عبد الجبار العتابي من بغداد: اكد الفنان طه المشهداني ان على السينمائيين العراقيين ان يعملوا على انتاج الافلام السينمائيين وان كانت قصيرة، وان لم توجد دور عرض سينمائية وان يعرضوا افلامهم في الشارع اذا اقتضت الضرورة كي لا يمنحون اعداء الفن فرصة لتدمير الفن في العراق، مشيرا الى مشاركته في الفيلم السينمائي (العربانة) للمخرج هادي ماهود تجربة مميزة في مسيرته اسعدته وجعلته يحرص على ان تكون للسينما في العراق خطوات جادة.

* انجزت مؤخرا (العربانة)، ماذا تقول عنه؟
- الفيلم روائي قصير، سيناريو واخراج هادي ماهود وتمثيل جمال محمد امين ونجم عذوف وانا، تم تصويره في السماوة والناصرية، كنا نحن الثلاثة في الفيلم الذي اخذ جانبا فنطازيا،واقعيا وسرياليا، وهو يتحدث عن الاحداث التي حدثت في العراق خلال فترة الحرب، فيه اسقاطات على واقعنا المعاش، فيه مشاعر انسانية، وفيه رسالة لابد ان تصل الى المتلقي والى السياسي، واعتقد ان المخرج ما كان يرى العربة هذه مجرد عربة بل لديه فيها ابعاد كثيرة، وكان الفيم تجربة مهمة بالنسبة لي وان شاء الله ينال الفيلم استحسان الجمهور والنقاد، انا تشرفت بالعمل في هذا الفيلم وعرضه الاول في مدينة السماوة من اجل تكريم طاقم العمل من اجل تكريمه من قبل مجلس المحافظة ورئاسة الجامعة هناك.

* ما الشخصية التي جسدتها فيه؟
- شخصيتي فيه شخصية جندي خسر في المعركة، لانه رفض فكرة الحرب لانه يرى انها فكرة مجنونة تؤدي الى الموت فقط، ليس فيها نصر ولا غنائم ولا اي شيء يبعث على الحياة، فرفض فكرة الحرب وخسر نفسه في المعركة التي كان احد الحاضرين في ساحتها،ومن ثم.. انسحب، واثناء انسحابه يمر برجل لديه (عربة) وهو رجل مجنون جامح وهو يحمل على عربته شهيدا ملفوفا بالعلم العراقي الذي طالما لف العديد من شبان العراق ليكون مصيرهم فيما بعد تحت التراب ويخسرهم الوطن، وتدور عجلة هذه العربة التي اكون على ظهرها ومعها تدور عربة الحياة، فيما في داخلي تدور شحنات من العواطف والافكار والصور، بينما صاحب العربة المجنون لا اسمع منه سوى همهمات حارقة، فتمر بنا العربة بالعديد من الامكنة التي تحمل احداثا.

* سبق لك ان كنت جنديا حقيقيا، كيف رسمت صورتك الجديدة؟
- انا لاول مرة اجد نفسي جنديا جميلا في الجيش العراقي !!، ولاول مرة اكون راضيا عن نفسي كأداء وكشخصية جسدتها، هذا الجندي لم يتكلم ولا كلمة، لكن الالم الذي يحمله في داخله والذي كان واضحا في عينيه وعلى ملامح وجهه، وكذلك الانكسار الذي يحمله في نفسه، كان معبرا اكثر من اية كلمة ممكن ان يقولها، هذا الجندي.. مر بمرحلة صعبة للغاية في مفترق طرق فكري بين السلاح الذي يحمله وبين الحياة التي يجب ان يصنعها فقرر ان يرمي السلاح والخوذة والرصاص الذي يحمله ويرجع الى اهله والى حياته الماضية.

* ما الرسالة التي يحملها الفيلم؟
- الفيلم حمل رسالة انسانية اراد اكثر من واحد قولها وهي ان الحرب ليست هي الطريق المؤدي الى السلام، الحب هو طريق الحياة وهو وسيلة السلام في الحياة، اراد ان يقول ان العنف لن يؤدي الا الى العنف وان المحبة والتسامح هما الطريق الى السلام والامن والطمأنينة.

* ليس في بغداد دور عرض، اين من الممكن عرض الفيلم ليشاهده الناس؟
- آه.. من سؤالك هذا.. آه، انه يجعلني اقول نحن للاسف نعيش حاليا في مكان كان يسمى (بغداد) اين هي بغداد الان التي نريدها، لا اعرف بماذا اجيبك حين لا اجد الا الالم في نفسي، يا صديقي.. نحن اصبحت لدينا ثقافة عنف غزت الشارع،ولا بد لنا كفنانين ان نعمل من اجل ازالة هذه الثقافة، وعلينا ان نعمل على ترسيخ الفن في العراق وترسيخ السينما لان هنالك من يسعى الى تدمير الفن وتحطيم السينما والمسرح واي كلمة حب او كلمة فن تقال على ارض بغداد، وللاسف هناك الكثيرون يساهمون في هدم الثقافة العراقية، ومن هنا.. علينا كفنانين ان نحمل اسلحتنا ونواجه هؤلاء، اسلحتنا التي هي الكاميرا والنص والحب والفكر النير ونحارب الجهل والفساد بكل انواعه الاداري منه والاجتماعي، وان لا نقف مكتوفي الايدي ازاء محاولات التدمير هذه، وان ننتج الافلام القصيرة على الاقل ونقوم بخطوات جادة ونقول للناس تعالوا لتشاهدوها.

* اين؟ وليس هنالك دار صالحة للعرض؟
- ليست المشكلة اين نعرض افلامنا، ونحن نعرف انه لا توجد دور عرض صالحة، المهم ان نتواصل في العمل.. حتى لو عرضنا افلامنا في الشارع واذا شاهدها خمسون فردا من المارة،فسوف نعتقد ان هذا يكفينا، نحن لا نريد دورا للعرض مكيفة كي نجلس ونتفرج، الانسان العراقي ليس بحاجة الى دار عرض سينمائية ليذهب اليها وهو خائف، بل بحاجة الى اية لمسة من الفنان العراقي، الى فيلم وان كان قصيرا يشعره بأن هناك من يعمل لاجله، وللاسف اغلب الفنانين العراقيين الان يضعون رجلا على رجل ويتكئون على تاريخهم وماضيهم وعلى كنا وكنا بينما الثفاقة العراقية يذبحها الجهلة.

* ما اصعب مشهد مثلته في هذا الفيلم؟
- بل انه اجمل واصعب مشهد أديته عندما يمرّ رتل القوات الاميركية من جانب العربة التي كنت صاعدا عليها، وحين ادير وجهي، ألتفت الى الرتل، ولا أستطيع ان أرى شيئا، كان هذا الجندي الذي اجسد شخصيته.. لا يريد ان يعيش في ظل احتلال ولا يريد ان يعود الى المعركة ويقاتل، فيقف امام مفترق طرق ولا يعرف ما يفعل، انه مشهد يمثل الكارثة بالنسبة اليه، مثل حالنا الان حين نقف امام مفترق طرق لا نعرف الى اين تؤدي واي واحد منها الافضل، فكانت مشاعره في اعلى درجات حرارتها.