صلاح سليمان من المانيا: إنطلقت فعاليات مهرجان quot;الفنون الإفريقيةquot; الذي يجري سنوياً في مدينة فورتسبورج الواقعة في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا في الفترة من 25 إلى 28 مايو، المهرجان يعتبر هو الأكبر في التعريف بالموسيقي والثقافة والفنون الإفريقية في أوروبا.
بدأ المهرجان فعالياته للمرة الأولي قبل 23 عاما، ومنذ ذلك الحين وهو يقام سنويا محققا نجاحات متتالية بالنظر الي رغبة الأوروبيين المتزايدة في التعرف علي الفنون الأفريقية الجذابة ـ لاسيما فن الموسيقي والغناء.
يزور المهرجان سنويا قرابة ال100 ألف زائر، ووفق الإدارة المنظمة فان مدينة فورتسبورج اجتذبت ما يقرب من مليوني زائر لمشاهدة فعاليات ذلك المهرجان منذ بدابته. وتتوقع إدارة المهرجان ان يصل عدد زوار هذا العام الي مئة ألف زائر، خاصة وأن الأحوال الجوية تشهد تحسناً جيداً.
فعاليات المهرجان الموسيقية يشارك فيها فنانون أفارقة أغلبهم من المشاهير، أكثر من 250 من الفنانين الدوليين الأفارقة المعروفين يقومون بإحياء ليالي المهرجان سواء بالغناء الإفريقي أو بعزف الموسيقي الشعبية الإفريقية.
ضيفه شرف المهرجان لهذا العام هي دولة السنغال ودولة جزر الرأس الأخضر، ورغم انهما دولتان جارتان إلا أن هناك اختلافات ثقافية وفنية بينهما كثيرة، لهذا فان الفرصة أمام الزوار كبيرة للتعرف علي فنون هاتين الدولتين الإفريقيتين.
قد تكون السنغال معروفة للكثيرين، لكن الرأس الأخضر تظل دولة مجهولة وهنا تكمن أهمية التعريف بها، فهي تتكون من مجموعة جزر تقع في المحيط الأطلنطي علي بعد 500 كيلومتر من سواحل السنغال، وعرف عنها قديماً أنها كانت مركزا رئيسياً لتجارة العبيد، وهي تتكون من قسمين: جزر جبلية وعرة وجزر سهلية منبسطة، ومناخ الجزر معتدل طوال العام بالنسبة لموقعها البحري. أهم هذه الجزر هي سانتاجو،وهي أكبر الجزر، وبها مدينة برايا العاصمة، ثم جزيرة القديسة ونسانت، وجزيرة سانتا أنتاو، وجزيرة فوجو، وجزيرة نيكولو، وجزيرة مايو، وجزيرة سانتالوسيا،معروف ان هذه الجزر كان البرتغاليون قد إكتشفوها سنة 1460 م، وتشكل هذه الجزر موقعاً ممتازاً في المحيط الأطلنطي ـ لهذا احتلتها البرتغال، ثم استقلت سنة 1975 م.
الموسيقي والغناء في هذه الجزر كما هي في السنغال تعتمد علي علي إيقاعات الرومبا وموسيقي الريجي والبلوز.احد اهم مشاهير الغناء الأفريقي في العالم والمشارك في مهرجان هذا العام هو الفنان quot;سونا جوبارتهquot; الذي يعيش في بريطانيا العظمى وهو يعتبر الأكثر شهرة في الغناء علي آلة quot;الكوراquot; الأفريقية. والكورا من أشهر الآلات الموسيقية الأفريقية وهي تشبه العود وتتكون من 21 وتر، يتم العزف علي احدي عشرة وترباليد اليسري و العشرة الأخري باليد اليمنى، وهذه الآلة شائعة جداً في دول غرب إفريقيا اكثر من غيرها.. وتتميز بها الموسيقي الإفريقية تميزا كبيرا.
من الذين سيقدمون عروضا غنائية وموسيقية بمصاحبة الكورا ايضا الفنانquot;توماني ديباتاquot; من مالي والمغني الكوبي وعازف الجيتارquot;إليادس أوتشواquot; والاثنين يغنيان بمصاحبة فرقة مكونة من 12 شخص وتسمي quot;الافرو كوبيةquot; ويقدمون من خلالها موسيقي مشتركة،تجمع بين الموسيقي الكوبية والموسيقي الأفريقية.

تقدم ايضا النجمة الألمانية quot;اكوتواquot; المعروفة بتنوع أغانيها التي تعتمد بصمة البلاد التي عاشت فيها مثل ألمانيا وغانا وتشاد والكاميرون وفرنسا، عدة أغاني متنوعة تحمل ثقافة البلاد التي عاشت فيها قبل ان تعود للعيش في مسقط رأسها في مدينة هامبورج، وهي معروفة بألبومها الشهير quot;بيبي بلوزquot; الذي تتنوع أغانية ما بين الحب والهجر والسياسة،كما انها معروفة باحاسيسها العالية والمرهفة في الغناء.

الفنانة quot;أنجليك كيدجوquot; من بنين تشارك هي الآخري في المهرجان، وهي تعتبر quot;ماما أفريقياquot; الجديدة، فهي الفنانة التي حملت لواء الفنانة الراحلة quot; ميريام ماكيبا quot; التي كانت تلقب بماما أفريقيا والتي توفيت في عام 2008. كيدجو من ناحيتها تري ان الموسيقي مثل السياسة،فكما أن السياسة يمكنها إعلان الحروب،فان الموسيقي يمكنها إعلان الحرب ايضا ولكن في اتجاه آخر يتمثل في مناهضة الفقر والبؤس والحرمان، وتقول عن ذلك عندما ينطلق صوت الموسيقي عاليا يختفي علي الفور التمييز العنصري في اللون والثقافة والموطن، وتصبح لغة الموسيقي الراقية هي لغة التخاطب وتجميع الناس.
يشارك في المهرجان ايضاً الفنان quot;عمر بينيquot; من السنغال وهو أسطورة من أساطير الغناء الأفريقي،تدعو أغانية دائماً للعمل الجماعي من اجل السلام والبعد عن الحروب والعصبيات.ايضاً يشارك الفنان quot; يوسو ندورquot; الذي يدعو مازحاً أحيانا انه منافس quot;لعمر بينيquot; ولكن في كل الأحوال هو له تأثير قوي على تطور الموسيقى الإفريقية الشعبية وخلطها بالآلات المعروفة مثل الايكورديون، من مدينة آخن الألمانية يشارك ايضاً الفنان quot; سيباستيان شتورم quot;وكان قد فاجأ الجميع في عام 2006، بالبومه الجديد quot; التغيير اللطيفquot;، الذي يذكر بموسيقي السبعينات التي تشبه الي حد كبير موسيقي بوب مارلي. وهو ناجح في أوروبا، واكتسبت اغانية جمهور كبير. تتأثر كثيرا موسيقاه بالموسيقي الكاريبية التي تدخل فيها الريجي .أما آخر مشاهير الفن المشاركات فهي quot;سارة تافاريسquot; من الرأس الأخضر وهي شخصية مشهورة في البرتغال . وقد أشتهرت في سن 16 عاما، عندما فازت في اثنين من مسابقات الأغنية الأكثر أشعبية في البرتغال في ذلك الوقت.
بجوار الفن والموسيقي تقام علي هامش المهرجان عدة معارض، بعضها للصور للتعريف بالثقافة الإفريقية مثل معرض أبناء وبنات الريح وهو مخصص عن البدو الرحل في إفريقيا والبعض الاخر تقوم به جامعة فورتسبورج التي تقيم عدة ندوات للتعريف بالتنوع الثقافي والتطور التاريخي بين ألمانيا والبلدان الأفريقية، كما سيتم تقديم محاضرة في اليوم الاخير عن قبائل الطوارق في مالي والوضع السياسي الراهن وتاثيره علي الطوارق.