إيلاف من الرباط: تحت عنوان "الاحتفاء بقيم العيش المشترك والإصرار على مواصلة استحضار الماضي المشرق"، تحتضن مدينة الصويرة المغربية، ما بين 31 أكتوبر الجاري والثاني من نوفمبر المقبل، فعاليات "مهرجان أندلسيات أطلسية"، في دورته الـ 19.

وتقول "جمعية الصويرة موغادور" إن المهرجان، الذي رأى النور في 2003، نادراً ما كان منتظرا كما هو الحال في دورة هذه السنة؛ لأن أنفاس وأنوار تراث الحضارة الأندلسية، التي "رعاها وصاغها أبناء إبراهيم" عليه السلام، "هي بالنسبة لكل واحد منا، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، أثمن إرث مترسخ، طامن الشرعية الغنية لتنوعنا، المتجذر في كونية نفس الحقوق، التي يتقاسمها الجميع على قدم المساواة".

بالنسبة لدورة هذا العام، التي يقول عنها المنظمون إنها ستكون"مليئة بالوعود"، سيجتمع أكثر من 100 موسيقي ومغنٍ وراقص في "مدينة الرياح"؛ قادمين من طنجة والرباط والصويرة، ومن إشبيلية والجزيرة الخضراء وسرقسطة وباريس وأمستردام، لقضاء أسبوعين من الحفلات الموسيقية الأصيلة، في مدينة هي بيتهم، لتقديم موسيقى، من هنا وهناك، لها جمالها المعبر عن مواهب أصحابها، تقدر الآخر مع إيلائه المكانة الرفيعة التي يستحقها.

وسيكون "الفلامنكو" على موعد مع عروض يومية، مع عودة المتألقة ليونور ليال، تحت قيادة المايسترو عمر المتيوي وفرقته الموسيقية "روافد" من طنجة. وعلى نفس المنوال، ولأول مرة، سيقف خوسيه ماري بانديرا، على خشبة "دار الصويري" في ثنائي مع المبدع على آلة البيانو، الإشبيلي دييغو أمادور.

كما سيكون الموعد مع الفلامنكو مرة أخرى من خلال المغني فيسنتي جيلو، الذي سينضم إلى جلال شقارة وموسيقييه على خشبة المسرح في "دار الصويري"، في عمل موسيقي يهودي - عربي - أندلسي يُقدم لأول مرة في المغرب.

من مهرجان أندلسيات بالصويرة

وفي تطريز فني آخر يجسد ثراء فن "المطروز"، سيأتي حفل "دوس مدينا بلانكاس"، في شكل رحلة مستوحاة من أعمال ابن باجة (1080م _ 1138م)، مع الاستماع إلى موشح "لمَّا بدا يَتثنّى"، من أداء الفنانة المغربية نبيلة معن، التي ستنضم إليها كارمن باريز، من سرقسطة، مسقط رأس العالم والفيلسوف الأندلسي.

كما تبرمج الدورة منتديات صباحية في "بيت الذاكرة"، لمناقشة "أهمية الرابطة، أهمية المكان"، فضلا عن حفلات موسيقية، كل مساء وبعد منتصف الليل، في "دار الصويري" و"قاعة المسيرة"، حيث ستعطي أندلسيات الصويرة مكان الصدارة لاثنتين من أكثر المغنيات رمزية في الصويرة، في استعادة جميلة لأجمل الصفحات من ريبرتوار فن "الشكوري". كما سيكون الموعد مع حدث فني آخر يميز دورة هذا العام، يتمثل في اللقاء الذي تخصصه الأوركسترا الأندلسية بأمستردام لنجمة الصويرة الصاعدة المْعلمة هند النعيرة.


دورات سابقة لمهرجان اندلسيات بالصويرة

ويعيد وصول مهرجان "أندلسيات أطلسية" إلى محطته الـ19، تركيز الحديث على قيمة العمل المنجز والأهداف من تنظيم تظاهرة، ببعد ثقافي وفني، تحتفي بالتعدد والتنوع والتسامح والتعايش بين الديانات والثقافات، سواء عبر مد الجسور بين فضاء جغرافي عريض يضم البحر الأبيض المتوسط، ويمتد حتى الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي، والذي يشكل الإرث الأندلسي الرابط الذي يجمع بين مكوناته، أو التشديد على أهمية الاحتفال بالذاكرة ونقل التراث ضمن ثقافة الاختلاف، والتعبير بصوت واحد عن غنى وعمق المغرب المتعدد، الذي يتفاعل، في انسجام، على أنغام موحدة لموسيقى بلا حدود.

من الدورات السابقة لمهرجان الصويرة

وأخذاً بعين الاعتبار أهداف المهرجان، والتي يبقى على رأسها توثيق أواصر العلاقات التاريخية العربية الإسلامية اليهودية، فإنه يحسب للتظاهرة أنها استطاعت أن تبرز نموذجاً فنياً، غنياً ومتفرداً ومتنوعاً، في ماضيه، يمنح مدينة الصويرة، في الوقت الحاضر، فرصة استعادة واستحضار تلاقح ثقافي أثرى لحظات مهمة من تاريخ منطقة الغرب الإسلامي، أو، كما يقول إندري أزولاي ، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس المؤسس لـ"جمعية الصويرة موغادور": "إنعاش الذاكرة واسترجاع نفحات حضارية مشرقة من فترات التعايش والتمازج الثقافي، بدل الصور الكارثية التي أصبحت تتصدر وسائل الإعلام".