عبد الجبار العتابي من بغداد: يواصل الفنان أنس عبد الصمد استعداداته لتقديم عرض مسرحي من خلال الجسد عبر فن (البانتومايم) يحمل عنوان (انتظار.. ايضا.. ايضا) ضمن الموسم المسرحي الحالي، مشيرا الى انه يعمل في هذا الفن الصعب بجهوده الشخصية، مستغربا عدم وجود اي اهتمام به على الرغم من تأكيد ان حوار الجسد اطلق رصاصة الرحمة على الحوار المنطوق.

* ما طبيعة مشاركتكم الاخيرة في مهرجان بتركيا؟
- العمل هو نتاج ورشة مسرحية لمجموعة من الشباب، 20 شابا، بالتعبير الجسدي، تم اختيارهم على اساس قدرتهم وفعاليتهم في المشهد المسرحي للتعبير الجسدي، وتمت مشاركتهم في مهرجان بارتي في تركيا، وهؤلاء لديهم رغبة عالية وتم صقل موهبتهم، في منتصف هذه الورشة تلقيت دعوة لتدريب ممثلين اتراك في نظام الورشة نفسه، فاستعنت بممثلين عراقيين للعمل مع الممثلين الاتراك، وقدمنا عملا هناك وهو بعنوان (حلم في بغداد)، وتعمدت ان يكون هناك فصلان،فصل لممثلين اتراك وفصل لعراقيين، وكنت اقصد ذلك، ليكون هناك مزج، العمل سبق لي ان عرضته في عدد من دول العالم، ولكن التجربة الجديدة هذه المرة هي ان ممثلين اتراك قدموه، والعمل عبارة عن وثيقة مسرحية لمرحلة مرت بها بغداد، وهذا العمل عرض في طوكيو وحصل على جائزة افضل عرض اجنبي.

* وتدريباتكم الجديدة، هل لعرض جديد ام السابق ذاته؟
- بعد ان عدنا الى بغداد، نحن الان نستعد تقديم عمل جديد بعنوان (انتظار.. ايضا وأيضا)، من اخراجي وهو يعتمد على الجسد ومن المؤمل ان يقدم قريبا على منتدى المسرح ضمن الموسم المسرحي الحالي، واعتقد ان الجديد فيه انه يعتمد على الجسد فقط، بل على روح الجسد، وهناك طاقات شابة بالتعبير الجسدي اضفتها للعمل وأتوقع لها مستقبلا جيدا، وهناك رؤى جديدة في هذه المسرحية.

* ما الذي يتناوله العرض؟
- يعمل العرض على فرضية الانتظار، انتظار اللاجدوى، فهناك منتظر وهناك منتظرون، وهل يأتي او لا يأتي، وهذا السؤال سنطرحه على الجمهور من خلال اجسادنا، وبعد ان نعرضه على خشبة المسرح سوف ننتقل الى ازمير التركية لتقديم العمل هناك ضمن ورشة ثم الانتقال به الى تونس وكوريا الجنوبية.

* هل للعمل علاقة بالواقع العراقي؟
- بالطبع، فما نريد ان نقوله في العمل من خلال اجسادنا هو ان تنتظر افضل من ان يأتيك من لا يعطيك ما تريده، اي ان تبقى في حلم الانتظار، فالبقاء في حلم الانتظار افضل من اللاشيء، وكما تعرف ان الانتظار فكرة عالمية ولكن من الممكن ان يأول، فنحن لا نعمل على مرحلة معينة، فالمرحلة زائلة ولكننا نعمل على فكرة انسانية هي الانتظار، انتظار كل شيء ولا نقصد الانتظار السلبي بل الايجابي.

* ما الجديد لك فيه من ناحية الحركات الجسدية؟
- الجديد.. هو ان هناك 15 عنصرا من الشباب والشابات يقدمون الجسد بطرق حديثة جدا، والشيء الاخر على مستوى الاسلوب فنحن سوف لن نقدم (البانتومايم) الكلاسيكي،بل سنقدم الجسد يتكلم ويخاطب المتلقي وستكون هناك استخدامات جديدة للبيت البغدادي الذي هو منتدى المسرح، وانا اتوقع ان العمل سيكون فيه شيئا جديدا.

* هل ما زال فن (البانتومايم) للنخبة فقط؟
- البانتومايم الكلاسيكي.. نعم ما زال للنخبة، ولكننا عرفنا هذا الفخ او اللعبة فحاولنا ان نطور البانتومايم لينسجم مع المرحلة المسرحية والتطور الحاصل في المسرح العالمي، فلدينا جمهور من الاسر ومن الطلبة ومن الجمهور العادي، وهناك رغبة ليدهم لمشاهدة جسد يتكلم، بعد ان ملت اذانهم من سماع ضجيج الحوارات !!، اعتقد ان حوار الجسد يطلق رصاصة الرحمة على الحوار المنطوق.

* اين يمكن ان يجد المشاهد متعته وهو يشاهد اقنعة وظلالا؟
- يستمتع المشاهد بالجهود التي تقدم وبالللغة التي تقدم له والتي تختلف من شخص الى اخر، لان لغة الجسد التي نقدمها تختلف في الرؤى من متلقي الى اخر، بمعنى ان كل شخص يفسرها كما يشاء حالها حال اللوحة التشكيلية، وهذه هي المتعة التي يجدها المشاهد، فأنا لا اقول حوارا منطوقا،انا حين اقول بجسدي (هذا كرسي) يقوم كل متلقي بتأويله، وهذه هي المتعة الحقيقية.

* عملك هذا.. هل لديه علاقة بانتظار غودو؟
- العمل وجه من وجوه الانتظار، اعتقد ان في الاسم له مرجعية (انتظار غودو)، باعتبار انتظار غودو مرجعا للانتظار، ولكن الانتظار التعبيري بالجسد يختلف قليلا، فقد حاولنا تقديم رؤية مغايرة.

* لماذا ليس هنالك انتشار لفن البانتومايم في العراق؟
- هذه مشكلة تقنية بحتة، فقد فوجئت ان هنالك وجوها شابة افضل من الورشة التي قدمتها في اليابان، يمتلكون قدرات افضل من اليابانيين والتوانسة، لكن الخلل هو من يظهر هؤلاء وسط هذا الضجيج الفني والصراعات المؤسساتية، المشكلة هي في معاهد وكليات الفنون الجميلة التي تولي هذا الفن حقه، وهو الفن الذي يمكن ان يكون سفيرنا في الدولى الاجنبية، فعندما نقدم مسرحية بحوار فلا تسمع الا من الجالية العراقية، ولكن عندما اقدم مسرحية جسدية فهذه اللغة مشتركة ومن الممكن ان نخاطب بها الاخر، انا اتمنى ان يكون حضور هذا الفن في العراق كبيرا ومنتشرا.

* من يتحمل هذا الخلل؟
- اولا تتحمله المعاهد والكليات لانها الى الان تستخدم مصادر اكلتها (الارضة) واسماء صدئة، اي انهم يعتمدون على اسماء عالمية صدأت وكلاسيكيات، المعهد والكلية يتحملان العبء الاكبر، فالطالب الان في حيرة، فهو يمتلك الموهبة ولكن من يصقلها له؟، فالمعهد يأخذ منه الكثير ويحيله الى كلاسيكيات قديمة باتت لا تجدي نفعا في الخارج،ثم يأتي الى المؤسسة الثقافية فيجد صعوبة في الدخول اليها اصعب من دخوله اي مكان، فكيف يمكنه ان يقدم جسدا ويخاطب الاخر، انا بصراحة العمل الذي سافرت به الى تركيا كان بجهود شخصية وعلى حسابي الخاص، فلم تحسب لنا وزارة الثقافة الايفاد وتحملته انا وتكلمت في المهرجان على انني موفد من وزارة الثقافة وتحملنا الكثير من الصعاب، ولكن كانت النتيجة مهمة عندنا وهي تقديم مسرح عراقي فنافسنا وحصلنا على جائزتين، وهذه هي الفرحة الكبيرة.