اكتشاف ثوروي لهيدرات الغاز في كندا

طلال سلامة من روما

يمكن لاكتشاف شكل صلب من الغاز الطبيعي، في الساحل الشرقي لكندا، أن يضع إحدى المصادر الطاقوية الأكبر على الكرة الأرضية، والغير مستغلّة الى اليوم، في خطوة أقرب إلى الاستعمال التجاري. نحن نتكلم عن هيدرات الغاز، وهو خليط من غاز الميثان المتحد مع الماء، ونجده مدفوناً عادة فقط تحت المحيطات، حول العالم، أَو في الجمد السرمديٌ (Permafrost) وهي طبقة متجلدة باستمرار على عمق متفاوت تحت سطح الأرض في المناطق القطبية المتجمدة. لذا، فإن اكتشاف هذا الغاز، خصوصاً في الأعماق الضحلة نسبياً، يرفع الأمل حول إمكان التنقيب عنه يوماً ما، في المستقبل القريب، لاستعماله كوقود.

من جانبهم ينوه العلماء بأن هيدرات الغاز هو الحل المناسب لأزمة الطاقة لأنه يمثل مصدراً مستقبلياً محتملاً هاماً لتزويد البشرية بالوقود. إذ إن إيداعات هيدرات الغاز العالمية الكلية تشكل أكثر من ضُعف كمية التجهيز الإجمالي العالمي للفحم والنفط والغاز الطبيعي معاً. لكن يصعب الوصول إليها! فمحاولات التنقيب عن هيدرات الغاز لأغراض تجارية كانت غير مثمرة، الى اليوم. بيد أن بعثة البحث الأخيرة حددت مواقع جغرافية ضحلة جديدة يستوطنها هيدرات الغاز ما يوفر للعلماء معلومات ذهبية حول كيفية الوصول وquot;القبضquot; على الإيداعات الأعمق.

ونتيجة رصد تجمعات quot;غير اعتياديةquot; من هيدرات الغاز العالي الكثافة في الأعماق الضحلة نسبياً، توجهت بعثة من العلماء إلى مياه quot;كاسكاديا مارجينquot; (Cascadia Margin)، قُرْب كندا، في السنة الماضية، ضمن برنامج بحث وتعاون دولي يدعى (Integrated Ocean Drilling Program). هكذا، وجد العلماء إيداعات من هيدرات الغاز قُرْب quot;كاسكاديا مارجينquot; على عمق 20 متر داخل الرواسب الرملية، ما يجعل التنقيب عنه أكثر سهولة. ويعتبر هيدرات الغاز نظام خزن فعال للغاز الطبيعي، لكن لدى استئصاله من بيئته الطبيعية المستقرة، المتمثلة في درجات حرارة منخفضة ومستوى عالياً من الضغط، يبدأ هيدرات الغاز الانحلال محرراً بالتالي غاز الميثان المنحبس داخله. في هذا الصدد، يقدر العلماء مستودعات هيدرات الكربون، المدفونة في أعماق المحيطات العالمية بأكثر من 10 آلاف بليون طن مقارنة بخمسة آلاف طن من التجهيز الكلي للوقود الأحفوري.

برغم ذلك، يدور الجدل حول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يحررها غاز الميثان في الجو ناهيك من التداعيات السلبية التي تسببها مثل هذه الانبعاثات على تغيرات المناخ. وفي الوقت الحاضر، تستصعب الشركات الطاقوية التنقيب عن هيدرات الغاز. فالبعض من إيداعاته موجودة في الطبقات الجليدية السميكة والبعض الآخر منها ينتشر ككتل ثلجية صلبة طوال مساحات شاسعة. وينبغي معالجة مسألة استخراجه بدقة شديدة وتكنولوجيا متقدمة. فتحريك هيدرات الغاز بدون عناية يجعل تركيبته الجزيئية غير مستقرة ما يؤول الى تحرير كميات ضخمة جداً من الميثان.