في مبادرة مفاجئة، اجتمع فائق حسن وجواد سليم ونزار سليم واسماعيل الشيخلي وعبد القادر الرسام وفرج عبو وحافظ الدروبي وعطا صبري ومحمد صالح زكي وشاكر حسن ال سعيد وكاظم حيدر وغيرهم في قاعة عشتار للفنون التشكيلية لتكون أعمالهم أمام الجمهور مرة أخرى، فكان مهرجانًا استعاديًا جميلاً.
بغداد: أقامت دائرة الفنون التشكيلية وبالتعاون مع السفارة البريطانية معرضاً بعنوان (فضاءات ملونة للفن العراقي) مخصصاً للأعمال المتحفية التي تم تأهيل إطاراتها الداخلية والخارجية على قاعة عشتار&في مقر&وزارة الثقافة، ضم المعرض أعمالاً متحفية، تم تأهيلها وترميمها مؤخراً، بالتعاون ما بين دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، والسفارة البريطانية في بغداد وجمعية كهرمانة للفنون بعد ان كانت مخزونة بطريقة سيئة وممزقة واطاراتها مكسرة ومهترئة، وقد بلغ عدد الاعمال التي تمت صيانتها 121 عملاً فنيًا للعديد من الفنانين الرواد الذين ابتهج بابداعاتهم الجمهور، وعاد الفنانون والاعلاميون ليعلنوا اعجابهم بتلك اللوحات الخالدة التي شكلت جزءًا من مسيرة الفن التشكيلي العراقي، فوقفوا كثيرًا امام لوحات فائق حسن وجواد سليم وشاكر آل سعيد وغيرهم، وتأملوها باهتمام وعانقت نظراتهم الوانها المميزة وافكارها الجميلة،&وقد عدّ العديد من الحضور هذا المعرض يمثل سفر الفنون التشكيلية في العراق وعلى مدى قرن من الزمان.
&مبادرة مميزة
واعرب الفنان علي الدليمي، مدير المتحف الوطني للفن الحديث، عن فخره بعرض الاعمال، وقال: بعدما تعرض المتحف إلى عمليات نهب وسرقة جميع أعماله الفنية في أثناء الإحتلال الاميركي عام 2003، حاولنا إنتشال ما تبقى من هذه الأعمال، وقد تضررت بنسبة 100% ، حاولنا ترميم بعضها حسب امكانياتنا الفقيرة لعمليات الصيانة، ومنها لا يصلح نهائياً للعرض، ومنها بقيت طوال هذه الفترة من دون إطارات، ومخزونة بشكل لفائف (لفات) مما أضرها أكثر، ورغم مطالبتنا العديدة من وزارة الثقافة بتخصيص مبالغ لصيانتها إلا انها كانت تذهب سدى، وحتى مبالغ (بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013)، لم يخصص ولا دينار واحد للمتحف..وإنما ذهبت للفساد المالي.
&&واضاف: أخيراً قدمت السفارة البريطانية في بغداد، منحة أولية متواضعة لغرض صيانة إطارات اللوحات من الداخل والخارج مع قواعد خشبية للاعمال النحتية.. على أمل أن تُقدم لنا منح أخرى لاكمال ما تبقى.. وفتح دورات للصيانة خارج العراق.
&&وتابع: تم عرض هذه الأعمال في معرض خاص، لغرض إطلاع الجمهور على مصير لوحاتنا الفنية التي لم ترَ النور، بسبب تدميرها من قبل قوات الإحتلال .. واللامبالاة من قبل المسؤولين الطارئين الذين تولوا مسؤولية زمام الثقافة في العراق.. منذ أكثر من ثلاث عشرة سنة.. وقد تكون أهمية هذه المبادرة، هي بداية للانفتاح على المنظمات الثقافية والإنسانية، في الدول الصديقة، لمد يد العون لنا.
وفي ختام حديثه، دعا الدليمي المواطنين كافة ممن يمتلكون أعمالاً متحفية الى اعادتها.. بعيداً عن الاجراءات القانونية، بل سيقابل بالترحيب والشكر والتقدير وأبوابنا مفتوحة أمامهم وقد تم تكريم المواطنين الذين أعادوا أعمالاً متحفية كانت قد سرقت، بعد شرائها من الأسواق.
انجاز مهم
من جهتها، اعربت الفنانة التشكيلية زينب الركابي عن سرورها بما تحقق عادةً اياه انجازًا مهمًا، وقالت: كان يوماً خاصًا ومميزًا لدائرة الفنون التشكيلية و للمتحف الوطني للفن الحديث بعرض 100 عمل فني متحفي بين (رسم ونحت وتخطيطات ) لمجموعة من الفنانين التشكيلين المهمين في الحركة التشكيلية العراقية ابتداء من جيل الرواد كالفنان عبد القادر الرسام والفنان فرج عبو والفنان حافظ الدروبي والفنان عطا صبري وآخرين من اهم الفنانين .
&واضافت: مضت عدة سنوات وهذه الاعمال محبوسة في مخزن الاعمال الفنية، لم نكن قادرين على عرضها اولاً لعدم وجود قاعات عرض تكفي لعرضه، وثانيا لعدم وجود امكانيات مادية لتأهيلها وصيانتها وذلك لقلة الامكانيات المادية لدائرة الفنون التشكيلية واليوم اتيحت لنا الفرصة و حصلنا على دعم مادي من السفارة البريطانية في بغداد، فقمنا بتأهيل الاطارات الداخلية والخارجية لهذه الاعمال وعمل قواعد لاعمال نحتية وتأطير واضافة زجاج للاعمال الورقية، انها بحق انجاز مهم لدائرة الفنون اتمنّا أن تكون البداية لمبادرات اكبر.
سابقة غير معهودة
الى ذلك، اكد الناقد التشكيلي صلاح عباس، رئيس تحرير مجلة تشكيل، هذا المعرض يمثل سفر الفنون التشكيلية في العراق وعلى مدى قرن من الزمان، وقال: يعد معرض المقتنيات المتحفية العائدة للمتحف الوطني للفن الحديث، سابقة غير معهودة منذ سنة 2003 وتتأتى اهميته، من كونه يعرض اهم الاعمال التي تمثل كنوز المتحف، ولابرز الاسماء الريادية، امثال:& عبد القادر رسام، ومحمد صالح زكي، وحافظ الدروبي وشاكر حسن ال سعيد وكاظم حيدر والكثير من فناني الرعيلين الاول والثاني، والجيل الذي لحق بعدهم.
وأضاف: أن هذا المعرض يمثل سفر الفنون التشكيلية في العراق وعلى مدى قرن من الزمان، بالوقت نفسه، مثّل هذا المعرض تلاقيًا مميزًا للاجيال الفنية المختلفة، ولكننا نرى بأن الشأن الاداري وصيغ الاشراف على المعرص كانت ضعيفة جدًا، ولا ترقى لمستوى الفنون المعروضة، وذلك يلزم خبرات تخصصية وتفهمًا لأهمية مثل هذه العروض الفنية، فالاعمال المشاركة عرضت كما هي من دون اجراءات الصيانة ثم ان مثل هذا المعرض الهام يلزم طباعة دليل فني مميز من شأنه التوثيق للاعمال المعرضة بشكل رسمي وتأكيد اصالتها، وللاسف الشديد فإن هذا المعرض سيمر مرور الكرام وستطوى صفحته بسرعة لأن أي وثيقة رسمية لم تصدر في حينه.
&وتابع: من هذا المنبر أدعو القائمين على ادارة المعرض، ووزارة الثقافة لإعادة النظر بسبل العروض الفنية الهامة والاعداد لها بشكل علمي لكي يتسنى للمعنيين بالفنون التشكيلية العراقية فرض الاطلاع والارشفة لاسيما اذا تذكرنا بأن فنوننا العراقية تعرضت لابشع عمليات انتهاك وتدمير بعد سنة 2003، ولذا ينبغي النظر بعيون حريصة والاعتماد على ذوي الخبرات وعدم التهاون واستسهال امور العرض التشكيلي، والاجدر أن يطبع كتاب فني يستوفي كل هذه المعروضات.
التعليقات