كامل الشيرازي من الجزائر: أفاد تقرير صدر حديثا، إنّ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر بلغت 1.8 مليار دولار العام الماضي، ما يجعل الجزائر تحتل المرتبة السابعة عربيا خلف كل من الإمارات، العربية السعودية، المغرب، لبنان الأردن وقطر، والثامنة إفريقيا من حيث تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر خلال سنة 2007، في حين تصدرت الجزائر قائمة الدول العربية والإفريقية من حيث جلبها الاستثمارات في قطاع المحروقات.

وبحسب تقرير الديوان الجزائر للإحصائيات، تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، فإنّ الجزائر جلبت 8.6 في المئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة تجاه القارة السمراء، علما إنّ هذه الاستثمارات بلغت في إفريقيا رقما قياسيا جاوز 31 مليار دولار كان لجنوب إفريقيا حصة الأسد فيها حيث عرفت تدفقات بلغت 4,6 مليار دولار، آخذة بذلك 21 في المئة من إجمالي استثمارات المنطقة.

وكان لقطاع المحروقات حصة الأسد من الاستثمارات الأجنبية بالجزائر، بنسبة بلغت 48 في المئة من مجموع تلك الاستثمارات، بينما توزعت باقي الاستثمارات على قطاعات الصناعة والعقار وكذا السياحة، وفيما يتعلق بقيمة الاستثمارات العربية، احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى بجلبها 12 مليار دولار بزيادة تقدر بحوالي 4 مليار دولار، متبوعة بالسعودية التي جلبت أكثر من 4 مليارات دولار، ثم المغرب بحوالي 3 مليار دولار، ثم لبنان بـ2.4 مليار دولار.

هذه المؤشرات تعكس، بحسب خبراء اقتصاديين، حركية بطيئة للاستثمارات الأجنبية بالجزائر، رغم سياسة التطهير المالي، والمحفزات التي منحتها الحكومة الجزائرية، ويعزو مختصون الأسباب إلى عاملي البيروقراطية وتأخر إصلاح المصارف، بجانب إلغاء الحكومة الجزائرية عددا من المناقصات الدولية التي أطلقتها في عدة قطاعات، على غرار قطاع السكك الحديدية.

وكانت السلطات الجزائرية توقعت تسجيل 40 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال سنتين، وذكر رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز بلخادم، قبل فترة إنّ الاستثمارات الأجنبية المباشرة في بلاده، بلغت 20 مليار دولار العام 2006، لكن خبراء يقللون من أثر القيمة المعلنة، طالما أنّها تتعلق إبراز نوايا المستثمرين وليس بمشاريع تجسدت فعليا، على غرار مشاريع المجموعة الإماراتية quot;إعمارquot; التي لا تزال متعثرة للسنة الثانية على التوالي تماما مثل نية ألمانيا لاستثمار نحو مليار يورو للاستثمار في قطاعات البتروكيمياء والسكك الحديدية والموارد المائية بالجزائر.

بيد أنّ مراقبين يتفاءلون بأفق الاستثمارات الأجنبية في الجزائر هذا العام، مع الحديث عن استثمارات عربية بـ5.6 مليار دولار، تشمل عشرة مشاريع بحر السنة الجارية، وتندرج في مجالات الطاقة والأدوية وإنتاج الكهرباء والاتصالات والسياحة والفندقة والعقارات والتجارة، إضافة إلى مراكز الأعمال وإنتاج الأسمدة الفلاحية العالية الجودة.

كما يمثل دخول مجموعة كوفاس العملاقة للتأمينات إلى السوق الجزائرية بعدما فتحت فرعها هناك، نقطة تحول نوعية لما تمثله الخطوة من تقديم خدمات ضمان القروض المصرفية، وتسهيل العلاقات بين مؤسسات فرنسية وجزائرية خاصة في القطاعات الحساسة كالسيارات والتجهيزات الإلكتروميكانيكية والصيدلة، علما أن مؤسسة كوفاس هي التي تقدم كل سنة تنقيطا عن الوضعية في الجزائر، ولها تأثير كبير على خيارات المؤسسات الفرنسية فيما يتعلق بالاستثمار خارج فرنسا.

كما رجّح تقرير اقتصادي فرنسي، أن يحقّق الاقتصاد الجزائري مردودا جيدا خلال العام الجاري، وقالت الوكالة الفرنسية لتأمين القروض على الصادرات، أنّ الجزائر تتوفر على إمكانات لتغطية مجالات تحرك اقتصادية واسعة.


وتوقعت الوكالة في تقريرها، أن يبقى النمو في الجزائر متوازنا هذا العام، مبررة ذلك بمباشرة السلطات هناك لإصلاحات حاسمة وفرت استقرارا سياسيا ورخاءا ماليا لم تشهدهما من قبل، كما لاحظت أنّ التشريع الجزائري لا يميز بين الاستثمارات الوطنية ونظيراتها الأجنبية، ما فسح المجال أمام الاستثمار المنتج ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية على لسان رئيس (كوفاس) فرانسوا دافيد، أنّ الجزائر بلد آمن ومهم فيما يتعلق بمحيط الأعمال، واعتبر المسؤول ذاته أنّ تصنيف الجزائر في الخانة quot;أ 4quot;، يعد quot;رمزا جيداquot; على تقدم الجزائر في التقليل من حجم الأخطار الاقتصادية.

يشار إلى أنّ الجزائر ألغت أوائل شهر سبتمبر/أيلول الماضي، كافة التعريفات الجمركية الخاصة بالمنتجات الصناعية الأوروبية، وذلك تطبيقا لاتفاق الشراكة بين الجزائر والإتحاد الأوروبي الذي يدخل عامه الثالث.

ونص الإجراء على الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية والضرائب على فئتين من المنتجات الصناعية، الأولى تخص 1095 منتجا سيتم تمديد التخفيضات بشأنها على مدى خمس سنوات مع تخفيض أول بنسبة 20 في المئة، ليتم تقليص نسبة الرسوم الجمركية القاعدية إلى 80 في المئة، بينما تتعلق الثانية بـ1858 منتجاً سيتم إلغاؤه على مدى 10 سنوات مع تخفيض أول بنسبة 10 بالمائة، لتتقلص النسبة القاعدية إلى 90 في المئة في التاريخ ذاته.