مشكلة الانسان الكبرى، تتمثل بجهله للقوى الالهية الكامنة في اعماقه. فتراه يمضي حياته وهو يبحث عن خلاصه في الوسائل المادية الخارجية: قوته في السلطان، وصحته في الدواء، وسعادته في المال، ولذته في الابدان.. وتنوعه في السفر، وضمانه في العلوم... وهكذا دواليك..
يلهث ويصارع وينافس ويخاطر ويضحي حتى النهاية من اجل الحصول على خلاص صعب المنال. لانه يجهل تلك الحقيقة التي من شدة سطوعها انه لا يراها:
ـ ان خلاصه كامن في اعماقه!!
اسطورة براهما
تحكي اسطورة هندوسية ان البشر في سالف الزمان كانوا اشباه آلهة، يمتلكون القدرة على التحكم بمصائرهم.
ثم أساءوا استخدام سلطانهم، فقرر الاله (براهما) معاقبتهم وحرمانهم منها.
لكن المشكلة كانت: أين يمكن اخفاء هذه الطاقة لكي لا يعثر عليها البشر؟
فاقترح مستشاري الاله أن يخفيها في أعماق الارض، أو في قيعان البحار، أو في رمال الصحاري ومتاهات الجبال..
لكن (براهما) كان دائماً يعترض قائلاً:
ـ أنا أعرف البشر، سوف يجهدون ويحفرون ويغوصون ويغامرون الى أن يعثروا عليها..
وأخيراً بعد جدال وتفكير، قال الاله:
ـ لقد وجدت الحل.. سوف أخفي هذه الطاقة الالهية في أعماق الانسان، بين ثنايا قلبه.
نعم هذا المكان من القرب بحيث لن يخطر إلاّ على بال البشر القريبين مني!
تقول الاسطورة، انه منذ ذلك الوقت ظل الانسان يمضي وقته في البحث الدائم عن هذه الطاقة الالهية، تحت مسميات مختلفة:
السلطان والمال والعظمة والخلاص والشفاء والسعادة.. الخ..
وقد تخطى في بحثه الدؤوب أنحاء الارض ليشمل حتى خفايا الذرات ومجاهيل الفضاءات والكواكب..
لكنه طالما تناسى أن يفتش عنها في أقرب مكان له:
في أعماق ذاته، في قلبه، في ضميره..
العودة الى الذات
اذن يا أخوتي، دعونا نجعل من هذا الربيع الجديد، بداية لعودتنا لذواتنا المنسية وقلوبنا المتعبة.
لا يهم أي كان ايمانك وعقيدتك، المهم أن تكون صادقاً مع نفسك وتثق بها، وتترك قلبك هو الذي يدلك..
حتى الملحد، ليكف عن احتقار ذاته والبشر واعتبارهم مجرد أبدان فانية. ليؤمن على الاقل بطاقة الكون المجهولة.. بلغز العقل الشمولي العظيم..
على اختلاف قناعاتنا، ليشق كل منّا دربه الخاص للعثور على طاقته الالهية المخفية في ذاته المنسية.. على ضميره الالهي الخالد..
جنيف
آذار 2013
http://www.salim.mesopot.com/