حصاد عام من التقلبات وتوقعات 2007
سوق الأسهم السعودية والبحث عن الاستقرار في العام الجديد
إيلاف من الرياض
يعتبر عام 2006 عاماً استثنائيا حيث خالف فيه اتجاه السوق حالة الانتعاش الاقتصادي. فقد حظي هذا العام بعوامل ايجابية كثيرة لنمو الاقتصاد السعودي، والتي من أهمها ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الإنفاق الحكومي، وتخفيض الدين العام، والإعلان عن مشاريع ضخمة (المدن الاقتصادية). إلا أن ما أثر على سوق الأسهم بشكل مباشر هو بدء تباطؤ نمو أرباح الشركات المدرجة، بالإضافة للمخاطر التي تعرضت لها السوق جراء المضاربات العشوائية التي لا تعكس الأوضاع المالية للشركات والتي سيطرت على تعاملات السوق بشكل عام. فالارتفاعات القياسية التي حققتها السوق خلال فترة الطفرة مابين (2003- 2005) والتي ارتفع فيها المؤشر أكثر من 5 أضعاف قيمته خلال تلك الفترة، تلاشت لتشهد السوق أكبر عملية تصحيح منذ إنشائها حيث هبطت من أعلى مستوى لها في يوم 25 فبراير 2006 والذي سجل فيه المؤشر 20,635 نقطة إلى أدنى مستوى له خلال العام عند 7،666 نقطة في يوم 3 ديسمبر 2006 أي بنسبة انخفاض بلغت 63 %.
وحسب تقرير مركز (بخيت للإستشارات المالية) فإن سوق الأسهم السعودية يعتبر استثناءً من أسواق الأسهم العالمية الأخرى، والتي تشهد حالات هبوط خلال فترات زمنية متفاوتة. حيث أن التذبذبات الحادة هي من سمات أسواق الأسهم بوجه عام. هذا ويعتبر انخفاض مستوى المعرفة الاستثماري لدى العديد من المستثمرين نقطة ضعف هيكلية للسوق، فمتى كانت درجة المعرفة الاستثمارية أكبر، أدى ذلك لتراجع حجم المضاربات العشوائية وتهيئة المستثمرين لهذه التذبذبات الحادة. وقد شهد عام 2006 انخفاض معظم أسواق دول الخليج ، فالسوق السعودية انخفضت بنسبة 63%، والسوق القطرية انخفضت بنسبة 55%، وسوق الإمارات (دبي) انخفضت بنسبة 53%، وأبو ظبي بنسبة 52%، وسوق الكويت انخفضت بنسبة 24%، أما فانخفضت بنسبة 17%، أما سوق البحرين فكانت الأقل انخفاضا بنسبة 15%.
تراجعات تصحيحية
وقد شهدت سوق الأسهم السعودية عدة تراجعات تصحيحية منذ تأسيس المؤشر العام في سنة 1985م، ويعتبر التصحيح الذي شهدته السوق عام 2006 أكبر تصحيح منذ إنشاءها. الجدير بالذكر أن آخر تصحيح مماثل من حيث شدة الهبوط كان في عام 1992 والذي انخفض فيه المؤشر آنذاك بنسبة 51% إلا أن الفترة كانت أطول والتي امتدت خلال الفترة (إبريل 1992 - مايو 1995).
سيطرة المضاربة
مازالت عمليات المضاربة التي عادت للظهور بشدة منذ شهر مايو 2005، تلقي بظلالها على حركة التداولات في سوق الأسهم السعودية، وما شهدته السوق من تراجعات تصحيحية قوية منذ 25 فبراير 2006، وتأتي هذه التراجعات كنتيجة طبيعية للارتفاعات الحادة غير المبنية على أسس استثمارية صحيحة لمعظم الأسهم وخاصة الأسهم الصغرى، بالإضافة إلى أن هيئة السوق المالية قد قامت بالسعي لتحجيم عمليات التلاعب بأسعار الأسهم من قبل بعض المضاربين من خلال قرارات صارمة كشفت للعديد من المستثمرين عدم مصداقية الإشاعات التي يقوم هؤلاء المضاربون بترويجها في منتديات الانترنت، ورسائل الجوال (SMS)، وغرف المحادثة (البالتوك)، إضافة إلى صالات التداول وحتى أنها طالت بعض الوسائل الإعلامية العامة (جرائد وقنوات تلفزيونية)، وذلك لمنافع شخصية، مما دفع بدوره عدد من هؤلاء المتلاعبين لتسييل محافظهم قبل اكتشاف أمرهم من قبل الهيئة. الجدير بالذكر أن اعتماد العديد من المستثمرين على الإشاعات عند بناء قراراتهم الاستثمارية قد ساهم بشكل أساسي في تضخم أسعار الأسهم مما أوصل مكرر ربحية السوق إلى 47 مرة خلال شهر فبراير قبل التراجع التصحيحي الأخير الذي كان لابد من حدوثه لإعادة أسعار غالبية الأسهم إلى مستوياتها العادلة.
حجم التداول
حققت معدلات التداول في سوق الأسهم السعودية صعوداً لعام 2006، حيث بلغ إجمالي قيمة التداول خلال العام 2006 نحو 5،261 بليون ريال أي بارتفاع ملحوظ بلغت نسبته 27% عن إجمالي قيمة التداول لعام 2005 والبالغة قيمته نحو 4،139 بليون ريال أي أن السوق قد حققت قيمة تداول خلال عام واحد 2006 ضعف إجمالي قيمة التداول في السنوات الـ 15 الأخيرة وحتى نهاية العام 2004، مما يعكس توافر السيولة العالية لدى المستثمرين و شدة الإقبال على السوق خلال العام. ولكن من الملاحظ أن معظم أحجام التداول التي شهدتها السوق كانت في النصف الأول من السنة حيث شهدت التداولات انخفاضات كبيرة في الأشهر الأخيرة من العام.
ارتفاع السيولة النقدية
وتشير آخر الإحصائيات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي أن هناك نمواً في السيولة النقدية، إذ بلغت في نهاية شهر نوفمبر 2006 نحو 516 مليار ريال سعودي بارتفاع بلغت نسبته 16% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2005. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع السيولة النقدية لا يشكل دائما عاملاً إيجابياً، فقد شكلت وفرة السيولة العالية سبباً هاماً وراء تضخم العديد من أسعار الأسهم وخاصة الأسهم الصغرى في السوق خلال العام 2006، حيث أن الطلب (السيولة النقدية) أكبر بكثير من العرض (الاكتتابات الأولية) مما يؤدي إلى تضخم سعري.
الإكتتابات الجديدة
شهد عام 2006 ارتفاع عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية ليصبح إجمالي عدد الشركات المدرجة في السوق 86 شركة سعودية مساهمة، مما يعطي العمق والتوسع في عدد الشركات وعدد الأسهم المدرجة وهذا بحد ذاته يخفف من حدة المضاربة المركزة على الأسهم الصغرى. فقد تم الاكتتاب بـأسهم 11 شركة في حين تم إدراج أسهم 9 من هذه الشركات في السوق، ولم يتم إدراج أسهم شركتي quot;البولي بروبلين المتقدمةquot; و quot;العبد اللطيف للاستثمار الصناعيquot; بعد نظراً لانتهاء الاكتتاب فيها مع قرب نهاية العام. ويلاحظ من خلال حجم الطلب (عدد مرات التغطية) على الاكتتابات الجديدة مقارنة بحجم الطرح والذي يعكس وجود سيولة مرتفعة في السوق.
قرارات
لقد صدر خلال عام 2006 عدة قرارات تنظيمية متعلقة بهيئة السوق المالية من شأنها تحقيق العدالة والمحافظة على رفع مستوى الشفافية في سوق الأسهم السعودية، أهمها قرار تكليف الدكتور/ عبد الرحمن التويجري رئيساً لهيئة السوق المالية والذي يتمتع بخبرة اقتصادية واسعة، وقرار تجزئة القيمة الاسمية للأسهم لتصبح عشرة ريالات بدل من 50 ريال للسهم، كذلك فقد أقرت الهيئة السماح للمقيمين الأجانب في المملكة بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم السعودية، وقرار إلغاء تداول يوم الخميس، بالإضافة إلى تخفيض عمولة التداول من 0.15% إلى 0.12%، وقرار تعديل فترة التداول في السوق لتصبح فترة واحدة.
توقعات عام 2007م
وبحسب التقرير، فإن من المتوقع وبعد الحركة التصحيحية القوية التي شهدتها سوق الأسهم السعودية والانخفاضات الحادة لمعظم الأسهم السعودية في عام 2006، أن تستقر حركة السوق نسبياً خلال العام القادم 2007، مع توقع بتحسن بشكل تدريجي في الأداء، حيث يعيد المستثمرون ترتيب وتقييم محافظهم الاستثمارية وفق المعايير والأسس الاستثمارية وتبعاً للقيم العادلة للأسهم والاستفادة مما حدث في العام 2006 الذي كان عاماً استثنائياً، وعدم الانجراف وراء الإشاعات. والتي تسببت في إلحاق خسائر كبرى بالمتعاملين. ويتطلع أن تضفي الشركات المالية المرخصة بعداً جديداً، مثال التحاليل المالية وانخفاض تضارب المصالح، ويبقى الدافع والمحرك الأساسي لاتجاه أسعار الأسهم هو عودة الأرباح للنمو والتي شهدت تباطؤاً في الفترة الماضية، وعودة مكرر الربح لمستوياته المقبولة.
التعليقات