قانون جديد للتأجير التمويلي في الأردن
عصام المجالي من عمّان
لعب التأجير التمويلي دورا هاما في الاقتصاد العالمي وشكل مصدرا رئيسيا لتمويل الاستثمارات، إذ ثلث الاستثمارات في الأصول الثابتة في الدول المتقدمة تم تمويلها من خلال التأجير التمويلي، ووصل حجم هذه السوق عالميا إلى 579 مليار دولار في العام 2004 وحقق معدل نمو متوسط مقداره 10% على مدى السنوات الخمس وعشرين السابقة.
وأفادت دراسة غير منشورة لمؤسسة التمويل الدولية أن حجم سوق التأجير التمويلي في الأردن شهد نمواً متسارعا خلال السنوات القليلة الماضية ، وزاد حجمه عن 160 مليون دينار مقارنة مع ما حجم بلغ 85 مليون دينار في العام 2004 .
ووفر مشروع قانون التأجير التمويلي المقترح بيئة آمنة للاستثمار في مجال التأجير التمويلي، لما تضمنه من مواد مقترحة تنظم حقوق والتزامات أطراف عقد التأجير التمويلي وإعطائهم مرونة لإبرام العقد بالطريقة التي يتفقون عليها.
ويقول وزير الصناعة والتجارة سالم الخزاعلة إن القانون المقترح والمنظور أمام ديوان التشريع والرأي يلعب دورا هاما في تحسين الوضع الاقتصادي، وسيوفر وسيلة لتطوير الإنتاج وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم إضافة إلى انه يخلق منافسة في السوق المالية إذ انه يزيد من بدائل التمويل المتاحة للشركات.
وبخلاف القروض البنكية التي تتطلب ضمانات ومستندات كثيرة لمنحها يعتبر التأجير التمويلي تمويلاً ذو مخاطر اقل بسبب بقاء ملكية الأصل quot;المؤجرquot; للمؤجر وهو ما ينفي الحاجة إلى ضمانات أضافية.
ويشجع مشروع القانون شركات التأجير التمويلي للاستثمار في هذا المجال فضلا انه يسهل عملية التمويل للمشاريع الصغيرة خاصة وان المأجور وفق القانون يقدم كضمانة لعملية الاقتراض ،والتي تكون بحاجة إلى تمويل لتوسيع نشاطها ولكنها لا تمتلك المقدرة الائتمانية أو الضمانات، الكافية للحصول على التمويل المطلوب من المصادر التمويلية الأخرى.
ويعطي مشروع القانون الفرصة للمشروعات الصغيرة لتنمية إنتاجها وتطويره والحصول على المعدات اللازمة بدون الحاجة إلى توفير مبالغ كبيرة من راس المال اضافة إلى توفير موارد جديدة للمورد المحلي والأجنبي من مبيعات المعدات لزيادة قاعدة عملائهم وإضافة عملاء جدد مما يساهم في زيادة إجمالي الاستثمار في الاقتصاد ككل.
ويعتبر التأجير التمويلي من الوسائل الحديثة لحصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة على احتياجاتها وفقاً لأحدث تكنولوجيا العصر ، اضافة إلى دوره في تعجيل تكوين رأس المال في القطاع الخاص وتعزيز جانب العرض من خلال التعريف بالمشاريع المنتجة من كافة الأحجام وتمويل تأسيسها وتوسعتها وتخصيص الموارد المالية وتوجيهها إلى الاستثمارات الإنتاجية فضلا عن تمويل فرص جديدة للابتكار والتطور التقني.
وبخلاف الوسائل التقليدية للاقتراض فان التأجير التمويلي وجد وسيلة أسهل من الوسائل التقليدية، إذ أن المقترض ليس بحاجة إلى إحضار الكفلاء وبخاصة بالنسبة للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم باعتباره المصدر الوحيد المتاح أمامها للحصول على التمويل طويل الأجل نظرا لعدم تطور أسواق التمويل طويل الأجل في الدول النامية اضافة إلى عدم رغبة البنوك في الإقراض في ظل قوانين تجعل من استعادة وتسييل الضمانة عملية غير فعالة.
ونظرا لاعتماد تطوير اقتصاد قوي في شقه الأكبر على اتساع نطاق الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، يشكل التأجير بديلا انسب لتمويل الأصول بالمقارنة مع مصادر أخرى للتمويل أو حتى التمويل الذاتي.
ويعتبر التأجير التمويلي من وجهة نظر الخزاعلة وسيلة متوسطة الأجل لتمويل الأصول الثابتة كالآلات والمعدات والسيارات والممتلكات. وبذلك فهو وسيلة تمويل للمشتريات وليس عملية تحويل لنقد كما في اغلب القروض البنكية.
وتكمن أهمية التأجير التمويلي باعتباره بديلا تمويلياً مناسباً للمستأجر والمؤجر، حيث يستفيد المستأجر من تدني المتطلبات المتعلقة بالضمانات والتاريخ الائتماني ،وتمويل نسبة اكبر من قيمة الأصل تزيد عن التي تتيحها القروض المصرفية اضافة إلى انه يوفر مرونة يمكن موائمته بما يتناسب مع احتياجات المستأجر فضلا عن تقديم التأجير التمويلي بصيغة تتناسب والشريعة الإسلامية.
ويوفر التأجير التمويلي للمؤجرين مزايا الاحتفاظ بملكية الأصل وبيع خدماتهم وسلعهم إلى شرائح أوسع من العملاء، اضافة إلى الاستفادة من القيود الأقل التي تحكم عمل التأجير التمويلي بالمقارنة مع البنوك لكون شركات التأجير لا تقبل الودائع.
ويقول الخزاعلة أن التأجير التمويلي يوسع دائرة المنافسة في الخدمات المالية وتشجيع تقديم خدمات مالية جديدة ومستحدثة.
يشار إلى انه لم يكن هناك قانون خاص بالتأجير التمويلي في الأردن حتى صدر قانون التأجير التمويلي المؤقت رقم (16) لسنة 2002 ، وكانت البنوك وبعض الشركات قبل ذلك تعمد إلى إبرام عقود تأجير تمويلي سندا للقواعد العامة والقانون المدني (الذي يعتبر بمثابة القانون العام لكل أنواع التصرفات القانونية).
ونظرا للحاجة لقانون تأجير تمويلي متخصص ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر للأصول الثابتة تم إصدار القانون المؤقت وبرزت عند تطبيقه العديد من المشاكل القانونية لعدم وجود بنية تشريعية قوية يمكن الاعتماد عليها نظراً لعدم الخبرة في هذا المجال
وتتلخص أهم محاور مشروع قانون التأجير التمويلي الجديد
السماح بممارسة نشاط التأجير التمويلي دون الحاجة إلى ترخيص خاص من وزارة الصناعة والتجارة ، خصوصا وان عقد التأجير التمويلي من العقود الرضائية كغيره من العقود.
وتم وضع تعريف جديد لنشاط التأجير التمويلي يراعي التطورات الدولية في هذا المجال اضافة إلى تنظيم حقوق والتزامات أطراف عقد التأجير التمويلي بشكل واضح وإعطائهم مرونة عالية لإبرام العقد بالطريقة التي يتفقون عليها فيما بينهم .
ونظم المشروع الأحكام القانونية الخاصة ببعض أنواع التأجير التمويلي المعروفة دوليا ومنها عملية البيع وإعادة الاستئجار والتأجير القانوني والتأجير من الباطن اضافة إلى ضبط الأحكام القانونية المتعلقة بالشروط الشكلية لعقد التأجير التمويلي بشكل واضح لا لبس فيه ، ومنها اشتراط الكتابة وتسجيل بيانات العقد ، بالإضافة إلى وجود أحكام خاصة بمعاملة العقود المتعلقة بالعقارات والسيارات المؤجرة معاملة خاصة باشتراط تسجيلها في الدوائر الرسمية المختصة تحت طائلة البطلان.
وحدد الأمور التي يتوجب أن يشتملها عقد التأجير ومنها وصف المال المأجور يشكا واضح وتحديد اسم مورد المأجور والفريق الذي اختاره وشروط وأحكام تسليم المأجور إلى المستأجر وقيمة دفعات بدل الإيجار وعددها ومواعيدها ومدة العقد.
كما ونظم الأحكام القانونية الخاصة باستعادة المؤجر لحيازة المأجور في حال إخلال المستأجر بشروط العقد بطرق سهلة وسريعة وبأحكام قضائية مستعجلة، وتنظيم الجوانب المالية والضريبية الخاصة بالتأجير التمويلي، ومنح المؤجر الإعفاءات التي يتمتع بها المستأجر (في حال وجودها)، باستثناء الإعفاء من ضريبة الدخل .
التعليقات