مصر تنضملتجمع دول الساحل والصحراء
خالد أبو إسماعيل:- سيخلق التجمع سوقا تصديرية جديدة لمصر
د/ صلاح ابوريه:- التنمية الزراعية أهم إيجابيات هذا الاتفاق
حمدي عبد العزيز:- فتح آفاق رحبة للتعاون الاقتصادي الإقليمي واجبه ..ولكن..!
فاطمة أبو العز:- التعاون مع الدول الأفريقية في حد ذاته مثمر وناجح إذا ما تم استغلاله جيدا
محمد نصر الحويطى من القاهرة
قبل أيام قليلة وتحديدا في جلسته المنعقدة في يوم 17 يناير المنقضي وافق مجلس الشعب المصري على قرار رئيس الجمهورية بشأن الموافقة على الانضمام رسميا للمعاهدة الموقعة في طرابلس بتاريخ 4/2/1998 بشأن إنشاء تجمع دول الساحل والصحراء (س.ص) Community of Sahel ndash; Sahara States (CEN ndash; SAD) والذي يضم نحو 18 دوله إفريقية .
ويأتي إنشاء تجمع دول الساحل والصحراء-وفقا لما ينص عليه ميثاق التجمع -تجسيداً لإدارة التكامل الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي؛ ويسعى في المرتبة الأولى إلى تحقيق مزيدا من التكامل الاقتصادي فيما بين الدول الأعضاء, ولعل هذا ما يدعونا إلى طرح سؤالاً هاما وهو ما إذا كان هذا التجمع سيدعم حقاً العلاقات التجارية والاقتصادية فيما بين مصر وباقي الدول الأعضاء ؟ أم ستبقى الأمور كما هي خاصة وانه قد سبقه الانضمام إلى العديد من المنظمات الأفريقية كالكوميسا والاتحاد العام للغرف الأفريقية والتي لم تحقق جدواها حتى الآن, (إيلاف) ألقت الضوء على هذا التجمع و طرحت القضية على الخبراء وتعرفت منهم على آرائهم بشأن انضمام مصر لهذا التجمع.
بداية إذا أردنا أن نلقى الضوء على هذا التجمع سنقول انه تجمع يضم نحو 23 دولة أفريقية وعربية وتم إنشاءه في الثامن من فبراير لعام 1998 ووقعت المعاهدة بشأنه في العاصمة الليبية (طرابلس) وبدأ التجمع بتوقيع كلا من رؤساء ليبيا والسودان وتشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو على عضوية الانضمام إليه واعتمدت مدينة طرابلس مقراً للأمانة العامة لتجمع دول الساحل والصحراء ، وبلغ عدد الدول الأطراف في المعاهدة نحو 18 دولة .
أهداف التجمع
وتمثل الأهداف الرئيسية لهذا التجمع إقامة اتحاد اقتصادي شامل وفقاً للإستراتيجية تنفذ من خلال مخطط تنموي متكامل مع مخططات التنمية الوطنية للدول الأعضاء ، وتشمل الاستثمار في الميادين الزراعية والصناعية والاجتماعية والثقافية وميادين الطاقة فضلا عن إزالة كافة العوائق التي تحول دون وحدة الدول الأعضاء عن طريق اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك .
كما انه من أهداف هذا التجمع تشجيع التجارة الخارجية عن طريق رسم وتنفيذ سياسة الاستثمار في الدول الأعضاء وكذلك زيادة وسائل النقل والاتصالات الأرضية والجوية والبحرية فيما بين الدول الأعضاء عن طريق تنفيذ مشاريع مشتركة .
وتأتى موافقة الدول أعضاء التجمع على إعطاء ذات الحقوق والالتزامات المعترف بها لمواطني الدول الأعضاء ، وفقاً لدستور كل دولة بالإضافة إلى تنسيق النظم التعليمية والتربوية في مختلف مستويات التعليم والتنسيق في المجالات الثقافية والعلمية والتقنية .
ووضعت المعاهدة التزاماً على الدول الأعضاء بمنع استخدام أراضيها في أي نشاط ضد سيادة ووحدة أراضى أي منها وضماناً للسلام والاستقرار الضروريين لتحقيق أهداف التجمع تقوم الدول الأعضاء بوضع ميثاق للأمن ؛ كما تلتزم بضمان الأمن على حدودها ، والامتناع عن التدخل في الشئون الداخلية أو الاعتداء على أية دولة عضواً فيها وتلتزم أيضا الدول الأعضاء في التجمع بتقديم المساعدات لبعضها البعض في حالة الضرورة ، والتعاون في جميع المجالات بروح التضامن والأخوة .
ويعتبر تجمع دول الساحل والصحراء (س. ص) منظمة إقليمية فرعية يضم في عضويته ثمانية عشرة دولة إفريقية وباب العضوية فيه مفتوح أمام الدول الأفريقية الأخرى الراغبة في الانضمام شريطة الموافقة على ما جاء في ميثاقه ومعاهدة تأسيسه .
والدول الأعضاء في التجمع تمثل (34%) من دول القارة الأفريقية وعدد سكانها يصل إلى (330) مليون نسمة أي ما يعادل حوالي (50%) من سكان القارة، ومساحتها تصل إلى ما يعادل حوالي (45%) من مساحة إفريقيا .
وفى قمة تشاد التي انعقدت عام 1999 انضمت كل من (جيبوتي، أفريقيا الوسطى، غامبيا، إريتريا، الصومال، السنغال) كما انضمت كل من (مصر، تونس، المغرب، نيجيريا) في قمة الخرطوم عام 2000 .
أما في قمة سرت التي انعقدت عام 2002 انضمت كل من (التوغو، بنين) وهناك العديد من الدوافع التي كانت وراء التفكير الجدى في تأسيس هذا التجمع منها
الروابط الوثيقة التي تجمع بين هذه الدول والتي يأتى في مقدمتها الجوار الجغرافي والتشابه الكبير بين النظم الاقتصادية،والسياسية، والاجتماعية .
ويتكون مجلس رئاسة التجمع من قادة دول التجمع وله السلطة العليا ويعقد اجتماعاته مرة فى العام ورئاسته دورية بالتناوب .
أما المجلس التنفيذي للتجمع فيتكون من الوزراء المكلفين بقطاعات الاقتصاد والمالية والتخطيط والعلاقات الخارجية والتعاون والداخلية والأمن العام، ويختص هذا المجلس بإعداد البرامج والخطط التكاملية وعرضها على مجلس الرئاسة، وتنفيذ القرارات ويعقد اجتماعاته كل ستة أشهر .
وبالنسبة للأمانة العامة للتجمع فتتكون من إدارة البحوث والشئون القانونية وإدارة الشئون الإدارية والمالية وإدارة التكامل والاندماج ومكتب الأمين العام، وتتخذ الأمانة العامة من مدينة طرابلس بالجماهيرية العظمى مقراً لها .
ويعتبر مصرف التنمية شركة مساهمة مدته 99 سنة ومقره الرئيسي مدينة طرابلس ورأسماله (100 مليون يورو) .
الجدوى الاقتصادية لمصر
وعن أهمية توقيع مصر على مذكرة الانضمام لتجمع دول الساحل والصحراء والجدوى الاقتصادية التي سوف تعود على مصر اثر انضمامها رسميا للتجمع يقول خالد أبو إسماعيل رئيس الاتحاد الأفريقي للغرف الأفريقية أنه رغم حداثة انضمام مصر لهذا التجمع إلا أن هناك حتما مزايا تجارية واقتصادية ستعود على مصر من أهمها رفع قيمة وحجم الصادرات المصرية إلى أفريقيا خاصة وان بنود ميثاق هذا التجمع تدعم ذلك مشيرا إلى أن ما سيساعد مصر على ذلك هو تميز الدول الأعضاء في هذا التجمع بحجم تجارة كبير مثل ليبيا ودول أفريقيا الوسطى والمغرب وتونس.
وبشأن تنمية العلاقات التجارية بين مصر وباقي دول تجمع الساحل والصحراء يشير أبو إسماعيل إلى أن هناك مزايا عديدة ستعود على التجارة المصرية بينها وبين الدول الأعضاء خاصة مع قرب المسافات فيما بين الدول وتميز كل دوله عن الأخرى في نوع معين من الصادرات وكذلك سيخلق التجمع أيضا سوقا تصديرية جديدة لمصر في بعض البلدان التي لم تكن هناك فرصة سابقة للتعاون معها مثل مالي وبوركينا فاسو والسنغال مؤكدا أن صادرات مصر إلى دول أفريقيا قد تتجاوز بعد الانضمام الى هذا التجمع 50 مليار جنيه سنويا.
ويرى رئيس الاتحاد الأفريقي للغرف التجارية أن المنظمات والتجمعات الأفريقية عادة ما تدعم في المرتبة الأولى العلاقات الاقتصادية فيما بين دولها الأعضاء وهذا ما يعطى مزايا للتجمعات خاصة وأنها تحصل مزايا تنافسية في دخول أسواق بعضها البعض فضلا عن الدعم الذي تتلقاه من الجهات الخارجية والبلدان المشاركة أيضا مشيرا بذلك إلى أن هذا التجمع له فائدة مستقبلية حقيقية مدللا بتطور اقتصاديات الدول المنضمة له منذ إنشاءه مثل ليبيا وتشاد ومالي والنيجر والتي ارتفعت معدلات التنمية بها إلى ما يفوق أل 20% بعد الانضمام إلى هذا التجمع.
ويضيف خالد أبو إسماعيل أن قرار الانضمام إلى هذا التجمع جاء بعد دراسة متعمقة لاقتصاديات واسواق الدول الأعضاء به من جانب الحكومة المصرية وإلا لم يصدر القرار بالموافقة على انضمامنا رسميا مشيرا إلى أن انضمام مصر إلى التجمعات التي سبقته كالكوميسا جعل صادرات مصر تصل إلى ما يقرب من 1360 مليون دولار نهاية عام 2004 ووارداتنا تصل إلى 2685 مليون دولار من نفس الدول وبالتالي فالانضمام لهذا التجمع سيخلق انتعاشا للصادرات والواردات المصرية أيضا خاصة مع وجود دول جديدة به لم يكن لمصر تفاعل معها قبل ذلك.
الجانب الزراعي
أما عن التداعيات الاقتصادية الزراعية التي سيخلقها هذا التجمع لمصر يقول الدكتور صلاح أبو ريه رئيس المنظمة العربية للتنمية الزراعية بمصر أن التوقيع على هذا الاتفاق سيدعم دون شك الجانب الزراعي المصري والاستثمار فيه خاصة وان معظم الدول الأعضاء ومن بينها مصر تتمتع بمزايا كبيرة في قطاع الزراعة مما سيساعد أيضا على رفع الصادرات الزراعية المصرية الأمر الذي سيدعم بدوره خلق رقعة زراعية مصرية جديدة .
ويؤكد الدكتور صلاح أبو ريه أن المنظمة العربية للتنمية الزراعية قامت منذ عام 1998 بالتوقيع على بروتوكول اتفاق تعاون بينها وبين تجمع دول الساحل والصحراء ( س ص) استنادا إلى قرار إنشاء المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، وإلى معاهدة إنشاء تجمع دول الساحل والصحراء بتاريخ 4/2/1998م ، إدراكاً ووعياً بأهمية المنظمة العربية للتنمية الزراعية ودورها في دعم أعمال مكافحة التصحر والحد من وطأة الجفاف وحماية البينة والتصرف المستدام في الموارد الطبيعية ، والتنمية الزراعية المتكاملة ، وتذكيراً بالأهداف التي قام عليها تجمع دول الساحل والصحراء ودوره الإستراتيجي من أجل بناء فضاء أفريقي متدرج ومتناسق يسوده التعاون الاقتصادي وانطلاقا من أن مجموعة من الدول الأعضاء بتجمع دول الساحل والصحراء هي أيضاًَ أعضاء في المنظمة العربية للتنمية الزراعية .
ويقول رئيس المنظمة العربية للتنمية الزراعية ذلك البروتوكول قد نص على تهيئة إطار للشراكة بين تجمع دول الساحل والصحراء والمنظمة العربية للتنمية الزراعية لمتابعة تحقيق أهدافهما المشتركة الرامية إلى تحقيق التعاون المتضامن والتنمية المستدامة ، كما نص البروتوكول على مشاركة كل من تجمع ( س ، ص) والمنظمة العربية للتنمية الزراعية في اجتماعات الآخر بصفة مراقب، كذلك نص البروتوكول على أن هذا الاتفاق يمثل الإطار الشرعي للتعاون بين الطرفين من أجل إنجاز برامج وأعمال متسقة في مجالات حماية البيئة ، التنمية المستدامة ، التصرف الرشيد في الموارد الطبيعية، مكافحة التصحر ومقاومة الفقر وانعدام الأمن الغذائي والتخفيف من آثار الجفاف في بلدان منطقة الساحل والصحراء ، على أن تعطي الأولوية في هذا الاتفاق للأمن المالي والتصرف الرشيد في الموارد غير المتجددة .
ويقول الدكتور صلاح أبو ريه أن هذا البرتوكول يؤكد الأهمية البالغة التي يتمتع بها هذا التجمع والمزايا التي ستعود على مصر اثر الانضمام إليه رسميا وتطبيق بنوده مشيرا إلى أن التجمع يقدم أيضا للدول الأعضاء إعداد تصور لسياسات وخطط وبرامج التنمية ذات الصبغة الاقتصادية والتي يحددها مجلس التجمع .
تحفظات
أما الدكتور حمدي عبد العزيز العضو بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصري فيرى أن سياسة الدولة في مجال التعاون الدولي عادة ما تستند على ركيزة أساسية تستهدف تنمية العلاقات الاقتصادية مع مختلف دول العالم , إضافة إلى فتح آفاق رحبة للتعاون الدولي والإقليمي على أساس المصالح المتبادلة , وعلى هذا السياق انضمت مصر إلى هذا التجمع مثلما انضمت قبل ذلك إلى منظمة التجارة العالمية والسوق المشتركة لدول شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) , وأبرمت اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ودول حوض البحر المتوسط .
ولكن الدكتور حمدي عبد العزيز يأخذ على هذا الانضمام الجديد مجموعة من التحفظات أهمها كما يقول أن هناك العديد من الاتفاقيات التي جمعت بين مصر وبعض دول العالم الأفريقي والعربي ولكنها لم تحقق الأهداف الاقتصادية المرجوة منها حتى هذه اللحظة مثل تجمع دول الكوميسا وأغادير ولا تزال الصادرات المصرية والتجارة مع هذه الدول ضعيفة رغم الدخول الفعلي في هذه التجمعات مشيرا إلي أن الحكومة يجب أن تضع معايير تضمن للاقتصاد المصري التطور والنشاط دون إجهاد نفسها بالدخول في تنظيمات جديدة قد تخلق نوعا من التهميش للقديمة التي تم تفعيلها وبدلا من إبرام معاهدات جديدة من الأحرى تفعيل الاتفاقيات القديمة.
ويتوقع عضو غرفة الصناعات الهندسية أن يساهم هذا التجمع رغم الانضمام الحديث لمصر في تعزيز التجارة المصرية إلى بعض دول الأفريقية التي سترتبط وفق هذا التجمع حديثا مع مصر مثل توجو وبوركينافاسو والسنغال وبنين فضلا عن رفع حجم التجارة مع الدول التي تشارك مصر من قبل في تجمع الكوميسا كالكونغو وجيبوتي وكذلك دول اغادير كالمغرب وتونس وعليه فأنه من المتوقع أن ترتفع حجم تجارة مصر مع بعض دول أفريقيا لتتخطى نسبة أل 20% التي هي عليها حالياً.
السوق الأفريقية
ومن جانبها تقول فاطمة أبو العز عضو الجمعية العربية لسيدات الأعمال وإحدى العاملين بالسوق الأفريقي أن التعاون مع الدول الأفريقية في حد ذاته مثمر وناجح إذا ما تم استغلاله جيدا متوقعه أن الانضمام إلى تجمع دول الساحل والصحراء سيخلق دون شك مناخا جديدا للتجارة البينية المصرية الأفريقية لا سيما الدول الأعضاء في التجمع.
وتشير أبو العز إلى أن هناك متطلبات يجب أن تؤخذ في الاعتبار مع بداية دخول مصر هذا الانضمام من أهمها تشجيع المستثمرين المصريين على دخول السوق الأفريقية والتي تتمتع بالأتساع مشيرة إلى أن عدد سكان دول التجمع تجاوز 329 مليون نسمه مما يشير إلى أن التجارة المصرية ستتأثر إيجابيا دون شك بهذا الانضمام .
وعما يتميز به هذا التجمع عن غيره من التجمعات والاتفاقيات التي أبرمتها مصر قبل ذلك مع دول أفريقيا تقول فاطمة أبو العز أن التكتلات الإقليمية عادة ما تساهم في تعزيز دمج الاقتصاد المصري في الاقتصاد العالمي فضلا عن تفعيل دور البنية المؤسسية للتصدير وعلى رأسها المجلس الأعلى للتصدير والذي يقوم بوضع الخطط والسياسات والبرامج التي تهدف إلى تنمية الصادرات وكذلك تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية بإحداث نقلة جوهرية ترتكز على مفهوم الجودة الشاملة والمواصفات القياسية العالمية مشيرة إلى أن الأهم من ذلك أيضا هو استثمار ثقل مصر السياسي في مواجهة محاولات إعاقة دخول الصادرات المصرية إلى الدول المتقدمة وبالتالي فأن هذا التجمع كتكتل اقتصادي جديد خطوة جيده في طريق دعم الجانب الاقتصادي لمصر.










التعليقات