على الرغم من العداء الشديد بين إيران وإسرائيل، إلا أن الفترة الماضية شهدت روايات ايرانية مترجمة إلى العبرية على رفوف المكتبات في الأسواق الإسرائيلية.
جوناثان نداف صاحب إحدى دور النشر الإسرائيلية كان متشككاً إزاء فرص نجاح نشر رواية إيرانية تحمل عنوان quot;عمي نابليونquot; ألفها إراج بيزشك زاد عام 1973 مترجمة إلى اللغة العبرية. ولم تكن شكوكه تتعلق بأن الرواية من الكلاسيكيات الإيرانية الحديثة، أو أن من قامت بترجمتها هي شابة غير معروفة تدعى أورلي نوي، بل كان يخشى من رد فعل الجمهور.
الدافع وراء ترجمة نوي للرواية إلى اللغة العبرية هو أن quot;الإسرائيليين لا يعرفون عن الإيرانيين سوى أن لديهم شارباً ولحية وقنابل نوويةquot; وأرادت أن تغيّر هذه الصورة النمطية في عقولهم وفقاً لصحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot;.
وعملت نوي أيضاً على ترجمة رواية quot;العقيدquot; للمؤلف الإيراني محمود دولة أبادي هذا الأسبوع من جانب quot;دار نشر عوفيدquot; وشركة quot;اكسارغولquot; التي لاقت بدورها استحسان الاسرائيليين.
هاتان الروايتان هما أول الأعمال الأدبية الفارسية التي تظهر بالعبرية، مما فتح ثغرة صغيرة أمام القرّاء الإسرائيليين للتعرف على الثقافة الغنية لإيران الحديثة في وقت لا تتشارك فيه مع إسرائيل سوى بالعنف والخوف.
نوي ولدت فى طهران، وغادرتها مع عائلتها أثناء الثورة الإسلامية في العام 1979، ونشأت في القدس حيث أصبحت ناشطة في اليسار السياسي الإسرائيلي، وتعمل مع المنظمات غير الحكومية من أجل التوصل إلى سلام إسرائيلي-فلسطيني.
وتقول نوي إن عملها كمترجمة هو جزء من نشاطها السياسي وليس من النوع الأدبي، مشيرة إلى أن الترجمة من وجهة نظرها quot;وسيلة لإعطاء عمق للتصور من جانب واحد للإسرائيليين عن إيران، ولمواجهة- ولو بشكل محدود - تشويه صورة الناس كما لو أنهم ليس لديهم ماضٍ أو تاريخ أو ثقافةquot;.
اختارت نوي أفضل الروايات الايرانية لتقدم الصورة الثقافية عن البلاد، فرواية quot;عمي نابليونquot; تسرد الحوادث والمغامرات الجنسية لعائلة من الطبقة العليا يحكمها عم طاغية أثناء احتلال الحلفاء لإيران في الحرب العالمية الثانية. وتم اختيار هذا العنوان نسبة إلى هوس هذا العم بنابليون بونابرت، الذي دفعه إلى تدمير العائلة لكشف المؤامرات البريطانية التي كان يتخيلها.
الكاتب عازار نفيسي يقول إن الرواية هي quot;دليل على تعقيد وحيوية ومرونة الثقافة الإيرانية والمجتمع، فالرواية هي رمز ثقافي، ولها تأثير قوي إلى درجة أن رواية (عمي نابوليون) أصبحت جزءاً من المصطلحات العامية الفارسية كمصطلح للميل الايراني لنظرية المؤامرةquot;.
أما رواية quot;العقيدquot; فتدور أحداثها في الأيام الأولى من الحرب بين إيران والعراق في أعقاب الثورة الإسلامية، وتتبع مصائر أحد ضباط الجيش الشاه وأولاده، وجميعهم - في طرقهم الخاصة- ضحايا تلك الثورة.
وتعتقد نوي أن الروايات تقدم دروساً هامة للقرّاء الإسرائيليين، وتحديداً رواية (العقيد) التي تنتقد أيديولوجيات الثورة الإسلامية، وبالتالي تصلح كنموذج لانتقاد الإسرائيليين لأيديولوجيتهم الصهيونية.
حاجي رام، أستاذ في جامعة بن غوريون في بئر السبع قال إن نجاح رواية quot;العقيدquot; يعود إلى quot;مدى اهتمام الإسرائيليين بثقافة إيرانquot;، معتبراً أن أوجه التشابه بين البلدين هو ما جذب انتباه الإسرائيليين.
quot;ايران كانت تبهر الإسرائيليين وتفتنهم قبل ثورة العام 1979quot;، قال رام، معتبراً أن هناك تعطشاً كبيراً لمعرفة المزيد عن إيران بعيداً عن القضية النووية، أو آيات الله المتعصبينquot;.
التعليقات