بغداد:افتتح على صالة دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة ببغداد المعرض الشخصي الاول للفنان التشكيلي العراقي العالمي جعفر الكاكي الذي حمل عنوان انطلوجيا ( ادراك مالايدرك)، وقد عبر الفنان عن سروره ان يكون معرضه الشخصي الاول في بغداد ضمن نشاطات بغداد عاصمة للثقافة العربية،بعد غربة امتدت الى اكثر من 30 عاما، فيما اثنى العديد من الفنانين والنقاد التشكيليين على هذا المعرض الذي وصفوه بأنه تجربة مميزة وفريدة من نوعها وربما اهم المعارض التي اقيمت داخل العراق، وابدى الكثيرون اعجابهم باللوحات الاربعين التي غطت مساحة القاعة وكان كل ما فيها يدعو الى التأمل والدهشة والمتعة، وهو ما جعل الدكتور جمال العتابي، المدير العام لدائرة الفنون التشكيلية، يؤكد: ان المعرض يعتبر من المعارض المهمة التي اقامتها الوزارة، وانا اعتبر اقامته في بغداد رداً على الاتهامات الموجهة لدائرة الفنون التشكيلة بعدم وجود معارض نوعية، مشيرا الى ان تجربة الفنان جعفر الكاكي هي احدى الاشياء المهمة التي تسعى لها لغة الحوار بين الثقافات والقوميات المختلفة وهي احدى توجهات الوزارة.

وقد تحدث الفنان جعفر الكاكي لـ (ايلاف) عن معرضه قائلا: اشكر وزارة الثقافة لدعمي في اقامة هذا المعرض الذي يضم نماذج من اعمال في حقبات تمتد الى ثلاثين عاما امضيتها في اسبانيا، وهذه نماذج متواضعة وليست كل اعمالي، المعرض يضم 40 لوحة من مختلف مراحل حياتي تشمل الكرافيك وبعض الاعمال المائية، وهو المعرض الشخصي الاول لي في بغداد، لانني كنت في اسبانيا، لكنني اشتركت في معارض جماعية مع جمعية الفنانين التشكيليين، ولديّ مشاركة في متحف الفن الحديث في قاعة كولبنكيان ببغداد، وكنت موظفا حكوميا عام 1978، قبل السفر الى اسبانيا عام 1979، ورجعت الى العراق قبل سنتين.

واضاف: هذه الاربعون لوحة التي اخترتها لتكون معرضي لمناسبة مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية من مراحل متعددة من حياتي، وبالتأكيد هناك ما يميز اللوحات عن بعضها خلال المراحل، فليس من المعقول ان ارسم اللوحة نفسها منذ ان بدأت الى الان، بل انني تطورت كثيرا طوال 30 سنة، تطورت رؤيتي واسلوبي، لكن الاساس هو نفسه، والاحساس نفسه، ولكن برؤية جديدة مختلفة، وحسب اعتقادي ان الجمهور هو الذي يمكنه ان يميز بين لوحة واخرى، ولكنني شخصيا اشعر انني اطور اللغة دائما، اللغة في الاساس واحدة ولكنني اطور وجهة نظر اخرى، يعني تصويرا اخر.

وتابع: في المعرض هناك رسم وكرافيك والوان مائية، لكنني اخترت الكرافيك لان هذا المكان المحدود لا يسمح لي ان اعرض اكثر من 40 لوحة.

الى ذلك كانت هناك العديد من الاراء التي وجدت في معرض الكاكي تجربة مميزة، فقد قال الناقد التشكيلي والفنان صلاح عباس: تعد تجربة الفنان جعفر كاكي من التجارب المميزة في تاريخ الفن التشكيلي العراقي المعاصر ذلك ان الفنان سبق له ان عمل في محترف الفنان الاسباني خوان ميرو وكذلك صدر مؤخرا كتاب في الصين يعده من ابرز مئة فنان كرلفيكي في القرن العشرين، وازاء هذين التلميحين وازاء هذا المعرض المقام في اروقة وزارة الثقافة، فأننا نقول انه فنان بخبرات كبيرة، فنان يتمتع بلغة بصرية حاذقة لانه اشتغل على الفن المشيد على الوعي والثقافة والادراك ويمتلك رؤية خاصة بتفهم الحداثة وما بعد الحداثة، والفنان جعفر كاكي هو فنان كرافيكي من الطراز الاول اشتغل بتقنيات الحفر على الليثغراف وكذلك بتقنيات الحفر على الزنك وباعمال الطبعة الواحدة، وهذا المعرض يعد من ابرز المعارض التي اقيمت على ارض العراق على مدى سنوات طويلة ة، هذا الحصاد الفني الذي نتشرف ونفتخر به جميعا، وهو مبادرة من الفنان اسندتها ودعمتها وزارة الثقافة، وهذا المعرض اضافة حقيقية لانه وضع اسمه ضمن قائمة الفنانين المؤسسين في تاريخ الفن العراقي والعالمي، هذا الفنان كبير بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معنى.

واضاف: الفنان الكاكي يمثل امتدادا،اذا جاز التعبير، للفنان الاسباني خوان ميرو، وكذلك هو امتداد للفن العراقي، لجواد سليم، لشاكر حسن آل سعيد، ولكل روادنا الذين اشتغلوا في منطقة روحانية العمل الفني، في منطقة ابراز جماليات الخطوط والالوان والتراكيب والاشكال، لكن الفنان اشتغل بتقنيات متقدمة، هذا فرق يحسب له.

اما الفنان ناصر الربيعي، رئيس تحرير مجلة باليت التشكيلية، فقال: الفنان جعفر كاكي تجربة غنية وثرة، تمتاز ببعد لوني يأخذك احيانا الى موسيقى من التكوينات اللونية المتداخلة المعبرة بشفافية وحسية عالية، والفنان يترك انطباعاته دائما وخوالجه وتاريخه احيانا بما معروف عنه من غربة وابتعاد عن الوطن لمدة طويلة، عبر سلسلة من اللوحات ذات التكوينات والابعاد والمضامين الحسية اللونية التي توحي بالتعبير والرمزية اكثر مما توحي على سبيل الافتراض بالجماليات المألوفة، انه يبتعد عن نطاق المتعارف عليه باللون، يحاول ان يمزج دائما ما بين الحس الكرافيكي للفنان وما بين خبرته وتجربته الطويلة في التلاعب بمصادره اللونية وادواته وتقنيته، يمتلك جعفر حسا متطورا بالتعامل مع السطح، ويمتلك حسا متطورا في التعامل مع الموضوع والانشاء، الفنان جعفر كاكي خبرة كبيرة وانا اعتبره احد التجارب العراقية المهمة في العصر الحديث.

من جانبه قال شكر باجلان، ناقد وباحث وفنان تشكيلي: انا اعتبر نفسي من زملاء جعفر المتفهمين لاعماله، لانني زميله في الطفولة وفي دراسة الفن، كنا معا في اكاديمية الفنون الجميلة، انا اعتبره من جيل السبعينيات، قضينا فترة في ربوع بغداد خلال مجيئنا لدراسة الفن في بغداد، وانا اعتبر الفنان جعفر من المتميزين في فن الكرافيك، لذلك انا رأيت اعماله في اسبانيا ورأيته مكانه كبيرة هناك في مدريد، جعفر كاكي متفهم جدا لفن الكرافيك وممارس جدا وهذه تتبع ممارسته الاولية لفن التصوير الفوتوغرافي ودراسته لفن الرسم في الاكاديمية على يد اساتذة ممتمرسين كفائق حسن وغالب ناهي استاذ الكرافيك في الاكاديمية ايام السبعينيات.
واضاف: هذا المعرض.. اعتبره من المعارض المتميزة لوزارة الثقافة لمناسبة بغداد عاصمة للثقافة العربية، اتمنى نقل هذا المعرض الى محافظات اخرى، وهناك فكرة لنقل المعرض الى محافظة بابل حيث تتميز هذه المحافظة بسمو ثقافي وفني جميل ومتميز جدا، انا اعتبر لوحات جعفر الكاكي لوحات ما بعد الحداثة،هذا رأيي الشخصي، لانه متميز في ثلاثة اشياء عبر عنها وعمل عليها وهي: اللون والخط والشكل.


الفنان التشكيلي جعفر الكاكي في سطور..

ولد عام 1951 في مدينة خانقين، خريج كلية الفنون الجميلة ببغداد عام 1976 / قسم الرسم، هاجر عام 1979 الى اسبانيا، حصل على شهادة الماجستير في الرسم و فن الحفر و الطباعة من كلية الفنون الجميلة في جامعة مدريد عام 1984، في عام 2005 انجز 10 اعمال فنية لاشعار اودونيس، 2010 اصبح استاذ الرسم و الكرافيك في مقر (سيرانو) للفن و الثقافة،اقام 27 معرضا شخصيا،وفي عام 1986 حصل على جائزة البينالي العالمي الثاني في فن الحفر باليابان،وفي عام 1994 الجائزة الثانية (كارمن اروزينا) / مدريد،وفي عام 1995 حصل على جائزة متحف (جوان ميرو)،وفي عام 1998 نال الجائزة الدولية الثانية (كارمن اروزينا) / مدريد، له مقتنيات في متاحف و معاهد وجمعيات كثيرة، في اسبانيا و ايطاليا والنرويج و المانياو الاردن و المغرب و تونس.