إيلاف من الرباط:تسلم الشاعر البحريني قاسم حداد،أخيراً ، في الرباط، "جائزة الأركانة العالمية للشعر"، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير،ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، باعتبارها "جائزة للصداقة الشعرية،يقدّمها المغاربة لشاعر يتميّز بتجربة في الحقل الشعري الإنساني ويدافعُ عن قِيم الحرية والاختلاف والسلم".
وتميز حفل تسليم الجائزة لسنة 2024، في دورتها الـ 17، بحضور نوعي رفيع، بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية. وأعقبت مراسم تسليم الجائزة، قراءة شعرية من طرف الشاعر البحريني.
قيم الوفاء
قال مراد القادري، رئيس بيت الشعر في المغرب، إنهم يعتزون بأن يكون اسم قاسم حداد ضمن سجلات الجائزة إلى جانب عدد من شعراء العالم، ممن "اقتسموا معه قيم الوفاء للكتابة والاستجابة لنداءاتها".
قاسم حداد يلقي كلمته بالمناسبة
وشدد القادري على أن "الأركانة" ستواصل الإنصات المرهف إلى الشعر في لحظة قدومه من غابات الدهشة، والانتصار للمشترك الإنساني، وذلك من منطلق الإيمان بـ"جدوى الشعر وحاجة البشرية، منذ صرختها الأولى وحتى شهقتها الأخيرة إليه، ليعينها على احتمال العالم وقبوله".
من رموز البحرين
قال حسن نجمي،الأمين العام للجائزة،إن حداد "نسج صداقات مع الوسط الشعري والثقافي المغربي، وله أصدقاء كثر من مختلف الأجيال،تبادل معهم روح الصداقة والألفة،وهو نابع أيضا من صفاء صلصال الشاعر الجميل،الذي دافع عن الحرية في بلده، وصار رمزا من رموز البحرين؛حيث يمثل صوتا مختلفا، مغايرا،وممن جددوا القصيدة والكتابة، شعرية ونثرية أيضا"؛ كما أنه يبقى"من الشعراء الأفذاذ الذين لا نبقى بعد قراءة شعرهم، كما كنا من قبل، يفتحون كوة على البهاء، ويملؤون كياننا بالدهشة. ولا تكتمل خريطة كبار الشعراء الكبار العرب دونه".
فرح إنساني
قال محمد الكيماخ، المدير التنفيذي لمؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، إن هذه اللحظة الثقافية تهدف إلى تكريم التجارب الشعرية المغربية والعربية الدولية، التي تنتصر للجمال وللدهشة، فيما تصنع الفرح الإنساني الذي يحققه الشعر والشعراء، ويرعاه العشاق والمحتضنون والمهتمون بهذا اللون الأدبي.
جانب من حفل تسليم الجائزة
وأضاف أن دورة هذه السنة، تكرم شاعرا كبيرا، من دولة شقيقة، هي "البحرين، التي يجمعنا بها تاريخ واحترام".
الكتابة بحرية
في كلمة بمناسبة تتويجه بالجائزة، قال قاسم حداد إن الشعر يمثل حريته الوحيدة والأخيرة، وذلك "في وقت تحاصر هذه الحرية وتصادَر من شعوب العالم". ومن هذه الحقيقة، يضيف حداد،"أعتقد بالكتابة من قبل الشخص، في هذا الجحيم المتفاقم في واقعنا الإنساني، فالعدو من أمامنا، والحاكم العالمي فوقنا وفي ظهرنا، في واقع إنساني لا يكترث ولا يرحم".
وعبر حداد عن امتنانه للجنة التحكيم، التي قال إنها "وضعت ثقتها في التجربة الشعرية العربية الجديدة التي أزعم الاتصال بها"، وتمنى من شعراء العالم "الكتابة بحرية وجمال، بمعزل عن السلطات والذائقة العامة".
علامة مضيئة
اعتبرت لجنة تحكيم الجائزة أن حداد "علامةٌ مضيئة في سجّل الشعر العربي والإنساني"، أسفر مُنجزه الإبداعي، الذي يمتدُّ منذ سبعينيات القرن الماضي إلى اليوم، عن أزيد من أربعين ديوانا وكتابا، عِلاوة على حضورٍ وازن في الحياة الثقافية والأدبية كمشاركته في تأسيس "أسرة الأدباء والكتاب في البحرين" سنة 1969، وإنشاء موقع" جهة الشعر"، وخوض عدد من التجارب الإبداعية المشتركة مع كتاب وشعراء وفنانين، اقتسم معهم "الحاجة إلى الذهاب إلى الشعر بأعناق محرّرة".
وإضافة إلى عبد الحميد بن الفاروق، ضمت لجنة تحكيم الجائزة في دورتها الـ 17، كلا من الشاعرة وفاء العمراني، والكاتب والصحفي المصري سيد محمود، والشاعر نجيب خداري، والشاعر منير السرحاني، فضلا عن الشاعر حسن نجمي، الأمين العام للجائزة.
سيرة ومنجز
يعد حداد من أبرز وجوه الشعرية العربية، صدرت له أعمال عديدة، منها "البشارة" (1970)، و"خروج رأس الحُسين مِن المُدن الخائنة" (1972)، و"الدّم الثاني" (1975)، و"قلبُ الحُبّ" (1980)،و"القيامة" (1980)، و"شظايا" (1981) و"انتماءات" (1982)، و"النهروان" (1988) و"يمشي مخفورًا بالوعول" (1990) و"عُزلة الملكات" (1992)، و"أخبار مجنون ليلى"، بالاشتراك مع الفنّان ضياء العزاوي (1996)، و"قبر قاسم" (1997)، و"علاج المسافة" (2000)، و"أيقظَتْني الساحرة" (2004)، و"لستُ ضيفًا على أحد' (2007)، و"طرفة بن الوردة" (2008)، و"ثلاثون بحرًا للغرَق" (2017) و"المنسيات، منسيات الآلهة" (2023).
وبمُوَازاة مع كتابته الشّعريّة، لم يكف حداد خلال مساره الشعري الكثيف والخصب، عن التقاطِ ما يَفيضُ عن كتابةِ القصيدة، وإخضاعِه للتّأمُّلِ الفكريّ، عبْرَ سلسلة مِن المقالات والكُتب النّقديّة.
وسبق أن فاز بالجائزة أربعة شعراء مغاربة، هم: محمد السرغيني (2005) والطاهر بن جلون (2010) ومحمد بنطلحة (2016) ومحمد الأشعري (2022)، و12 من الشعراء العرب والعالميين: الصيني بي داو (2003)، والفلسطيني محمود درويش (2008)، والعراقي سعدي يوسف (2009)، والأميركية مارلين هاكر (2011)، والإسباني أنطونيو غامونيدا (2012)، والفرنسي إيف بونفوا (2013)، والبرتغالي نونو جوديس (2014)، والألماني فولكر براون (2015)، والنيجري محمدين خواد (2017)، واللبناني وديع سعادة (2018)، والأميركي تشارلز سيميك (2019) والإيطالي جوزيبي كونتي (2022).
الأركانة
أحدثت "جائزة الأركانة العالمية للشعر" من طرف "بيت الشعر في المغرب"، عام 2002، واستوحت اسمها من شجرة "الأركان" الشهيرة، التي لا تنبت إلا في المغرب.وتبلغ القيمة المادية للجائزة 12 ألف دولار،وتُمنح مصحوبة بدرع الجائزة وشهادتها إلى الشاعر الفائز.
التعليقات