محمد الطويل رائد الحداثة في الادارة السعودية يتذكر
ايلاف
quot;لا أتصور نفسي مرتاحاً، فقد تعودت على العمل بشكل مستمر حتى إنني أسأم يوم الجمعة!quot;هكذا انهى محمد الطويل المدير السابق لمعهد الإدارة العامة السعودي مقابلة اجراها معه الصحافي محمد السيف التي نشرت في ثلاث حلقات في صحيفة الاقتصادية السعودية، الطويل غاب تماما عن الاعلام و المقابلات على الرغم من انهمن أبرز خبراء الإدارة، علىالمستوى القاري والدولي، مارس العمل الإداري منذ يفاعته، موظفاً ودارساً للإدارة وباحثاً ومحاضراً ومدرباً ومشرفاً على أكبر مشروع لتدريب وتأهيل موظفي الدولة. توّج الطويل خبرته الإدارية بعضويته في عدد من المنظمات والجمعيات المحلية والعربية والدولية، فهو رئيس اللجنة التحضيرية للإصلاح الإداري في السعودية، ورئيس المنظمة العربية للعلوم الإدارية، وأول رئيس من خارج أمريكا وأوروبا للاتحاد الدولي للإدارة. كما عمل نائباً لرئيس الاتحاد الدولي للعلوم الإدارية ونائباً لرئيس اتحاد مدارس ومعاهد الإدارة على مستوى منطقة الشرق الأوسط. وطيلة هذه العقود الإدارية الخمسة، ظلّ الطويل صامتاً، عازفاً عن الإعلام، الأمر الذي حيَّر الكثيرين، الذين يودون معرفة شيء من سيرته ومسيرته، بما فيها من إنجازات وإخفاقات.
من شقراء الى معقب في الرياض
ولد محمد الطويل عام 1942 في شقراء، في ظل بيئة دينية، شديدة المحافظة، عمل اباه جمالا، ألحقه والده بـ quot;الكتاتيبquot; فدرس على يد المعلّم عبد العزيز بن حنطي، ثم التحق بالمدرسة السعودية الابتدائية، الوحيدة آنذاك، وكان من زملائه في المدرسة الابتدائية الدكتور عبد الرحمن الجماز، مستشار وزير الداخلية، والدكتور عمر العبد الكريم، وكيل سابق في وزارة المعارف، واهم معلميه الشيخ عبد الله بن منيع، عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ عبد العزيز المقرن والشاعر عبد الرحمن العبد الكريم، مدير المدرسة آنذاك، والشيخ عمر آل مترك، المستشار في الديوان الملكي، وبعد أن أنهىالدراسة الابتدائية، غادر مدينته شقراء إلى الرياض، حيثوجد نفسه في ردهات معهد الرياض العلمي، كأحد طلابه. هذا المعهد الذي لم يكن يمثل طموحه ورغباته وآماله، كما يقول! لكنه أرجع سبب انضمامه إلى هذا المعهد الديني، كونه صغير السن، إذ اعتقد آنذاك أن المعهد العلمي هو الأفضل نحو تأسيس مستقبله، ولا ينس الدور الذي لعبته المكافأة التي يتقاضها الطالب، والبالغة 300 ريال، فهي مغرية جداً. وحيثُ أنه وجد أن الدراسة في المعهد لن تحقق له طموحاته المستقبلية، فقد قرّر أن يدرس في الفترة المسائية في ثانوية اليمامة، إضافة إلى دراسته الصباحية في معهد الرياض العلمي، وبعد فترة، طوى صفحة المعهد، بعد أن أوقف دراسته فيه، وواصل في ثانوية اليمامة الليلية، التي حصل على شهادتها عام 1963.
نتيجةًلاستقلاليتهالمُبكرة انخرط محمد الطويل، في سن مبكرة في العمل الحكومي، حيثُ عمل وهو لم يبلغ سن الـ 16 عاماً، حينما قرأ إعلاناً عن وظيفة quot;مُعقّبquot; في إمارة منطقة الرياض، فتقدم مع مجموعة من المتقدمين، ونجح في أول وظيفة إدارية يتسنمها والتي ستقوده، لاحقاً، ليكون المسؤول الأول عن تدريب وتأهيل موظفي الدولة، بما فيهم أولئك الذين أجروا له امتحاناً على وظيفة quot;معقّبquot;!
ويروي محمد الطويل قصة طريفة بشأن تعيينه وزملائه في إمارة الرياض، حيثُ تم تعيينهم على المرتبة الثامنة، المعادلة حالياً للثانية، وبعد أربعة أشهر، قيل لهم أن ثمّة خطأ في التعيين، وأن وظائفهم لن تكون على الثامنة بل على التاسعة! المعادلة للمرتبة الأولى. وبعد أن تم إنزالهم إلى المرتبة التاسعة، غادر محمد الطويل الإمارة إلى وزارة المالية والاقتصاد، بعد ستة أشهر من العمل، ثم انتقل إلى مصلحة الإحصاءات العامة، لينتقل بعد ذلك موظفاً في معهد الإدارة العامة، وهو لا يزالُ طالباً في الصف الثالث ثانوي! ومنذُ ذلك الحين، بدأت قصة محمد الطويل مع معهد الإدارة العامة، وهي قصة طويلة ومُثيرة، إذ نشأ في ردهات المعهد وتعلّم في إداراته وأقسامه، وواصل دراساته في الخارج مبتعثاً منه، وعاد إليه ليدير دفته، كما سيتضح لاحقاً.
تخرج محمد الطويل في ثانوية اليمامة الليلية، وكان قد تخرج معه زميله في المعهد صالح العمير، نائب وزير المالية السابق، ولأنه يعمل في معهد الإدارة العامة، مساعداً لمدير الشؤون المالية، فقد قرّر الانتساب في كلية التجارة في جامعة الملك سعود، حيث تخرج منكلية التجارة، متخصصاً في الاقتصاد والعلوم السياسية، وكان من أبرز الذين درس على أيديهم، الدكتور غازي القصيبي, الدكتور منصور التركي, الدكتور أسامة عبد الرحمن، والدكتور حسين السيّد، عميد الكلية الذي كان يدرس أغلب المواد!
تزوّج الطويل من السيدة منيرة القويز، حينما كان طالباً منتسباً في السنة الأولى من كلية التجارة، وقد رُزقا أربعة من الأبناء والبنات: غسان، منذر، منى، غادة. وقد حرصا على تعليمهم وتأهيلهم. وحيث إن غسان ومنذراً، قد اقتفيا خُطى والدهما في الدراسة والتخصص في المجال الإداري، فقد أبقاهما للعمل معه في مؤسسته للاستشارات والتدريب. أما مُنى، الحاصلة على الماجستير في التمويل من جامعة واشنطن، فتعمل في البنك البريطاني. وغادة تعمل في المستشفى التخصصي، وهي أيضاً تحمل الماجستير في تقويم النطق من جامعة هورد بواشنطن.
مرحلة المد القومي
استمع الطويل في شبابه الى صوت العرب وكان يقرأ كثيراً في كتب الأدب، للمنفلوطي والعقاد وطه حسين، كما كان يقرأ في كتب السياسة، فقد كانت تلك المرحلة، كما يقول، مرحلة المد القومي، فكان يقرأ كثيراً لعدد من الكتاب الذين امتلأت بهم الساحة، حيث لا يوجد وسائل ترفيهية تشغل الشاب إلا من خلال القراءة.
تأثر بالفكر القومي، ويقول عن تلك الفترةأن الجو في العالم العربي آنذاك، كان جواً سياسياً، فقد كانت إذاعة quot;صوت العربquot; بمثابة التلفزيون، وكانت الصحف المصرية هي المسيطرة بشكل كبير واللبنانية أيضاً. فكان لها تأثيرها على الشاب العربي، الذي لم يكن يشغله آنذاك شيء غير القراءة والاستماع للإذاعة، ليعرف ماذا يجري خارج الحدود. لكن كنا نسمع صورة وردية عن الأوضاع لدى الدول الأخرى. كُنا نعيش كما يعيش الجمهور الرياضي، الذي يتعصب لفريق ضد آخر!
يرى محمد الطويل أن طلبة الجامعة آنذاك، كانوا طلبة ناجحين، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، مختلفين عن شباب اليوم، كانوا أكثر جدية، كانوا يعيشون بمستوى معيشي متقارب، لم يكن هناك فروقات، لم تكن تجد حول الجامعة السيارات الفخمة، بل نادراً تجد سيارة. يقول: أتذكر أن صالح كامل، وكان طالباً في المرحلة المتقدمة في الجامعة، كان لديه جهاز استنسل، فيأخذ المذكرات من الأساتذة ويبيعها إلينا كطلاب.
ويعتقد محمد الطويل أن جامعة الملك سعود تغيّرت تماماً، فهو يرى أن مخرجات الجامعة في الستينيات والسبعينيات، كانت أفضل كثيراً من مخرجاتها حالياً، ويُرجع السبب إلى أن عدد الطلبة آنذاك كان محدوداً، كما أن الطلبة كانوا أكثر نضجاً وأكثر جدية من الطلبة اليوم، علماً أن المؤهلات الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس الآن أفضل مما كانت عليه سابقاً، quot;فالذين درَّسونا كانوا في الغالب من حملة الماجستير، لكن كان لديهم حرص أكثر على طلبتهمquot;.
وبينما كان الطالب/ الموظف محمد الطويل يؤدي الامتحانات النهائية في الجامعة، كانت حرب حزيران (يونيو) 67 تدور رحاها شرقي المتوسط! هذه الحرب التي أثّرت لاحقاً على نفسية المواطن العربي، الذي صُمّت أذناه وعُبئت نفسيته طويلاً عن النصر القادم في المعركة الفاصلة مع العدو! لكنه استفاق صبيحة تلك المعركة، ليجد أن ثمّة أراض عربية قد اغتصبتها يد العدو. يقول محمد الطويل إن أعضاء هيئة التدريس آنذاك كانوا مشغولين، فكل واحد منهم يحمل معه مذياعاً يتابع من خلاله أخبار الحرب، والتطورات على الجبهة.
وعن هزيمة ال67 يقول انquot; الهزيمة أثبتت أن كل ادعات الآخرين كذب في كذب. تصوراتنا كانت كالبالون المنفوخ! فخلال ساعات قليلة، فقدت الدول العربية أراضيها. في لحظتها كان هناك تعبئة دعائية ضخمة وكانت المحصلة إحباطا لدى كثير من الشباب، الذين كانوا يتوقعون أن العرب قادرين على الفوز في الحرب. فكانت ردة الفعل قوية ولها انعكاسات طويلة حتى الآن. أعتقد أن هزيمة 67 هي بداية اكتشف العرب من خلالها حقيقتهم، وهي أنهم شعب ضعيف، ولديهم قيادات كاذبة خادعة للشعوب، فلم يكن لديها أي اهتمام لا بتنمية الوطن ولا بتنمية الإنسانquot; .
ولدى سؤاله اذا ما تغيَّرت نظرته لعبد الناصر بعد الهزيمة، أو اذاكان من الذين يقولون: لعل له عذراً وأنت تلوم؟! قال: quot;الحقيقة لم أكن أنظر لعبد الناصر بشكل مختلف، كنت أنظر إلية كغيره من القادة العرب، كما كنت أنظر للعالم العربي بحركاته المختلفة، وأقيمها بتقييم مختلف، ليس فقط عبد الناصر. أعتقد كل الحركات التي كانت تدَّعي أنها ستُغير الوجه العربي وستطور العالم العربي انكشفت في عام 67 . أصبح واضحاً أنه ليس هناك حركة سياسية جادة في العالم العربي، وإلا كيف دول عربية تنهزم من دولة صغيرة وبشكل مهين؟ أعتقد أن الانعكاسات المالية هي نتيجة حتمية لإحباطات المرحلة السابقة. فلم يعد المواطن العربي يثق في أي حركة سياسية، فقد جرب العسكر الذين قادوا العالم العربي إلى الهاوية، وأصبح المواطن العربي يقف مذهولاً محبطاً مهاناً، ولا يرى نفقاً مضيئاً يقوده إلى الحقيقة. وهذا أيضاً انعكس على حركات التطرف والتعصب الديني التي بدأنا نشاهدها اليوم، والإسلام بريء منه حيثُ ظهرت حركة معاكسة، أسوأ من التطرف السابق في الحركات القومية. هذا التطرف قادنا إلى الهزة الأخرى، إلى كارثة أيلول (سبتمبر)، التي قلبت العالم كله علينا، حيثُ أصبحنا أُناسا مشكوكا فيهم في كل مكان. فهل الوطن العربي بدأ في تقييم وضعه ومعالجة نقاط ضعفه؟ مع الأسف أن شيئاً من هذا لم يحدث، ومن المفترض أن تتحول كل الدول العربية والإسلامية إلى ورش عمل لتقييم الوضع الذي وصلنا إليه، وطرح الحلول الكفيلة بالخروج من هذا المأزق
إلى أمريكا بعد أن أنهى محمد الطويل دراسته الجامعية، حلّ بعد شهرين من الهزيمة التي مُني بها العرب، في أرض أمريكا، وبالتحديد في مدينة بتسبرج في ولاية بنسلفانيا، ليواصل دراساته العليا في مجال الإدارة، وحينما وصل الفتى الشقراوي أمريكا، كان المجتمع الأمريكي مشغولاً بثورة السود وصحوتهم ومطالبتهم بحقوقهم، فقد شاهد وتابع الاضطرابات التي شهدتها أمريكا والمسيرات التي انتظمت في شوارعها. ويبدو أنه قد كُتب على الطويل أن يُشاهد ويعايش ويلامس ثلاث صحوات! الأولى كانت صحوة المد القومي، الذي مُني بهزيمته الساحقة، ثم صحوة السود في أمريكا، الذين استقبلوه باضطراباتهم ومسيراتهم، ثم الصحوة الإسلامية، التي ستصنّفه على أنه أحد ألدّ أعدائها، بعد أن يكون مديراً عاماً لمعهد الإدارة العامة.
في أمريكا انخرط محمد الطويل، كغيره، في منظمة الطلبة العرب في ولاية بنسلفانيا، مع زميله المبتعث السعودي إبراهيم العواجي (وكيل وزارة الداخلية لاحقاً) وقد كانت المنظمة تستوعب نشاطات الطلبة العرب، الذين كانوا من أكثر الجاليات تظاهراً وصِراخاً، ولا سيّما بعد الهزيمة التي لحقت بهم في حزيران (يونيو) 67.
أمريكا لم تُبهر الطويل، التي وصلها وحيداً لمدة عام، قبل أن تلتحق به زوجته السيدة منيرة القويز، لكنه يُسجّل إعجابه بالشعب الأمريكي الطيّب، الذي لا يُدرك ما يجري حوله، فكل شأنه يدور في محيطه. ويرى أن الحياة في أمريكا كانت سهلة وميسرة، بعيداً عن العُقد والعنجهية الأوروبية. ورغم أن الطويل سافر إلى أمريكا بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، إلا أنه يرى أن الشعب الأمريكي، هو نفسه الشعب الطيّب الذي تركه في السبعينيات، لم يتغيّر أو يتبدل. ما تغيّر في أمريكا فقط الإدارة وأجهزة الأمن!
الطويل، الفتى العربي، الذي هبط في أمريكا، مفجوع القلب من جراء تلك الهزيمة الساحقة، كان يحلم وهو يرى إخوانه من الطلبة العرب، الذين التحقوا بشتى التخصصات العلمية والأدبية، أن تعود هذه العقول إلى بلادها العربية، لتسهم في مسيرتها وتطويرها، بعد أن تنقل التجربة التي عايشتها هناك إلى واقع عملي يلائم واقع البيئة العربية، غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث، فذهبت أحلامه أدراج الرياح!
العودة الى الرياض
في عام 74 عاد الطويل إلى الرياض مُنهياً بعثته إلى أمريكا، بعد أن حصل على الدكتوراة ليكون بذلك أول سعودي يحمل شهادة الدكتوراة في معهد الإدارة العامة، وما أن عاد حتى كُلّف بإدارة البرامج العُليا في المعهد، ثم أضيفت له إدارة البرامج الإعدادية، ثم عُين نائباً لمدير المعهد. وما هي إلا سنوات حتى استقل بالمعهد مديراً عاماً.
منذُ أن ابتعث الطويل وإلى ما بعد عودته، كان مدير المعهد هو الأستاذ فهد الدغيثر، الذي يُقيّم جهوده الطويل، فيقول: فهد الدغيثر مدرسة إدارية مميّزة، له نظرته البعيدة ويمتاز بحزمه ونظاميته، طوَّر برامج المعهد وكثّف من البعثات وأنشأ العديد من البرامج، وقد استفدتُ من تجربته الإدارية، منذ أن عملت معه في مصلحة الإحصاءات العامة، وهو امتداد للمدرسة الإدارية التي أسّسها محمد أبا الخيل.
معهد الادارة
عن معهد الادارة يقول الطويل انهحينما تعرضت السعودية لهزة اقتصادية في أواخر الخمسينيات، جاء وفد من البنك الدولي، فدرس الوضع الإداري في المملكة، وأوصى الخبراء بضرورة إنشاء المعهد، وقد تبنَّت وزارة المالية المعهد وأسّسته، وكان وزير المالية آنذاك عبد الله بن عدوان، ومحمد أبا الخيل هو المؤسس الحقيقي، وكذلك الأمير مساعد بن عبد الرحمن، الذي رأس مجلس إدارة المعهد عدة سنوات، وكان مُدركاً أهمية المعهد وضرورته، وكذلك فهد الدغيثر، فهو من الآباء المؤسسين.
هذه المنشأة الإدارية ظلت تحمل اسم quot;المعهدquot; ولم يتم تحويلها إلى كلية أو أكاديمية، رغم أنها تستقبل خريجي الثانوية والجامعة، ويُبرّر الطويل هذا الإجراء بأنه لم يُرد للمعهد أن يكون كلية أو أكاديمية، إذ إن مهمته تدريبية وليست أكاديمية. ويضيف أن المعهد اضطر إلى إنشاء برامج إعدادية نتيجةً تقصير الجامعات في بعض المجالات، فبادر المعهد ليملأ الفراغ، ومن ذلك مثلاً برنامج دبلوم الأنظمة، الذي أسهم في سعودة كثير من الوظائف القانونية في الأجهزة الحكومية، قبل إنشاء قسم القانون في الجامعة، وعن دور محمد أبا الخيل، يقول الطويل: محمد أبا الخيل بدأ مديراً للمعهد واستمر رئيساً لمجلس الإدارة إلى عام 1995، وبالتالي لم تنقطع صلته بالمعهد، وأجدها فرصة لأقول إن مما يُميّز محمد أبا الخيل أنه لم يكن يتدخل في الأعمال التنفيذية للمعهد، إنما كان يقوم بدور رئيس المجلس في متابعة تطبيق السياسات العامة للمعهد، ويترك الأمور التنفيذية للمختصين.
صراع الصحوة
منذُ آخر السبعينيات الميلادية تعرّض معهد الإدارة العامة لهجوم شرس من قبل بعض الدعاة، الذين وصفوه بأنه معقل من معاقل الماسونية العالمية، واتهم بعضُ منسوبيه من خلال النشرات التي تُلقى هنا أو هناك بفكرهم وأمانتهم، غير أن المعهد ومنسوبيه لم يحركوا ساكناً تجاه هذا الأمر، بل لزموا الصمت وظل المعهد صامداً أمام المدّ الصحوي طيلة أيام محمد الطويل.
يقول محمد الطويل مُعلقاً: أول ما سمعت تهمة أن المعهد قلعة ماسونية، ذهبتُ للمكتبة لشراء كتاب لأعرف ما هي الماسونية، التي يتحدثون عنها ويصموننا بها؟! ويُضيف: المعهد شُنّت عليه حملة كبيرة وظالمة، في منشورات وزّعت داخل المعهد وخارجه، كما تحدث بعض الخطباء في المساجد عن المعهد في فترة المد الجاهلي، الذي تسميه المدّ الصحوي، الذي كان يُلصق بمؤسسات ورجالات الدولة، المدركين أهدافه أبشع الصفات والتهم التي لا أساس لها من الصحة.
قلتُ للطويل، الذي لم يقتنع أبداً بما اصطلح على تسميته quot;الصحوة الإسلاميةquot; إن المعهد التزم الصمت تجاه هذه التهمة، فقال: كان الهدف جر المعهد لمثل هذه الصراعات، وكنّا على وعي بألاّ نُتيح صراعاً داخل المعهد وألا نسمح لأي حركة متطرفة، مهما كانت أهدافها، أن يكون لها دور في العمل داخل المعهد. لقد عجز مَنْ تسميهم بـ quot;الصحويينquot; عن الهيمنة على المعهد أو اختراقه وتسييره كما يريدون، كما سيروا مؤسسات أُخرى، فكان هذا هو سبب هجومهم على المعهد ومنسوبيه.
صمود في وجه العاصفة
طيلة عقد الثمانينيات وإلى منتصف التسعينيات هيمنت الصحوة الإسلامية على كثير من المناشط الفكرية والثقافية والاجتماعية، كما أمسكت بتلابيب عدد من المؤسسات التربوية والتعليمية، فتمّ quot;صحونتهاquot;، غير أن معهد الإدارة صَمَد في وجه العاصفة، إذ استطاع ربّانه محمد الطويل أن ينأى بسفينته الإدارية المُبحرة في عالم التدريب والتطوير الإداري، عن أمواج الصحوة العاتية، التي تكسّرت على أسوار هذه القلعة الإدارية.
ويتابع الطويل بتعليقه عن تلك الفترة :quot;بكل تأكيد كنتُ مدركاً ما وراء هذه الحركات، التي تسميها quot;صحويةquot;، وأنا لا أرى أنها صحوة إسلامية، بل حركة سياسية لها أهدافها المعروفة، فلم نكن نائمين، في يوم من الأيام، لنصحو على أيديهم، فنحن نعيش في أفضل مجتمع إسلامي محافظ على دينه وتقاليده. كنتُ مدركاً أن هذه حركة سياسية، اتخذت من الإسلام ذريعة لتحقيق مآربها الخاصة في محاولة نفي المجتمع. أهدافها الخفيّة لم تكن غائبة عني، فحاولت أن أحمي المعهد وأن أنأى به جانباًquot;، وquot;لقد وفّقنا في اختيار المعيدين في المعهد، فقد كانوا عناصر جيدة ومعتدله ومستقيمة، ولم تدخل في تيارات سياسية أو فكرية، كان همها العمل المهني فقط، بكل أشكاله، ولم نسمح بأي أنشطة مشبوهة، فقد كُنا نوقفها عند حدها إذا ما وجدنا أي انحراف من الموظف، ولو تركنا الحبل على الغارب، لتحول المعهد، مثل غيره من الجامعاتquot;.
لقاؤه مع الشيخ ابن باز
وعن زيارته الى الشيخ عبد العزيز بن باز، في فترة الغليان تلك، فيقول quot;كانت لديه مآخذ على المعهد، فقد نُقلت إليه معلومات خاطئة، منها أن معهد الإدارة لا يوجد فيه مسجد، وأن التدخين مسموح به في المعهد، كما أن المعهد يستخدم الموسيقى في أغراضه التدريبيةquot;.
quot;فأوضحت له أن معهد الإدارة بنى مسجداً كبيراً في مواقف سيارات المعهد، يُضاهي المسجد الموجود في رئاسة البحوث، الذي يصلي فيه، وأنّ في كل دور من أدوار المعهد مُصلى للموظفين. وطلبت منه أن يُرسل من يثق به ليرى بعينيه المسجد والمصليات. أما عن التدخين، فبيّنت له أن التدخين ليس فقط في معهد الإدارة، إنما في كل الأجهزة الحكومية، واقترحتُ عليه أن يمنع دخول الدخان إلى المملكة، إذا كان يرى حرمته، لأمنعه بعد ذلك في المعهد. أما عن الموسيقى في الأفلام التدريبية، فقلتُ له إنها ليست موسيقى بالمعنى الحقيقي، فليس هناك رقص ولا غناء، إنما هي موسيقى تصويرية علمية. وأوضحت له أنه توجد موسيقى السلام الملكي، كما أن الإذاعة تبثُ الموسيقىquot; ويذكر الطويل أن الشيخ عبد العزيز بن باز كان متفهماً جداً لما طرحه عليه، وأنه لم يُعقّب بعد ذلك أبداً.
والجدير ذكره انه على امتداد تاريخ الصحوة الإسلامية في السعودية، لم يُسجّل أن عضواً من أعضاء هيئة التدريس في المعهد التحق بركاب الصحوة، حتى وإن كان عضواً خاملاً، فضلاً أن يكون عضواً قيادياً بارزاً، رغم وجود قيادات صحوية فاعلة في عدد من الجامعات العلمية والمستشفيات، ولم يوقع أي عضو من أعضاء هيئة التدريس في المعهد على أي عريضة صحوية رُفعت للقيادة، فما السبب في هذا الجمود لدى منسوبي المعهد؟
يُرجع محمد الطويل، الذي أدار مسيرة المعهد، إدارياً وفكرياً، بقوله إن السبب يعود إلى أن العاملين في المعهد مهنيون بالدرجة الأولى، والمهني دائماً يضع بين عينيه عمله ويركز على أدائه بصرف النظر عن النشاطات الأخرى. وينفي محمد الطويل أن تكون هذه سلبية، بل هي إيجابية أن ينأى منسوبو المعهد عن توجهات ليست في صالح المستقبل.
حينما كانت السعودية عام 1990 مشغولة بأزمة الخليج، خرجت مجموعة من السيدات والفتيات في مسيرة تُطالب بقيادة المرأة للسيارة. وقد زُجّ باسم معهد الإدارة بتلك القضية، خصوصا بعد أن كتب أحد أعضاء هيئة التدريس قصيدة يُمجّد فيها quot;الماجداتquot;!، محمد الطويل، مدير عام المعهد آنذاك، لايرى أنه كان هناك أيّ تأثير بهذا الاتهام الباطل على المعهد ومنسوبيه،ويقول عن هذه الحادثة :quot;نحن لم نكن نعير اهتماماً بتلك الادعاءات والنشرات والخطب، التي تقول إن المعهد قلعة علمانية أو قلعة ماسونية وأحياناً قلعة أمريكية، والحمد لله أن الشيوعية انهارت، وإلا لقالوا إن المعهد قلعة شيوعية. المشكلة فيمن تسميهم بالصحويين، أن من لم يكن معهم فهو ضدهم، لذلك كان سلاحهم الهجوم على أي مؤسسة ناجحة، فشلوا في اختراقها.
ويضيف:quot; لم يكن هناك أحد يدعمني من الخلف عدا زملائي في المعهد. السرُ، كما تقول، هو أني مؤتمن على مؤسسة ومن واجبي أن أحافظ عليها. لم يكن يهمني أن أفقد منصبي ذات يوم! كما لم يكن همّي التقدم الوظيفي، كان همّي الوحيد خدمة بلدي، الذي أوصلني إلى أعلى المستويات، وأنا مدين له. هناك أمانة أُسندت إلي يجب أن أؤديها بالشكل الصحيح الذي يرضي ضميري. وطالما أنني مرتاح الضمير فلايهمني ما يقال.
و الذي يتهمني بالعلمانية لا يفهم بالتأكيد ما يعنيه مصطلح العلمانية، كما أنه لا يعرف من هو محمد الطويل. لأنه من السهل أن تُطلق التُهم، لكن من الصعب أن تثبتها.
اعضاء هيئة التدريس
أما بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس، فقد كان الاختيار يتمُ على جميع المستويات، فيتم اختيار المعيد وفق عدد من الضوابط والمعايير، فليس مهماً أن يكون حاصلاً على تقدير ممتاز، إنما ننظر إلى شخصيته وثقافته ومهنيته. وحتى لا نظلم الجامعات، فإنها تستقبل أعداداً ضخمة، بينما المعهد يستقبل عدداً أقل.
أما المناهج. فالمعهد، وكما تعلم، مهني بطبعه، ويهيئ موظفين لوظائف معينة. مثلاً خريج دبلوم الأنظمة إما أن يعمل في إدارة قانونية أو في ديوان المظالم، لذلك فالمعهد يعرف احتياجاته، فيصمم البرنامج وفقاً لذلك. أما الجامعات فهي لا تعرف إلى أين سيتوجه الطالب بعد تخرجه، لذلك فهي تقدم مناهج عامة لبناء أسس الطالب.
هناك من يُعيب على محمد الطويل أنه لم يُُفد أقاربه وأصدقاءه فيمكنهم من العمل في المعهد، بل جعل المعهد للجميع، بعيداً عن quot;الفزعةquot; الإقليمية أو الطائفية! يُعلّق على ذلك بقوله: أنا سعيد جداً بهذا الوصف وهذا العيب. وكما قلت، كنا نهدف إلى أن يكون المعهد نموذجاً جيداً لما يجب أن تكون عليه العمل في أي جهاز حكومي. فإذا كنا في المعهد ننادي في برامجنا بنبذ المحسوبية وأن يكون هناك فرص متساوية للجميع في العمل الحكومي، من حيث وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، فإن تعيين الأقارب والمحيطين بك يتنافى وما نعلمه للآخرين ونطالبهم بتطبيقه.
وعن مركزيته في العمل الإداري، قال: لا أعرف إذا كنتُ مركزياً أم لا! لكنك لو زرتني في معهد الإدارة، فلن تجد أوراقاً مكدّسة على مكتبي! أما إذا كانت المركزية هي متابعة أداء الآخرين بالمسؤوليات المسندة إليهم، فهذه ضرورة للتأكد من قيام كل مسؤول بأعماله بالشكل المطلوب.
عُرف عن محمد الطويل، حينما كان مديراً للمعهد، بجولاته المفاجأة على المحاضرين، وربما جلس في القاعة مستمعاً، فيعلق على هذا : نعم كنت أقوم بذلك عندما كنت مديراً للبرامج. قلتُ له: هل هذا عدم ثقة؟! قال: لا، ليس عدم ثقة، لكن هناك فرق بين عدم الثقة والمتابعة. الحقيقة أننا نفقد أحياناً التعريف الصحيح في الفرق بين الثقة والمتابعة. هذه الجولات تهدف إلى أن يعرف الزميل أنه مسؤول متابع، فيعرف ماذا يُقدم؟ لأن هناك فرقاً بين الإنسان الجاد وغير الجاد، فيحرص على نوعية ما يقدم. فيسهم في تحقيق نوعية أفضل من العطاء.
الخروج من المعهد!
في عام 1995 طوى محمد الطويل صفحة معهد الإدارة، الذي عاش في جنباته أكثر من ثلاثين عاماً، الأمر الذي جعل المعهد يرتبط باسمه كثيراً، كما أن الطويل نفسه قد ارتبط اسمه بالمعهد. وإن كان ينفي ذلك بشدّة، ويقول: المعهد لم يرتبط بشخصٍ معيّن، لكنه ارتبط بمجموعة من الذين تعاقبوا على إدارته.
ويقول الطويل انهلم يكن من طموحه أن يكون وزيراً، ولم تكن الوزارة همّه أو مبتغاه ويعلل هذا أن ذلك يعود إلى تفضيلي العمل التخصصي، وquot;ربما لا أكون قادراً على أن أستمر مثالياً، كما أطلقت عليّ، في الوزارة كما كنتُ في المعهد.
التعليم السعودي الى اين ؟
يأسف محمد الطويل على وضع التعليم، الذي وصفه بأنه يمرُ بمأساة، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. تتمثل هذه المأساة في نوعية المدرسين، حيث إن هناك تقصيرا كبيرا في تطوير وتأهيل المدرسين، إضافة إلى المنهج المعقد الطويل والمحشو بتوجهات خطيرة لمسنا مع الأسف نتائجها في التلاعب بعقول أولادنا وبناتنا أما المباني الدراسية، فمعظمها لا تصلح لتكون مدارس. أضف إلى ذلك عدم وجود معدلات أداء لقياس المدرسين.
كما أن هناك سوء اختيار لمدراء المدارس، نتيجة لعدم وجود معايير دقيقة لاختيارهم رغم حساسية هذه الوظيفة في الإشراف على ما يدور في المدارس، ويمكن القول إن هناك فوضى في إدارة العمل التربوي والتعلمي، وأعتقد أن نتائج ذلك ما نراه الآن من سلوك بعض العناصر الشابة المغرر بها والمشبَّعة بأفكار غريبة عن الإسلام.
ويواصل محمد الطويل أن ما ينطبق على التعليم العام ينطبق على التعليم الجامعي. يقول: المتوقع من حملة الدكتوراة أن يطوروا مناهجهم، لأن الدولة بعثتهم وأنفقت الملايين في سبيل تعليمهم، وبدلاً من أن يبذلوا جهودهم في تطوير العملية التعليمية، انصرفوا إلى جهات أخرى. تجد الآن أن التعليم الجامعي أصبح مدارس ثانوية، بعد أن سُلبت إدارة الجامعات من صلاحياتها. كذلك جانب البحوث، فميزانية البحوث في جامعاتنا ميزانيات هزيلة، أضف إلى ذلك قضية تدني رواتب أعضاء هيئة التدريس، التي تدفع الواحد منهم للبحث عن رزقة خارج الجامعة. هذه العوامل كلها تحتاج إلى نظرة استراتيجية واضحة.
الطويل للاستشارات الإدارية والتدريب
بعد أن ودّع الطويل معهد الإدارة العامة، أسّس مؤسسة خاصة تعنى بالتدريب والاستشارات الإدارية. ويرى الطويل أن الهدف من تأسيس هذه المؤسسة، هو إيجاد مؤسسة محلية تعنى بتدريب موظفي القطاع الخاص، لأنه بالإمكان أن نوجد، هنا، مؤسسات تدريبية تنافس المؤسسات في البلاد الأخرى.
هذه المؤسسة أصبحت الآن تضاهي مؤسسات عالمية،ويعلل وصولها إلى هذا المستوى التنافسي بقوله : أعتقد أنه إذا طبق الإنسان المعايير المهنية في عمله، فإنه يستطيع أن ينافس الآخرين، فنحن نتبع أعلى المعايير المهنية في عملنا وفي اختيار نوعية المستشارين أو المدربين وتطبيق الأساليب التي يتبعها غيرنا في المؤسسات الدولية الأخرى من ناحية الجودة ومن ناحية الدقة.
quot;مؤسستي ليس هدفها الربح فقط! لكنها تقدم خدمات استشارية، وإذا طلب منك أحد استشارة، فعليه أن يستمع ويقبل مايتفق والمعايير المهنية، لا أن يفرض عليك آراءه الخاصة، التي كان يمكنه تطبيقها دون الاستعانة بك. الطويل للاستشارات ليس جسراً لاستخدام اسمه في عمل غير مهني. أما من أراد الاستشارة الحقيقية فسنكون موضوعين وحيادين وسنعطي الرأي المهني المناسب، سواء قبلتموه أو لم تقبلوه تستطيعون أن تغيروه دون أن تضعوا اسمي عليه.
اماعن الفارق بين إدارة استشارات إدارية وتدريب في القطاع الحكومي، الذي مارسه طويلاً، وبينها في القطاع الخاص الذي يشرف عليه الآن،فقال: هناك فرق كبير، الموظف في القطاع الخاص حريص على التدريب لرفع مهاراته، والمسؤول في القطاع الخاص يهدف من الاستشارة إلى زيادة معدلات الأداء. أما في القطاع الحكومي فقد يكون التدريب لزيادة في الدرجات الوظيفية. أما الاستشارات، فالأجهزة الحكومية تطلبها من أجل إحداث وظائف في أغلب الأحيان، بينما القطاع الخاص يطلبها من أجل ترشيد قطاع المؤسسة وتطوير الأداء.
منظمة التجارة العالمية
يرى الخبير الإداري محمد الطويل أن السعودية مهيأة من الناحية السياسية والاقتصادية للدخول في منظمة التجارة العالمية، غير أننا لسنا مؤهلين من الناحية الإدارية، وأننا بحاجة إلى حملة تهدف إلى تبسيط الإجراءات الإدارية في جميع أجهزة الدولة وتطوير الأنظمة واللوائح التي تعمل الجهات الحكومية في إطارها.
اما عن البيروقراطية فيقول ان السبب هو المسؤول الذي يقف على رأس الجهاز! لابدّ أن يدرك كل مسؤول أهمية تغيير الجهاز وتبسيط الإجراءات في وزارته. وأرى كسبيل للخروج من هذه الأزمة، أن تُربط الفترة الزمنية للوزير بمدى تبسيطه للإجراءات الإدارية وتحديث الأنظمة واللوائح في وزارته!
يتذكر الطويل موقفاً طريفاً حدث له، حينما أرادت لجنة الإصلاح الإداري تبسيط الإجراءات الإدارية لبعض المؤسسات، إذ إنّ مؤسسة لم تتعاون، فاتصل الطويل بمسؤولها، الذى ردّ ضاحكاً بقوله: لو بسطنا الإجراءات الإدارية، لما توسط بنا أحد.
التجمعات الأسرية
يقول الطويل عن ظاهرة التجمعات الأسرية والصناديق العائلية، التي تواجه انتقاداً من قبل بعض المثقفين، بحجة أنها عودة إلى القبيلة، ان هذا نتيجة طبيعية للنمو الحضري الذي حدث في المدن الكبيرة، حيث أصبح التواصل صعباً بين أفراد العائلة الواحدة. ويبدو أنه نمى شعور لدى البعض أن هناك حاجة لمعرفة أبناء العائلة القريبين، بعد أن وصلنا إلى مرحلة لم تعد تعرف فيها ابن عمك! خاصة لدى صغار السن. أما عن الصناديق العائلية، فيقول انها ظاهرة صحية، فهي تحقق ما يُسمّى التكافل الاجتماعي، ويجب أن نكون موضوعيين، فمجتمعنا في الحقيقة مجتمع عائلي، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، كانت العائلة هي كل شيء فيه، وكان الواحد يسكن مع أهله وأعمامه وحتى مع أولاد العم، في منزل واحد. ثم تطورت الأمور بحكم الثروة وبحكم التطور الاجتماعي، فبدأت العائلات بالاستقلال، ثم بدأ التنقل من القرية إلى المدن الكبرى، لذا أعتقد أنه ليس هناك عيب في أن يتعرف الواحد على أقاربه، بل هو واجب ولا يمثل بنظري عودة للقبيلة.
(رابط الموضوع من المصدر الاساسي )





التعليقات