قبل أن تلتئم جراح الأسر وتجف دموعهم
حكومة مصر تشجع عودة كارثة توظيف الأموال


bull; الكارثة تعود في شكل فردى...والحكومة تتجاهلها!!
bull; تدهور البورصة وتراجع فوائد الإيداع في البنوك هما السبب
bull; الريان والسعد يطاردان الأسر المصرية في كوابيسهم مجددا.
bull; زكريا عزمي يحذر من عودة الظاهرة ..وسرور يتجاهله.



محمد نصر الحويطي من القاهرة :على ما يبدو ان الحكومة المصرية عادت من جديد لتدعم ظاهرة توظيف الأموال , تلك الظاهرة التى تركت آلاف من المواطنين ينزفون لم تلتئم جراحهم حتى الأن .., ولازالت اسماء الريان والسعد تقع على مسامعهم كالصاعقة بعد ان فقدوا الأمل فى عودة اموالهم المسلوبة....ولكن قد يتساءل البعض ما هو الدور الذى تلعبه الحكومة فى مصر فى عودة الكارثة من جديد...والأجابة تبدو واضحة للمتخصصين والخبراء , فما تتبعه مصر من سياسة نقدية غريبة الأطوار وصلت بالفوائد على الأيداع الى نحو 7% رغم وصولها على الأقراض الى ما يزيد عن 14% , وما تشهده البورصة المصرية من تردى واضح خلال الفترة الحالية جعل المواطنين يلجأون مجبرين الى العودة الى استثمار امولهم فى مجال اخر يدر لهم ارباحا معقولة يطمئنون من خلالها على مستقبل ابنائهم او كما يسمونها quot;تحويشة العمرquot; تلك التى تآذرهم فى شدتهم.


حديث الساعة
ظاهرة توظيف الأموال اصبحت حديث المجالس الاقتصادية وغير الاقتصادية فى مصر خلال الأيام القليلة الماضية خاصة بعد انتشار عدد من المستثمرين الذين يستقبلون اموال المودعين وإغرائهم بالعوائد المالية الكبيرة والسريعة في الوقت نفسه، ولكن الكارثة الحقيقية هو ان الظاهرة هذه المرة عادت فى ثوب جديد وبمعنى اوضح فقد عاد موظفوا الأموال افرادا لا شركات وهو ما يجعل الخطورة تتضاعف مئات المرات , فالشارع المصرى يتناقل الحدث فى الوقت الحالى وكانه شىء عادى , رغم انه لم يمضى سوى شهور على اعلان رئيس البنك المركزى انتهاء قضية شركات توظيف الأموال واغلاق ملفاتها وتعويض ضحايها.


مأزق الحكومة
وحتى تخرج الحكومة فى مصر من مأزق اتهامها بأنها تدعم عودة الظاهرة مجددا فقد خرج وزير الاستثمار المصري الدكتور محمود محيي الدين منذ ايام ليحذر من خطورة عودة ظاهرة شركات توظيف الأموال إلى السوق المصرية قائلا أن معلومات مؤكدة قد تجمعت لدى الأجهزة المصرية المعنية أفادت تورط شركتين تجاريتين في هذا الامر مؤخرا, وان من قاموا بجمع الاموال بطرق غير مشروعة مؤخرا استخدموها في المضاربة في البورصة، مضيفا انه ليس هناك ما يدعو الى الفزع لكن من الاهمية ان نعمل على الا تتكرر احداث الفترة من 85 ـ 1988 مرة اخرى.

وفيما يبدو ان وزير الأستثمار الذى خرج ليطمئن الشعب والمواطنين نسى ان الفترة التي ظهر فيها عدد من شركات التوظيف يتراوح بين 105 الى 400 شركة بين كبيرة وصغيرة تلقت من المال ما نسبته 20% من ودائع الجهاز المصرفي وتسببت في خراب عشرات الالاف من الاسر.

اما النائب الدكتور زكريا عزمى فقد خرج هو الأخر لكنه خرج ليحذر الحكومة من عودة ظاهرة quot;توظيف الأموالquot; مرة أخرى.. ووصف هذه الظاهرة بأنها عملية نصب كبرى لم يسدل الستار عنها بعد ولم يأخذ المودعون حقوقهم منذ عقود.

وتساءل فى بيان عاجل فى جلسة مجلس الشعب عن السبب فى عودة هذه الظاهرة؟ وهل هو طمع المواطن بسبب الفائدة العالية التى تمنحها هذة الشركات ؟ ..وقال لماذا لا ترفع الحكومة سعر الفائدة على الإيداعات لتشجيع الناس على ايداع أموالها فى البنوك.....وللاسف االشديد لم يجبه أحد !!!!!

البورصة والكارثة
الكارثة عادت من جديد ولكن هذه المرة بيد الحكومة لا بيد الشركات ...هذا ما يؤكده عمرو العراقى مدير علاقات المستثمرين بمباشر مصر والذى يقول ان ما تشهده البورصة المصرية خلال الفترة الحالية من تردى واضح فى اسعار اسهمها جعل المستثمرون يهربون منها كما ف علوا قبل ذلك مع البنوك بعد ان وصلت فوائدها على الأيداع الى نسب زهيده .

ويقول العراقى ان الهيئة العامة لسوق المال وادارة البورصة المصرية يعتبرا سببا رئيسيا فيما يحدث بالبورصة المصرية خاصة فى ظل وجود هبوط متواصل لا مبرر له, مشيرا الى ان الحكومة متمثلة فى هاتين الأدارتين هى السبب ايضا وراء عودة ظاهرة توظيف الاموال مجددا تلك التى بدأت تطفو على اسطح خلال الأونة الأخيرة.
البنوك
ومن جانبه يدافع حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي عن القول بأن السياسة النقدية هى السبب وراء عودة الظاهرة مجددا قائلا ان السياسة النقدية لمصر تسير وفق استراتيجية موضوعه مسبقا ولم يحدث ان خفضت البنوك الفوائد على الأيداع او الأقراض من ذاتها فما يحدث هو وفق اوامر مسبقة من البنك المركزى بتثبيت الفوائد او تخفيضها.

ويشير رئيس البنك الأهلى الى ان الفوائد على الأيداع فى مصر ليست ضعيفة كما يرى البعض لكنها تبدو متوازنة على عكس ما يحدث فى بعض البلدان الأخرى حيث انه لا توجد فروق كبيرة بين الفائدة على الأيداع والأقراض فى مصر , مدللا على قوله بأن الفائدة على الأيداع تتراوح ما بين 7 الى 8% اما الفائدة على الأقراضى فتصل فى بعض البنوك التجارية الى 12% ولكل بنك سياسته النقدية فى هذا الأطار.

ويعود حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلى ليؤكد ان عودة ظاهرة توظيف الأموال من جديد قد تأتى فعلا نتيجة انخفاض الفائدة على الأيداع فى البنوك وكذلك قد تكون نتاج طبيعى للتدهور الذى يحدث فى البورصة المصرية لكنه ليس من الطبيعى ان يلقى الفرد بامواله فى الهواء , بمعنى ان الأموال فى البنوك قد تكون اكثر امانا ولكن البورصة لها استراتيجيتها الخاصة , اما قصة العودة الى توظيف الأموال فهذا ما يعتبر استغناءا من الفرد عن امواله.


العائدات والمكاسب
ان قلة العائدات والمكاسب المالية في شتى انواع التجارة وتردى الأستثمار فى قطاع البورصة فى الأونة الأخيرة مع تراجع نسبة الفوائد على الأيداع فى البنوك مثلت عنصرا رئيسيا فى طفو ظاهرة توظيف الأموال مجددا داخل مصر , فحسب رأى الدكتور رشاد عبده استاذ القتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم المصرفية فأن الحكومة بسياستها التى تتبعها سواء فى تقليص الفوائد فى البنوك او تركها لسوق المال يهوى دون مبررات جعلت من كل هذا مناخا مناسبا لعودة تلك الظاهرة التى تمثل كارثة بكل المعايير , خاصة وان ضحاياها لازالوا يبحثون عن اموالهم فى شركات الوهم , ولازالت اسماء الريان والسعد وغيرهم تطاردهم فى احلامهم.

ويقول رشاد عبده ان ظهور مكاسب تصل حتى 70% وفي وقت سريع قد لا يصل الى السنة هذا ما عجل في اقبال المودعين على ايداع اموالهم لدى مستثمرين افراد لا يعلمون عنهم الا القليل وهو ما يمثل كارثة قد تخلق ضحايا جدد .