خالد بن عبدالعزيز المقيرن
المتأمل في تفاصيل ميزانية الخير التي حمل تباشيرها خادم الحرمين الشريفين يجد أنها تحمل مضامين مفرحة للوطن، حيث واصلت مؤشرات الأداء الاقتصادي بالنمو من خلال تحقيق إيرادات الدولة خلال العام 2007م لتحقق رقما تاريخيا ب 621.5مليار ريال، وهي بالتأكيد تأتي رافداً مهماً لاقتصادنا الوطني لتعزز النمو الاقتصادي على اختلاف مستوياته ومجالاته، وهناك نقاط ثلاثة ارغب التركيز عليها وهي:
أولاً: ركزت الميزانية على أمر مهم وهو تسديد جزء من الدين العام يعد قراراً مهما واستراتيجيا حيث سينخفض الدين إلى 267مليار ريال أي بنسبة 19% من الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي الحالي مقارنة ب 28% في العام الماضي ، وكون هذا الدين هو دين داخلي وبالتالي مرده لبنوك داخلية فإن ذلك سوف ينعكس إيجابا على قدرة البنوك على الإقراض مما سوف يسهم في دورة نشيطة في مجال الإقراض لاسيما لقطاعات مهمة لديها مشاريع تنموية تدعم الاقتصاد الوطني .

ثانياً: من خلال ما تم رصده في باب الإنفاق والذي يعد سخيا على مشروعات وأهداف مهمة للوطن والمواطن ولتحقيق أفضل النتائج على كافة الأصعدة سواء الاقتصادية او الخدمية أو في مشاريع البنى التحتية والإسكان فان المسئولية الآن لدى القيادات التنفيذية لتستوعب أهمية توجيه هذا الإنفاق بآليات احترافية تحقق معادلة الجودة والنوعية في تحقيق البرامج والأهداف من خلال آلية احترافية تضاهي آليات القطاع الخاص وكذلك الاستفادة من الخبرات العالمية إضافة إلى خبراتنا والاهم من ذلك المتابعة المرحلية الدقيقة (milestone) التي يقاس من خلالها مدى قدرة الوزارات والجهات المعنية الأخرى في ترجمة ثمرات هذه الميزانية المباركة وتحقيق طموحات خادم الحرمين الشريفين وحرصه - يحفظه الله- على تحقيق أعلى درجات الاستفادة من مصروفات الميزانية وتحقيق متطلبات التنمية والإسهام في أن يلمس المواطن آثار مثل هذه الميزانيات، من خلال إيجاد آليات أكثر سرعة للإجراءات والنظم المتعلقة بالمشروعات وما يتعلق بتسهيل النشاط الاستثماري والاقتصادي بوجه عام ليمكن من خلال ذلك إثراء مجالاتنا المنتجة بمزيد من المحفزات في ظل هذه الوفرة المالية.

ثالثاً: لعل من الضروري في هذا التوقيت التفكير الجدي في الاستفادة من هذه الطفرة للأجيال القادمة من خلال عدة اتجاهات من ضمنها إيجاد صندوق استثماري متخصص يدار بمجلس إدارة مستقل وان يكون لدينا نظرة إستراتيجية طويلة المدى للاستفادة من مثل هذه الميزانية المباركة لفترات قادمة تسهم في امتصاص ما قد يحدث من تذبذبات في أسعار النفط والاقتصاد العالمي، وأن تتجاوز نظرتنا مجرد الاستفادة الآنية إلى بناء مستقبل مشرق لأبنائنا ووطننا العزيز.

@ رئيس لجنة الأوراق المالية عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض