لالة صديق أول إيرانية تحصل على بطولة في سباق السيارات

كان طبيعيا أن تثور ثائرة الأصوليين الإيرانيين أمام مشروع لفيلم عن سيرة حياة أول امرأة في البلاد تشتهر دوليا في مضمار سباق السيارات. لكن المدهش أن صنّاع السينما الإيرانية أنفسهم انضموا اليهم، وأن الطرف المضاد لهذا التحالف الغريب هو الرئيس أحمدي نجاد.


يجد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد نفسه هدفا لهجوم من تحالف غير مألوف لأنه يتشكل من الأصوليين من جهة وصنّاع السينما في البلاد من الجهة الأخرى.

أما السبب الذي وحّد هذين الضدّين في قضية مشتركة فهو موافقة الحكومة على تمويل فيلم عن سيرة حياة لالة صديق. وهذه ليست أول إيرانية تخوض سباق السيارات الرجالي صرفاً في تاريخ البلاد وحسب، وإنما الأولى التي تفوز ببطولته أيضا، وكان هذا في 2005.

وفي حال سير الأمور بدون عوائق، فالمتوقع أن يصدر الإذن بالمضي في مشروع الفيلم الأسبوع المقبل. وسيأتي هذا تتويجا لمحادثات بين الرئيس الإيراني والمخرج - المنتج الأميركي الإيراني، إيسي نِك نجاد، تمت خلال زيارة الأول نيويورك لمخاطبة الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة. وكان الاثنان قد التفيا في حفلة نظمت للقاء الرئيس بـlaquo;صفوةraquo; المهاجرين الإيرانيين الى أميركا، وافق خلاله أحمدي نجاد على فكرة الفيلم وعلى تمويله رسميا.
ودفاعا عن قرار الرئيس، صار موظفو الدولة في قطاع السينما الإيرانية يقولون إن الفيلم، الذي سيسمى laquo;لالةraquo;، يمنح البلاد الفرصة للتصدي للدعاية الغربية التي تصور البلاد باعتبارها رجعية ونساءها ضحايا المجتمع الإسلامي الأصولي الذي يهضم حقوقهن ومواهبهن.

الأميركي - الإيراني إيسي نِك نجاد الدينامو المحرك للفيلم

ووفقا لصحيفة laquo;تليغرافraquo; البريطانية فإن لالة، موضوع الفيلم، في الخامسة والثلاثين من العمر الآن. وحازت شهرة دولية ولقبت laquo;شوماخر الصغيرةraquo; بعدما حولتها انتصاراتها على مضمار السباق الى رمز لاستقلال المرأة الإيرانية. وهذا في مجال يسيطر عليه الرجال بالكامل كما هو الحال في بقية الأنشطة العامة ببلاد تؤول فيها السلطة الى زمرة الملالي حكرا.
لكن تخليد حياتها الساطعة على الشاشة يثير الآن غضب الأصوليين الذين يقولون إن المشروع laquo;محاولة تخريبية لقيم الجمهورية الإسلاميةraquo;. لكن جوهر الخبر هنا هو أن هؤلاء الأصوليين وجدوا حليفا غير متوقع لهم يتمثل في رموز الصناعة السينمائية الإيرانية تشمل إعلاميين بارزين رغم اختلاف الزاوية التي يوجهون انتقاداتهم منها. فهم يستنكرون تخصيص ما يعادل 420 مليون دولار بأكملها ميزانية للفيلم بينما تجاهد أفلام أخرى تستمد مواضيعها من هوية البلاد الوطنية والدينية للحصول حتى على قسم يسير من مبلغ ضخم كهذا.
ويقود حملة الهجوم - نيابة عن الفريقين المتحالفين - حسين شريعة مداري، رئيس تحرير صحيفة laquo;كيهانraquo; التي تُصنّف موالية لخط القائد الأعلى آية الله علي خامنئي. ويقول إن سيناريو الفيلم laquo;إساءة بالغة للمرأة الإيرانية المسلمة، ومحاولة لاسترضاء الرأي الغربي عن إيرانraquo;.

ويتساءل في افتتاحية له على صفحة جريدته الأولى: laquo;هل صارت امرأة تشارك في سباقات السيارات الدولية (لالة) رمزا للنسوة الإيرانيات؟ وهل المشاركة في هذه السباقات هي دليل الحداثة؟ أليس هذا هو بالضبط ما تتمناه أميركا وحلفاؤها لإيران، وألم تضع الثورة الإيرانية حداً لهذه الأماني؟ لماذا ننفق من الخزانة العامة هذه الأموال الطائلة ما يعزز ساعد الأنماط الغربية المخرّبة وأفكاره الفنطازيةraquo;؟
واتهم هذا الرجل البارز في الساحة الإعلامية الإيرانية إيسي نِك نجاد بأنه laquo;يقف وراء طائفة من الأفلام الإباحية في هوليوودraquo;. واستشهد على ذلك بقوله إنه شارك في إنتاج عدد من حلقات مسلسل درامي تلفزيوني بعنوان laquo;مذكرات صاحبة الحذاء الأحمرraquo; الذي بث على تلفزيون الكابل الأميركي في التسعينات واعتبره واقعا في هذه الخانة.
ولكن، من جهته، يقول رئيس هيئة السينما الإيرانية، جواد شامة قادري، إن فيلم laquo;لالةraquo; سيكون laquo;أفضل رد على الدعاية السلبية المعادية لليلاد التي روّجت لها هوليوودraquo; في تصويرها لقصة حقيقية وهي هروب الأميركية - الإيرانية بيتي محمودي من البلاد.

وتقول أنباء صحافية إن القائمين على شؤون السينما في إيران أجروا محادثات مع عدد من شركات الإنتاج الفني في كان الفرنسية وأيضا في كندا من أجل مشاركتها في الفيلم. وقالت هذه الأنباء أيضا إن المسؤولين الإيرانيين قاوموا ضغوطا عالية تهدف لمنح دور لالة صديق نفسها لإحدى شهيرات هوليوود.