نجلاء عبد ربه من غزة: وقفت أم محمود تنتظر دورها أمام محل المثلجات داخل إحدى أسواق غزة الشعبية بينما يصطف أمامها مواطنون كانوا قد سبقوها في الوصول لهذا المحل وشراء ما يحتاجونه من لحوم مثلجة.

واتجه الفلسطينيون صوب تلك اللحوم بعدما وصل كيلو اللحمة الطازجة إلى ما يقرب من 70 شيكلاً (حوالى 20 دولارا)، الأمر الذي أدى إلى عزوف الناس عن شرائها، وأصبحت من المحرمات والممنوعات كما يقولون على سبيل المزاح.

وتشير الحاجة أم محمود سالفة الذكر quot;58 عاماًquot; إلى أنها تذهب أسبوعياً لشراء الأسماك واللحوم المثلجة. وتقول لإيلاف quot;أرخص بكثير قياساً باللحوم والأسماك الطازجة، خاصة وأن زوجي دون عمل منذ سنوات، غير أننا نعتمد على فاعلي الخير وجمعيات تساعدنا في حياتناquot;.

ويحتكر تجار اللحوم الفلسطينيون تلك المهنة، ويرفعون أسعارها كيفما يشاءون دون أن تستطيع أيٍ من الحكومتين quot;رام الله أو غزةquot; وقفهم عند حدود المعقول.

أعربت السكرتارية الدائمة للراصد الاقتصادي، قلقها بشأن ارتفاع أسعار اللحوم المبالغ به. ولفتت إلى دور وزارتي الزراعة والاقتصاد الوطني في مراقبة أسعار اللحوم في السوق الفلسطينية، خصوصا بعد ارتفاعها المبالغ به على أبواب موسم عيد الأضحى المبارك والأضاحي.
وأشارت إلى أن وحدة حماية المستهلك في الراصد الاقتصادي وبعد متابعة ميدانية للسوق الفلسطينية، وجدت أن سعر كيلو اللحوم عبر البيع من تجار المواشي وصل إلى خمسة دنانير ونصف، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم للمستهلك لتصل إلى سبعين شيكلا للكيلو الواحد.

وعادة ما تنخفض أسعار اللحوم قبيل عيد الأضحى من كل عام، إلا أن هذا العام عند الفلسطينيين إنعكس بشكل مختلف، ودخلت اللحمة في عالم الممنوعات أو المحذورات عند الفقراء وميسوري الحال من الأسر الفلسطينية.

يقول الحاج موسى عبد اللطيف لإيلاف quot;في الحقيقية، حتى الأغنياء باتوا يشاركوننا في الشيء نفسه، ويشترون لحوماً مثلجة. الوضع هنا في الأراضي الفلسطينية ليس سهلا على الإطلاق، بل يزداد تعقيداً يوماً بعد يومquot;.

المعاناة ذاتها تتجدد بشكل ظاهرة تجتاح الفلسطينيين عندما يحتكر التجار سلعة ما أو منتوجا معينا، ويستغل هؤلاء التجار حالة الإنقسام وتساهل القوانين نوعاً ما لفرض ما يريدونه على السوق.

فعلى الرغم من دخول آلاف الخراف والماعز ومئات العجول الصغيرة من الأنفاق بين الحدود المصرية والفلسطينية، إلا أنها إختفت تماماً من السوق الغزية، وبقيت أسعار اللحوم على طبيعتها.

ويخشى الفلسطينيون إرتفاع أسعار الأضاحي هذا العام ما يؤدي إلى إمتناع الكثيرين من إقامة الشعيرة الإسلامية. ففي العام الماضي بلغت أضحية العجول أو البقر حوالى 1400 شيكلا (350 دولارا)، وهي الحالة التي يشترك فيها سبعة أفراد في أضحية العجل الواحد. هذه السنة وصلت الأضحية على النحو السالف إلى 2500 شيكل (750 دولارا) .
ورغم مناشدة العديد من الشخصيات الفلسطينية والمؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان الفلسطيني لفتح المعابر التجارية التي تتحكم بها إسرائيل، لإدخال مواد وسلع أساسية، إلا أن إسرائيل أبقت على إغلاقها.

وتشير إحصائية دولية إلى أن عزوف الفلسطينيين عن شراء الفواكه واللحوم والخضروات الطازجة، وميلهم نحو مثيلاتها من المثلجة، سيؤدي إلى تدهور الصحة العامة لدى كافة الشرائح في المجتمع الفلسطيني.

ويقول وائل عبد الرازق إن الأمر ليس بيده quot;فكل شيء هنا غالي الثمن وأصبح ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل الحصارquot;.