إبراهيم علي من&المنامة: في عام 2004 أصدر الباحث والمحاضر الأكاديمي البحريني الدكتور عبدالله المدني كتابا توثيقيا، كان هو الأول من نوعه، عن أول محطة تلفزيونية ناطقة بالعربية في منطقة الخليج، ألا وهي محطة تلفزيون أرامكو من الظهران التي بدأت إرسالها باللونين الأبيض والأسود في السادس عشر من أيلول/سبتمبر 1957 لتدخل بذلك التاريخ كثاني محطة تلفزيونية في منطقة الشرق الأوسط بأسرها من بعد محطة تلفزيون بغداد التي كانت قد بدأت البث قبل ذلك التاريخ بعشرة أشهر تقريبا.
وقد استقبل الجمهور الكتاب في حينه بحفاوة بالغة لفرادة موضوعه، ناهيك عن تعطش الكثيرين من أبناء جيل الخمسينات والستينات من القرن الماضي إلى مؤلف يحكي عن الجهاز الذي ارتبطوا معه بأجمل الذكريات، بل الجهاز الذي لعب دورا محوريا في تشكيل وعيهم وتثقيفهم والترفيه عنهم في زمن كانت فيه نسبة الأمية مرتفعة، ومصادر المعلومات قليلة، ووسائل الترفيه متواضعة ومحدودة.
في شهر سبتمبر الجاري، الذي يصادف مرور أكثر من نصف قرن، على ذلك الحث الذي أحدث إنقلابا هائلا في حياة الناس وأولوياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية البينية ووتيرة برامجهم اليومية قرر د. المدني أن يصدر طبعة جديدة ومنقحة وأكثر شمولية من كتابه المذكور.
يقع الكتاب في طبعته الجديدة الصادرة عن المؤسسة العربية للطباعة والنشر بالمنامة في تسعة فصول ومائة وثمانين صفحة (مقابل ستة فصول وستين صفحة فقط في طبعته القديمة). وقد حرص المؤلف بدءا من صفحة الإهداء، الذي خص بها والدته على تشويق القاريء لمعرفة التداعيات التي رافقت إنتشار أجهرة التلفزيون في مجتمعات شرق المملكة العربية السعودية وما جاورها من مجتمعات خليجية، فكتب قائلا: " إلى أم عبدالله .. التي تحملت بصبر معاناة هروبي المتكرر من المنزل من أجل متعة مشاهدة التلفزيون".
في أسلوب يجمع ما بين السلاسة والبساطة والتشويق يأخذ المؤلف بيد القاريء من فصل إلى آخر عارجا على التطورات التي أدت إلى إختراع التلفزيون، والسيرة الذاتية للرجلين اللذين يتنازعان إختراع هذه الأداة الإعلامية الجماهيرية، قبل أن يتحدث عن تاريخ البث التلفزيوني في عدد من البلدان الغربية والآسيوية والعربية. أما الفصول التالية لذلك فيخصصها المؤلف للحديث المسهب عن الدور التنموي والتوعوي لشركة أرامكو النفطية،& والأسباب التي دفعتها للوقوف خلف فكرة البث التلفزيوني من الظهران، والاستعدادات التي قامت بها لتنفيذ الفكرة، والمشاهد والطرائف والحكايات التي صاحبت تعرف الجمهور المحلي على البث التلفزيوني، ثم ينتقل للحديث عن الكوارد السعودية والخليجية والعربية التي عملت في تلفزيون أرامكو في مجالات تقديم البرامج والإخراج والتصوير والنقل الخارجي والدبلجة. ويختتم بسرد مفصل عن أهم البرامج اليومية والأسبوعية والأفلام والمسلسلات العربية والأمريكية والعروض الرياضية والمسابقات الثقافية وغير ذلك مما عرضته المحطة خلال سنوات إرسالها بالعربية التي توقفت في عام 1970 مع بدء إرسال التلفزيون السعودي الرسمي من الدمام في نوفمبر 1969.