديد بالتعبِ، في زنزانات الحاكم، في لغيط حراسه وزبد أفواههم الفاغرة على لحم الضحيةِ؛ لتسعفي شرود أفكاري، شحوب طلعتي، صدري الممزق بدخان الندم، عيني الدامعة، ضياع عائلتي؛ لتسعفي رأسي المطأطأِ من الخجل، من حروب فتكت بدجلة وفرات الخالقِ، أنتِ التي طلعت يوماً من خلف تلة أور، سناء شمس،
دلال قمر، مسمارية اللغات، حروف الكتابة، الغرين، ملكة الجنائن المعلقةِ، عجائب الأرض على سواحل بابل؛ لتسعفي ذاكرتي حين التقينا في الرطبةِ والشام ما زالت تربض كالقتيلةِ وراء أفق مدلهمٍ، ماذا سررتِ لي، ما قلتِ، كيف بكيت، ضحكت، أبدلت فستانك الباهر الزينةِ بلون الحداد والعتمةِ.


3-

شوقي واحد
لبنت النيل،
لفتاة من الفرات ودجلة
من الماء إلى الماء،
لساحرة من العاصي، من
بردى البارد،
لنبيذ زحلةِ، لزوارق الصيادين
في طنجةِ،
لحورية المتوسط،
البحر الميت،
الأحمر، لعاشقة من المكلا
لبحيرة طبرية،
لما يجري في تونس من أنهار
لا أعرف اسمائها، لشواطىء البحرين،
لموانىء الله التي حرموني من رأيتها،
للأبحار في صيفها ومراكبها، أو الوقوف
حتى على رمالها، عند ساعة الغروب
كمنشد لرومانسية الشواطىء القادمة
والربيع
الحاضرِ.