دبي أنشط سوق عقاري على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي

دبي

تعد الإمارات العربية المتحدة من أكثر الدول المنافسة على الصعيد العالمي، كما أنها ملاذاً لأنشطة العمل، وذلك وفقا لما ورد في التقرير التنافسي العالمي للعام 2004-2005 الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي. حيث يتم إزالة العوائق تدريجياً أمام الاستثمار الأجنبي في البلاد في ظل توسع المناطق الحرة. كما أن تعديل القوانين الخاصة بتملك الأجانب في بعض الإمارات كأبو ظبي، الشارقة، رأس الخيمة ومؤخراً دبي، إنما يشير إلى الرغبة في الاندماج كلياً في الاقتصاد العالمي.

ومن العوامل التي لعبت دورا أساسيا في ازدهار القطاع العقاري في الإمارات ارتفاع معدلات النمو السكاني، كبر شريحة الفئة العمرية من الشباب، التدفق الكبير للوافدين، ارتفاع معدلات السيولة في المنطقة والسياسات الحكومية الداعمة.

تحتل دبي المركز الأول بين الإمارات من حيث النشاط العقاري، وقد شهدت التصاعد الأكبر في معدلي الإيجار والأسعار. وفي الوقت الراهن، يعجز العرض عن تغطية نسبة الطلب المرتفع على القطاعات التجارية والسكنية، وخاصة في ظل الازدهار الاقتصادي، ارتفاع نسبة العمالة، دأب الشركات الأجنبية على إقامة فروعا لها في الإمارات وتدفق المغتربين بأعداد هائلة. وعلى الرغم من أن سوق العقارات في دبي تعج بمشاريع كبرى قيد التطوير مما يشير إلى توقع ارتفاع العرض، إلا أن معظم هذه المشاريع لا يزال في طور الإنشاء. علاوة على ذلك، تسبب التأخير في تسليم العقارات الجديدة في إشعال الطلب على العقارات المتوفرة، وبالتالي في رفع مستوي الإيجار والأسعار. ففي بعض الحالات، ارتفعت الأسعار والإيجارات بنسبة تراوحت فيما بين 40 إلى 50 في المائة في دبي على مدى السنوات القليلة الماضية. ولا نتوقع لتلك الأسعار أن تشهد استقرار في العام 2006. إلا أنه على الرغم من ذلك، لا يتوقع أن يشهد القطاع السكني نفس وتيرة النمو التي عهدها من قبل، الأمر الذي يعزى لفرض الحكومة حدا أعلى لارتفاع الإيجارات لا تتخطى نسبته 15 في المائة. هذا ونتوقع أن تستقر الأسعار حالما يتم إنجاز المشاريع طور الإعداد التي من المقرر اكتمالها في غضون عامين إلى ثلاث.

هذا وتتراوح عائدات الإيجار في دبي فيما بين 7-10 في المائة، وتحصد العائدات السكنية المستويات الدنيا، في حين تنفرد العائدات التجارية بأعلاها. ونرى بأن الأسعار الحالية تضمن هوامش مقبولة لمطوري القطاعين السكني والتجاري في دبي ومستثمريهما علماً بأن هوامش المطورين تعتمد على ما إذا كان المطور حصل على أرضه كمنحة. فضلاً عن ذلك، يتعين على المطورين التركيز على ضبط الأسعار وتوفير مستويات مميزة من الخدمة بغية تشجيع الناس على الشراء وضمان عائداتهم، وذلك لتجنب تهديد العرض الفائض الذي يلوح على المدى المتوسط.

في الوقت الراهن، ثمة نقص في العرض في أبو ظبي مما يفسح العديد من الفرص أمام المطورين. وبنظرة مستقبلية، نرى أن السوق يتطلب عرض ضخم لمخاطبة مستويات الطلب الهائلة، مما سيطمئن المطورين إذ أن الطلب سيأتي في هذه الحال من الداخل وليس من الخارج كما هي الحال، إلى حد ما، في دبي.

وعلى حد سواء، ثمة نقص في المكاتب في دبي. ولا يخفى أن عدداً كبيراً من المكاتب سيتوفر في المستقبل القريب مع بناء مساحات كبيرة من المكاتب التي ارتفع الطلب عليها مؤخراً. وعلى الرغم من أن العرض في طريقه إلى الأسواق، إلا أنه قد يمضي عامان قبل أن نلحظ أي تغيير على سيناريو العرض والطلب القائم حالياً، خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نهضة العمالة واتخاذ الشركات الأجنبية أفرع لها على أرض الإمارات. هذا واستقطبت السياحة في دبي أنظار المستثمرين ليس فقط في حقل الفنادق بل في إطارات تنموية أخرى واسعة النطاق. لكن، وعلى الرغم من أن امتداد المراكز التجارية الشاسعة في دبي يزيد من بريق هذه الإمارة إلا أن الأرقام تشير إلى ازدحام وشيك. هذا وتقدر نسبة مساحة المحال التجارية لكل فرد في دبي بأربعة أضعاف تلك الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية، غير أن الحركة التجارية في دبي تقوم بشكل أساسي على السياحة. فعلى الرغم من أنه ليس من المتوقع أن تغطي موجة الطلب الداخلي كافة مستويات العرض، من شأن ازدياد عدد السياح الوافدين إلى دبي وتعزيز صورة الإمارة كواحة للتسوق أن يحدثا تغييراً في توقعات أصحاب المحال الكبرى.

لابد من الإشارة إلى ازدهار أعمال تجارة التجزئة في أبو ظبي في الآونة الأخيرة بعد أن غابت تلك النشاطات عن الإمارة لفترة كبيرة. ومستقبليا، ينتظر أن يتضاعف نمو قطاع التجزئة في أبو ظبي، وذلك كجزء من المشروعات المختلفة المتوقع إقامتها. وفي حين ستكون عائدات هذه الأعمال وقفا على نجاح المشاريع، ننتظر أن يلاقي المشاركون التجاريون طلباً محلياً يساعد على تحقيق مكاسب وافرة.

أدى تدفق الأعداد الهائلة من السياح إلى نقص حاد في الفنادق في دبي. فانعدام التكافؤ بين ظاهرتي العرض والطلب تسبب في ارتفاع مطرد في مستويات الإشغال السكني. كما أن نزعة استضافة المزيد من السياح القادمين من العالم الغربي الأكثر ثراءً جاءت في مصلحة الفنادق في دبي التي ما انفكت تنعم بقدر وافر من الثراء. وينتظر ارتفاع كبير في مستويات العرض لمقابلة الارتفاع المتوقع في الطلب على مدى السنوات القليلة القادمة. ولا يختلف المشهد في أبو ظبي عما عرضناه حيث من المتوقع أن تشهد الإمارة موجة سياحة ناشطة حالما يتم إنجاز كافة التطورات الرئيسة في المناطق الاستثمارية. كما يتوقع أن يتضاعف عدد السياح القاصدين أبو ظبي ثلاث مرات مقارنة بالأرقام المسجلة حالياً، لتبلغ مليون سائح بحلول العام 2010. وعلى غرار ذلك، يتم التسويق لرأس الخيمة كوجهة سياحية من شأنها تقديم فرص عدة لإنشاء مزيد من الفنادق. لكن ومع صعوبة الحصول على غرف في فنادق الإمارات العربية المتحدة لا يبقى أمام السائح إلى أن يختار بين فنادق أربعة أو خمسة نجوم وبين الفنادق الرخيصة التابعة للقطاع غير المنظم علماً بأنه ثمة فرق شاسع بين الفئتين، مما يتيح لفنادق القطاع المنتظمة المنافسة في هذا الإطار.

ظلت الإمارات الشمالية، وبوجه خاص الشارقة ورأس الخيمة، متوارية عن الأنظار مقارنة بنظيرتيهما الأكبر والأكثر شهرة، دبي وأبو ظبي. إلا أن اهتمام المستثمرين شهد تحولاً في الآونة الأخيرة. فقد شهدت الإمارات الشمالية امتداد موجة الأعمال إليها بدعم من الإعلان عن قيام مشاريع جديدة في الشارقة، دخول شركة إعمار إلى أم القيوين، التطورات الجارية في القطاع الخاص في عجمان والمبادرات الحكومية في رأس الخيمة التي فتحت القطاع العقاري التجاري والسكني أمام الاستثمار الأجنبي، كذلك الإعلان عن القانون الجديد الخاص بتملك الأجانب للعقارات. وفي المستقبل، ننتظر من تلك الإمارات أن تقدم عروضاً استثمارية قيمة نظراً إلى انخفاض أسعار الجمارك فيها نسبياً. لكن بمقارنة التطورات التي تشهدتها هذه الإمارات كماً ونوعاً مقابل تلك الخاصة بدبي وأبو ظبي، ندرك أنه لا مجال للمقارنة. وعلى الرغم من تصاعد معدل النشاط التجاري بتلك الإمارات، إلا أنه ليس ثمة ما يشير إلى تحول الأنشطة التجارية عن الإمارات الكبرى.

وأخيرا وليس آخرا، لا يسعنا القول إلا أن سوق العقارات في الإمارات العربية المتحدة تميز بحركة نشطة مؤخراً بسبب ازدهار الاقتصاد، تدفق أعداد كبرى من الوافدين، تبني سياسات حكومية داعمة، وارتفاع معدلات السيولة في المنطقة. فضلاً عن ذلك، كان للسماح بتملك الأجانب في إمارات كأبو ظبي ورأس الخيمة، ومؤخرا دبي، أثر على صعيد تعزيز ثقة المستثمرين في السوق الإماراتية. ومع أخذ كافة هذه العوامل بعين الاعتبار، نتوقع أن يتابع القطاع العقاري توجهه التصاعدي على المدى القريب مع تباين مدى النشاطات وأهميتها بين الإمارات والقطاعات وفقاً لموقعها التجاري. وفي حين بلغت السوق العقارية في دبي مرحلة نضوج ستؤدي إلى استقرار الأسعار وتهدئة حركة النشاطات بمجرد أن يرتفع العرض في السوق، ولاسيما في القطاع السكني جراء إتمام المشاريع قيد التنفيذ، تتحضر إمارات أخرى كأبو ظبي والإمارات الشمالية كرأس الخيمة للدخول لبدأ توهج النشاط العقاري الخاص بها.

المصدر: غلوبال