في إسرائيل..مطلوب وزير مالية


خلف خلف من رام الله


بعد التحقيق مع وزير المالية الإسرائيلي أبراهام هيرشيزون بتهمة اختلاسه ملايين الشواقل، شنت الصحف الإسرائيلية هجوماً لاذعا عليه، بل حتى أن صحيفة يديعوت خصصت افتتاحيتها للحديث عن فساد وزارة المال في إسرائيل، وتحت عنوان quot;مطلوب وزير ماليةquot; كتب الخبير الاقتصادي الإسرائيلي سيفر بلوتسكر يقول: كان من الممكن أن يكون يوم أمس عيدا في وزارة المالية ومهرجانا حقيقيا. وزير المالية نجح لأول مرة منذ عدة سنوات في دفع الحكومة إلى إنفاق المبلغ المرصود لها لعام 2006 بالضبط من دون خروقات أو فوائض غير مستغلة. رغم شهر القتال في لبنان ازدادت المداخيل في السنة الماضية بنسبة 10.5 في المئة وجلبت لخزينة الدولة 15 مليار شاقل فوق المخطط. الحكومة استخدمت خُمس المبلغ الفائض في تمويل صندوق تعويضات الحرب. أما الأربعة أخماس الأخرى - 12 مليار شاقل - فقد سُخِّرت لتقليص العجز.


وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها تقول: هذه كانت إنجازات كبيرة، ومع ذلك ليست هناك أجواء احتفالية في المالية. على العكس - الاكتئاب مُسيطر وسائد هناك. الموظفون مرهقون قلقون واحدا من الآخر. لا توجد رغبة في العمل والمخاطرة باتخاذ القرارات. يتوخون الحذر ولا يواجهون المشاكل بل يحولونها إلى الاستشارة القضائية.


وقال بلوتسكر الذي كتب افتتاحية الصحيفة: ألازمة الصعبة التي تخيم على وزارة المالية ليست نابعة من اخفاقات السياسة الاقتصادية وإنما من سلسلة طويلة من الملفات والمسائل الخطيرة. وسنقوم الآن بذكرها باختصار:


1- التحقيق والاعتقالات في رئاسة مصلحة الضرائب، من الرئيس جاكي ماتسا وما دونه بتهمة المخالفات الجنائية. هذا تحقيق على نطاق غير مسبوق في تاريخنا الاقتصادي.


2- شكوى المحاسب العام يارون زليخة ضد اهود اولمرت بتهمة التدخل المرفوض والمصلحية عندما كان وزيرا للمالية في عملية خصخصة بنك ليئومي قبل أكثر من سنة. الشكوى تُفحص من قبل مراقب الدولة، وقد حولت للشرطة ومنها للنيابة العامة وللمستشار القضائي للحكومة. الآن ينتظرون أوامر المستشار القضائي ميني مزوز للشروع في تحقيق رسمي. وهذا الموقف اذا حدث لن يكون لطيفا.


3- وزير المالية أبراهام هيرشيزون بدأ يصادر الصلاحيات من المحاسب. زليخة لم يكن مستعدا للانصياع لتعليمات الوزير، وأصر على أجراء مناقصات أيضا في ظل عدم دفع الرواتب لموظفي السلطات المحلية.


4- الخصام الكبير والعلني بين المسؤول في وزارة المالية عن الأجور، ايلي كوهين، وبين الوزير هيرشيزون. كوهين اعترض على اتفاق الأجور الجديد في بنك إسرائيل كما وضعه رئيس الحكومة ووزير المالية ومحافظ بنك إسرائيل، وقال بأن بنود الاتفاق غير مقبولة عليه، واستقال ووافق على انتظار موقف المستشار القضائي للحكومة حول شرعية الاتفاق بكل بنوده.


وتابع بلوتسكر يقول: وضعف قيادة وزير المالية هيرشيزون بارز في الحدثين الأخيرين. موظفون يعارضون قراراته بصورة علنية ووقحة ويتصرفون كأنهم أصحاب القرار وليس المنفذين له. والعاصفة في وزارة المالية ستصل إلى درجة الغليان مع بدء التحقيق ضد الوزير نفسه. عما قريب سيستدعى هيرشيزون للتحقيق في القضية التي يفترض أن يكون أحد المشبوهين الرئيسيين فيها: العلاقات بين هستدروت العمال الوطني وبين الجمعيات التي ظهرت من حوله. التحقيق مع هيرشيزون قد يتسبب في شلل شامل لوزارات الحكومة المدنية.


واختتم حديثه قائلا: ليس هناك سبب لانتظار حدوث ذلك، وليس من الممكن منع حدوث ما لا مفر منه. مع كل التعاطف مع هيرشيزون الشخص، إلا أنه وصل إلى نهاية طريقه كوزير للمالية، والدولة اليوم بحاجة إلى وزير مالية يكون قائدا اقتصاديا قويا وصاحب رؤية قوية نقيا من أي شائبة وصاحب خبرة وقدرة على السيطرة على مستشاريه وموظفيه بيد عليا. وهي المزايا التي يفتقدها هيرشيزون بالضبط.