إيلاف من الصويرة: احتضن فضاء العرض بـ"برج باب مراكش" التاريخي، على هامش الدورة 25 لمهرجان "كناوةوموسيقى العالم"، معرضا تشكيليا، تحت عنوان "نور وحركة في التنوع"، يضم أحدث مقتنيات وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ضمن برنامج الدعم المخصص للفنون التشكيلية والبصرية للفترةما بين 2020 و2023.

وتقول الوزارة إن هذا المعرض يتيح، من جهة، إعطاء فكرة عن تنوع وغنى المجموعة الفنية التي اقتنتها، وعرض بانوراما واسعة عن الإنتاج الفني الوطني الحالي، من جهة ثانية.

وتطمح الوزارة، من خلال هذه المبادرة، إلى الكشف عن الفنانين التشكيليين المغاربة الشباب وتشجيعهم ومواكبتهم، مع تعزيز وإغناء المجموعة الأولية من خلال إضافة أعمال ذات أهمية خاصة، باعتماد مبادئ ومعايير اقتناء تحترم التراث الغني المنبثق من المدارس الوطنية وترعى الإكراهات والاهتمامات الفنية الآنية.


من أعمال المعرض

وترى الوزارة أن هذا المعرض يشكل مناسبة لتسليط الضوء على مجموعتها من الفن المعاصر، ووسيلة للسماح للجمهور باكتشاف جوانب معينة من المشهد الفني الشاب، المكونة من فنانين خريجي مدرستي الدار البيضاء وتطوان، وآخرين ينتمون إلى مختلف التيارات التي تعرفها البلاد.

وتعود الأعمال المعروضة إلى 40 فنانا أكدوا موهبتهم، هم محمد مالي، وفؤاد معزوز، ومحسن طرار، والميلودي ستيرة، وحمزة امحيمدات، وجعفر عاقيل، ونور الدين الغماري، والطيب نضيف، وحسن نديم، ومحمد غزولة، ومحمد الحافيظي، ومحمد تايرت، ورضا بودينة، ونور الدين الأحرش، ومحمد غزولة، وإشراق بوعود، ورشيد زايد، ونافع بن كريش، ومحمد نوجمي، وعبد الهادي مريد، وومنير دحان، ونور الدين نوري، ونور الدين ورحيم، وسليمان الدريسي، واسليمان احندوز، وأحمد الدياني، وعصام الدين الورداسي، ووفاء التازي، وعبد المالك بومليك، ومحمد قنيبو، وأحمد الأمين، وحياة قادري حسني، وسعيد ازرايب، وعبد العزيز الغراز، ومحمد بابة، وفيصل ابن كيران، وعبد العزيز كوتار، وسعيد الرازي، والصديق راشدي ومحمد الفرقشي.


لوحة من المعرض

وبين اللوحات ذات الأنماط والأساليب المختلفة والصور الفوتوغرافية والمنشآت المبتكرة، تشكل الأعمال المعروضة، التي يُكشف عن بعضها لأول مرة في هذا المعرض، دعوة لاكتشاف الأساليب والإبداعات التشكيلية والالتزام الفني الذي يطبع المشهد الحالي بالمغرب.

ومما زاد من قيمة تقديم هذه اللوحات أن يتم عرضها بفضاء العرض ببناية "برج باب مراكش"، الذي يعد من بين أفضل أماكن العرض الفني بالمغرب، سواء لجهة قيمته التاريخية، أو لهندسته التي تتضمن قاعات متفرقة، تبرز قيمة ما يعرض، بشكل يجعله يلعب دورا مهما في تقديم بهي لأعمال العارضين.

وتشكل هذه البناية، التي ترجع، حسب عدد من الكتابات التاريخية، إلى القرن الـ18، والتي تبرز الغنى التاريخي والحضاري لمدينة الصويرة، تحفة تاريخية بقيمة فنية تجعل الزائر يجمع بين بهاء المعمار الفريد لمكان العرض، وما يتم عرضه فيه من أعمال تشكيلية.

ويعد البرج واحدا من الحصون الدفاعية المهمة التي شُيِّدت لحماية المدينة والميناء من أي هجوم من الشرق والجنوب الشرقي، لذلك تم تدعيمه، وقتها، بعشرات المدافع. ويبلغ قطر البرج 35 مترا، فيما تصل مساحته إلى 980 مترا مربعا، كما يمكن أن يكون وُظّف لتخزين المؤن والأسلحة، وهو يتميز بالصلابة والمتانة، إذ بُني بالحجارة المنجورة، وهي التقنية الأوروبية المستعملة في كامل البنايات الأثرية بالمدينة، كما يتوزعه مدخل بممرين متعرجين متناظرين يفضيان إلى السطح، حيث توجد 3 قباب.


من الأعمال المعروضة

ونقرأ في وثيقة تقديمية، تعود لوزارة الثقافة المغربية، معلقة في مدخل البناية، أننا إذا أخذنا بعين الاعتبار التواريخ التي دونت على شواهد القبور، فقد تم تشييد البرج على عهد السلطان مولاي عبد الرحمن، سنة 1846. أي بعد عامين من الحصار والقصف الذي عرفته مدينة الصويرة من طرف "دي جوانفيل"؛وهو الهجوم الذي وقع بالتزامن مع معركة "إيسلي"، في شرق المغرب، التي جرت يوم 14 أغسطس 1844، وانتهت بانتصار الفرنسيين وفرضهم شروطا قاسية على المغرب، أهمها اقتطاع فرنسا لبعض الأراضي المغربية، وفرضها غرامة مالية على المغرب، ومنعها المغاربة من تقديم الدعم للجزائر، كما اشتهرت، في كتب التاريخ، باتفاقية "للا مغنية"، وقد وقّعت سنة 1845.

ولكن، وطبقا للنقوش وخطاطات عدد من المهندسين والطوبوغرافيين الأوروبيين، فإن هذا البرج كان موجودا خلال فترة حكم السلطان سيدي محمد بن عبد الله، مؤسس المدينة، والذي حكم المغرب ما بين 1757 و1790.

وعرف هذا البرج، الذي أصبح فضاء ثقافيا، بعدما كان حصنا عسكريا، تحولات كثيرة على مدى التاريخ الحديث للمغرب، حيث استُخدم مربطا لخيول جنود الاحتلال الفرنسي بالمدينة، قبل أن يتم التخلي عنه خلال خمسينيات القرن الماضي، ليخصص، خلال العقدين الأخيرين من القرن نفسه، لاحتضان بعض التظاهرات الفنية والحرفية.

وعرفت البناية تحولا مهما، خاصة سنة 2007، حيث تم ترميمها وإعادة تأهيلها من طرف وزارة الثقافة، وذلك بناء على طلب فنانين وفاعلين ثقافيين وجمعيات بالمدينة.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) قد اهتمت بالصويرة وأولتها عناية كبرى، خاصة فيما يتعلق بترميم جدرانها وبناياتها التاريخية، وبينها "برج باب مراكش". ونقرأ في نصب تذكاري يتوسط المدينة: "بناء على الاتفاقية المتعلقة بحماية التراث الثقافي العالمي تم تسجيل المدينة التاريخية للصويرة ضمن لائحة التراث العالمي. إن هذا التصنيف يرسخ القيمة العالمية الاستثنائية لهذا الإرث الثقافي، وذلك حفاظا عليه لفائدة الإنسانية جمعاء. الصويرة نموذج استثنائي لمدينة مُحصّنة من القرن الـ 18 بُنيت بشمال أفريقيا وفق مقاييس الهندسة العسكرية الأوروبية المعروفة في تلك الفترة، ومنذ إنشائها، ظلت المدينة ميناء تجاريا دوليا متميزا يربط المغرب والمناطق الصحراوية المجاورة بأوروبا وباقي بقاع العالم".