بعد أن أكتفت بالتركيز على إصلاح للنظام المالي العالمي
خبراء اقتصاديون : نتائج القمة جاءت دون مستوى التوقعات

محمد العوفي من الرياض-واشنطن

الرئيس الأميركي أكد على مبادئ حرية السوق

ركزت مسودةبيان قمة العشرين الذي أعلن في مساء اليوم على الاتفاق على استعادة النمو الاقتصادي وتنفذ العديد من الاصلاحات و السياسات المؤيدة للتنمية مما جعل الاقتصاديين يعتبرون أن القمة جاءت دون مستوى التوقعات المأمولة. وخلا البيان الذي تلاه الرئيس الأميركي من أي تعهدات أو التزامات من قبل الدول لدعم صندوق النقد الدولي رغم الجهود الأوروبية التي بذلت قبل القمة للحصول على دعم دولي للصندوق، وهو ما يتفق مع تصريحات خبراء اقتصاديون تحدثوا لـquot;إيــلافquot; في وقت سابق بأن السعودية لن تلزم نفسها بأي تعهدات مالية لصندوق النقد الدولي، وأن مشاركتها تقتصر على تبين مواقفها من الأزمة.

كما خلا البيان من الاقتراح الأوروبي بقيادة فرنسا من إنشاء هيئة دولية جديدة وإجراءات أكثر صرامة لمراقبة الأسواق والاستثمارات. على الرغم من أن التوقعات التي سبقت القمة ترجح أن يوافق زعماء العالم المجتمعون بقمة العشرين في واشنطن على تبني نظام للإنذار المبكر للتحذير من مشكلات مالية قادمة, وأن يعلنوا التزامهم بتطبيق واعداد محاسبية أكثر تشددا لمنع حدوث أزمات في المستقبل كالتي تعصف بأسواق المال حالياً، إلا أن مسودة بيان لقمة مجموعة العشرين جاءات خلافاً لذلك .

حيث تضمنت المسودة أن زعماء العالم المجتمعين اتفقوا يوم السبت على العمل استعادة النمو الاقتصادي وتنفيذ إصلاح للنظام المالي العالمي
وإشارت مسودة القمة إلى أن العمل سيوجه وفقا للقناعة المشتركة بان مبادىء السوق والتجارة المفتوحة ونظم الاستثمار وأسواق المال التي تنظم بشكل فعال تشجع الحركة والإبداع وحسن الإدارة اللازمة للنمو الاقتصادي وخلق فرص عمل والحد من الفقر.quot;

وجاءت نتائج القمة متوافقة مع التصريحات الصادرة عن رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر قبل تواجهه إلى واشنطن حيث قال إن الاقتصاديات الرئيسية سترفض الدعوة إلى فرض قيود خارجية على نظمها المالي، وأن بلاده تفضل إصلاحا محليا للتنظيم الرقابي في كل البلدان لتجنب أزمات جديدة وتريد خضوع النظام المصرفي لكل دولة إلى مراجعة عامة ملزمة. لكن قال انه يعارض إصلاحا واسع النطاق للإشراف الرقابي العالمي وحذر من اتخاذ تدابير للحماية التجارية.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة في تصريح لـ quot; إيلافquot; إن نتائج القمة كانت أقل من توقعات الاقتصاديين، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يعود إلى تمسك الولايات المتحدة بمبدأ الاقتصاد الحر ومعارضتها للرقابة الأسواق، وفقاً لما أعلنه الرئيس الأميركي قبل القمة، عندما قال أن الزعماء سيبحثون في القمة سبل عدم تكرار حدوث مثل تلك الأزمة المالية، وأنه تم التأكيد على مبادئ حرية الأسواق والتجارة والابتعاد عن تطبيق سياسات للحماية التجارية بدلاً من الإجراءات الأكثر صرامة التي تفضل بعض الدول الأوروبية تطبيقها للحد من تجاوزات الرأسمالية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لن تسمح بالتخلي عن زعامتها الاقتصادية ومبادئها الرأسمالية.

تفاؤل وترقب يسود التجارة العالمية حول نتائج قمة العشرين
وأضاف بن جمعة أن الولايات المتحدة تعتبر القوة الاقتصادية الأولى بناتج قومي يصل إلى 14 تريليون دولار بما يعادل 22 في المئةمن الناتج العالمي، وأنها تساهم بنحو 35في المئةمن ميزانية صندوق النقد الدولي وبالتالي المسيطر الأول على صندوق النقد الدولي، والموجه لسياساتها.

وفي سياق متصل أوضح أن الإنفاق الذي أعلنت عنه السعودية على القطاع النفطي وغير النفطي خلال الخمس سنوات المقبلة يتوقع لها أن تصل إلى 400 مليار دولار يؤكد على قوي ومتانة الاقتصاد السعودي وعدم تأثرها بالأزمة العالمية الحالية، مشيراً إلى أن تلك المبالغ يتم إنفاقها في تحسين البنية التحتية وزيادة إنتاج السعودية من النفط، والمتوقع إن يصل في نهاية 2009 إلى 12.5 مليون برميل يومياً. وتابع أن لدى السعودية احتياطات مالية ضخمة تكمن من الاستمرار في الإنفاق مستقبلاً على مشاريعها الاستثمارية والتطويرية دون التأثر بتراجع أسعار النفط.

وفي المقابل كان الأوروبيين يأملون من القمة تبني إجراءات أكثر صرامة للحد من تجاوزات الرأسمالية، ويقول الزعماء الأوروبيون الذين مارسوا ضغوطا على الإدارة الأميركية لإعلان خطة العمل هذه، إن الأزمة المالية أظهرت أن هناك حاجة للمزيد من قواعد السوق الأكثر تشددا لتقييد الحرية الرأسمالية.

وقال وزير المالية الألماني بير شتاينبروك إن الفرصة السانحة حاليا لإجراء إصلاح مالي لم تتح من قبل. أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فقد أكدت قبل التوجه إلى واشنطن أنها سوف تفعل كل ما بوسعها لإيجاد قواعد تمنع حدوث مثل هذه الأزمة مستقبلا.

وطالب رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون بتحديث النظام المالي العالمي الذي أنشئ على أساس اتفاقية بريتون وودز بعد الحرب العالمية الثانية, من أجل الوفاء بمتطلبات عولمة الاقتصاد حيث يتحرك رأس المال بسرعة شديدة عبر حدود الدول.

وفي أول تعليق له على القمة بعد انتهائها أشاد الرئيس الأمريكي جورج بوش بالقمة الاقتصادية العالمية بوصفها ناجحة، لافتاً إلى إن الزعماء وافقوا على مواصلة السياسات المؤيدة للتنمية ولكن أصر على أن هناك حاجة لمزيد من العمل في التعامل مع الأزمة المالية.

وقال بوش للصحفيين عقب انتهاء قمة واشنطن quot;هناك تفاهم مشترك من جانب الجميع بأن علينا تبني سياسات اقتصادية مؤيدة للتنمية.quot; وأضاف quot;من المنطقي أن نخرج من هنا بخطة تحرك محكمة لدينا ومن المنطقي أيضا أن نقول للناس بأن هناك المزيد من العمل الذي يتعين انجازه وسيكون هناك المزيد من الاجتماعات.quot;

من جانبه، اعتبر رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر ان قمة مجموعة العشرين اطلقت quot;عملية غير مسبوقةquot; وان الاسواق ستتفهم ارادة البلدان المعنية العمل سوية للخروج من الازمة. وقال هاربر للصحافيين في ختام القمة quot;انها عملية غير مسبوقة حيث ستعمل البلدان المتطورة والبلدان النامية سوية لادارة المشاكل الراهنة للاقتصاد العالميquot;. واضاف هاربر ان التطور quot;المدهش في رأييquot; هو quot;الاتفاق بالاجماع تقريبا على كل المواضيع الكبرىquot;، على رغم تنوع المشاركين في القمة.

واوضح quot;هذا لا يعني انه لم تحصل خلافات او تبايناتquot; لكن quot;الجميع يتفهم المخاطر الكبرى للوضع الراهن وضرورة العمل سويةquot;. واعتبر هاربر البيان الختامي للقمة quot;بالغ الاهميةquot;، موضحا ان الاسواق ستدرك ذلك. وقال ان quot;الاسواق ستفهم ان كل حكومات العالم تتفهم ضرورة التحرك والتعاونquot;. لكن رئيس الوزراء الكندي اشار الى ضرورة اجراء تغييرات ضرورية في الاقتصاد بسبب الازمة. وقال quot;نتفهم جميعا ان ما بدأ ازمة مالية هو بكل وضوخ ازمة حقيقية على الصعيد العالمي وتستوجب تعاونا وتنسيقا من الجميعquot;، مشيرا الى quot;اننا لا يمكننا التكهن بالفترة المطلوبة لعودة الوضع الى طبيعتهquot;.

النقاط الرئيسية في بيان قمة مجموعة العشرين

و في ما يلي اهم نقاط خطة التحرك التي تبنتها قمة محموعة العشرين بهدف تحسين تنظيم القطاع المالي في العالم وتعزيز شفافيته:

-- تعزيز الشفافية والمسؤولية

قبل 31 آذار/مارس، اصلاح معايير المحاسبة في ما يتعلق بتقدير قيمة الادوات المالية المركبة عندما يتعذر بيعها في الاسواق. تحسين الشفافية بشأن الموجودات خارج اطار التقارير المتعلقة بالاداء والادوات المالية المركبة. تعزيز ادارة الهيئة الدولية التي تعد معايير المحاسبة. على المدى المتوسط، وضع معايير محاسبية عالمية واحدة عالية النوعية، والعمل على تطبيقها، والعمل على ان تكون الشركات المالية اكثر شفافية بشأن المخاطر.

-- نشر قواعد تنظيمية سليمة

- انظمة الهيئات المنظمة

قبل 31 آذار/مارس على صندوق النقد الدولي ومنتدى الاستقرار المالي quot;الموسعquot; وغيرها من الهيئات المنظمة تقديم توصيات للتخفيف من جنوح الاسواق الى المبالغة في التقلبات من ارتفاع وانخفاض.

على المدى المتوسط، على كل دولة القيام بمراجعة لنظامها المالي وتشريعاتها التنظيمية (برنامج تنظيم القطاع المالي) ودراسة الفروق وتحسين ادارة حالات الافلاس.

- المراقبة الاحتياطية

قبل 31 آذار/مارس على الهيئات التنظيمية التأكد من ان وكالات التصنيف الائتماني تطبق المعايير التي تعتمدها، وان المؤسسات المالية تملك رأس المال المناسب، وخفض المخاطر المرتبطة ببعض الادوات المالية المشتقة. على الهيئات التنظيمية دفع المستثمرين الى استخدام برامج الكترونية للادوات المالية المشتقة التي يتم التفاوض حولها بالتراضي.

- ادارة المخاطر

على الهيئات التنظيمية ان تقدم قبل 31 آذار/مارس توصيات حازمة للمصارف في هذا الشأن والعمل على تطبيقها. يجب ان تدرس لجنة بازل نماذج جديدة لازمات وهمية للشركات، وعلى الشركات المالية الامتناع عن تشجيع المجازفة بتقديم مكافآت عليها. على المدى المتوسط، على الهيئات التنظيمية التكيف بسرعة مع الابتكارات المالية ومتابعة التغييرات الكبيرة في اسعار الاسهم وانعكاسات ذلك على الاقتصاد.

-- تشجيع نزاهة الاسواق المالية

قبل 31 آذار/مارس، تحسين التعاون بين مختلف السلطات القضائية وتبادل المعلومات ودراسة ما اذا كانت القواعد التي تحمي الاسواق والمستثمرين فعالة. على المدى المتوسط، تطبيق اجراءات لحماية النظام المالي العالمي من نشاطات الجنات الضريبية.

-- تعزيز التعاون الدولي

قبل 31 آذار/مارس، انشاء هيئات مراقبة لكل الشركات المالية الكبرى. quot;يجب ان تجتمع المصارف العالمية الكبرى مع الهيئة الخاصة بمراقبتها لمناقشة نشاطاتها بعمق وتقييم المخاطر التي تواجهها هذه المؤسساتquot;. على المدى المتوسط، التقريب بين مختلف اساليب العمل والتأكد من ان الاجراءات الموقتة في مواجهة الازمة لا تضر بالمنافسة وتجري بشكل منتظم.

-- اصلاح الهيئات المالية الدولية

قبل 31 آذار/مارس توسيع منتدى الاستقرار المالي وتعزيز التعاون مع صندوق النقد الدولي ومراجعة موارد وادوات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ودراسة وسائل اعادة تمويل الدول الناشئة والدول النامية. على المدى المتوسط، ابراز وزن الاقتصادات في صندوق النقد والبنك الدوليين. يجب ان يكون لصندوق النقد الدولي دور متزايد في تقييم القطاع المالي والنصح في السياسة المالية الشاملة وتقديم مساعدة للدول الناشئة والنامية لتطبيق المعايير الدولية الجديدة.