الحوار العراقي الأميركي ينتهي باتفاق اقتصادي إستراتيجي
واشنطن تساعد بغداد لإلغاء الديون وتوفير وظائف ومكافحة الفساد
أسامة مهدي من لندن : اختتمت في بغداد اليوم اجتماعات الحوار العراقي الأميركي بمشاركة مسؤولين اقتصاديين وماليين كبار من الجانبين بالاتفاق على استراتيجية تعاون مشترك تساعد فيها واشنطن بغداد على إلغاء الديون المترتبة عليها وتقديم الدعم المالي للمشاريع الصناعية والزراعية واستثمار الطاقة وتطوير القطاعين المصرفي والخاص من أجل توفير فرص عمل لآلاف العاطلين إضافة إلى عقد مؤتمر ثان ربيع عام 2009 .
وفي ختام اجتماعات تخللتها مناقشات اقتصادية عبر ثماني ورش عمل مشتركة على مدى يومين صدر بيان ختامي أشار إلى أن الجانبين أكدا ضرورة استمرار الحوار حول تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين في مسعى لإنعاش الاقتصاد العراقي ورفع مستوى النمو في البلاد . وأضاف أن الجانبين اتفقا على عقد مؤتمر حوار آخر ربيع عام 2009 على أن يحدد مكانته في وقت لاحق . وأشار البيان إلى أنه تم تكليف اللجنة الاقتصادية العليا في مجلس الوزراء العراقي واللجنة الاقتصادية في السفارة الأميركية بمهمة متابعة وتنفيذ توصيات المؤتمر .
وقال نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح في كلمة له إن المؤتمر شكل فرصة لتأكيد التزام الولايات المتحدة بتوسيع دعمها ومساعدتها للعراق لتطوير اقتصاده في جميع قطاعاته المختلفة . وأكد أن الأمن المتحقق في العراق حاليا لن يدوم من دون تحقيق تقدم اقتصادي يعزز اصطفاف القوى السياسية مع بعضها ويحقق نقلة نوعية في حياة العراقيين وحالتهم المعيشية . وأشار إلى ضرورة أن يتم خلال العام الحالي 2008 التركيز على حل العقد السياسية التي يعانيها العراق وتعيق التحولات الاقتصادية. وأوضح أن العراقيين ينتظرون الكثير من المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة للمساعدة على ترجمة هذه الطموحات وتحويلها إلى مشاريع حقيقية لتحسين أوضاع العراقيين من خلال استخدام أفضل للثروات البشرية والطبيعية في البلاد.
وشدد صالح على أن العراق يواجه تحديات اقتصادية خلال العام الحالي لكنه ومن خلال ورش العمل المشتركة للمؤتمر الحالي ونقاشاتها يتضح أن هناك إمكانية للتعاون الثنائي من اجل عمل مشترك يحل الاختناقات الناتجة من السياقات القانونية والإدارية التي تعرقل التقدم الاقتصادي . وأشار إلى انه تم الاتفاق على سياسات لاستثمار الطاقة وفي مقدمتها النفط والغاز وإيجاد بنية استثمارية مواتية بشكل أفضل في هذا القطاع.. موضحا أن العام الحالي سيشهد صدور قانون النفط والغاز الجديد والثروات الطبيعية لكنه قال إن هذا الأمر يواجه مشاكل سياسية واقتصادية ليست هينة تعي القيادة العراقية صعوبتها.
واقر المسؤول العراقي بعدم إمكانية حل المشاكل الاقتصادية للعراق خلال العام الحالي لكنه أشار إلى إمكانية تحقيق تحولات واسعة من خلال الوحدة والإصرار على العمل والتعاون الدولي مع العراق وفي مقدمته الولايات المتحدة .
ومن جانبه أشار وزير المالية العراقي بيان جبر إلى أن المؤتمر شهد اجتماعات 8 ورش عمل مختلفة تتعلق بقطاعات الاقتصاد العراقي والتعاون المشترك مع الولايات المتحدة . وأكد أن حصيلة أعمال هذه الورش كانت مهمة في مجال استمرار الولايات المتحدة في تقديم مساعداتها لتحقيق إصلاحات في مجال المصارف والجمارك وبناء عراق جديد اقتصاديا .
أما مساعد وزير الخزانة الأميركية مكنمارك فقال إن وفد بلاده للمؤتمر قد اطلع على ما تحقق من انجازات اقتصادية في العراق وأكد أن الأميركيين يتطلعون إلى العمل مع العراقيين من اجل تحقيق مزيد من الإصلاحات الاقتصادية وتنمية القطاع الخاص واتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد المالي والإداري من اجل عراق ديمقراطي آمن .
وشدد وكيل وزير الخارجية الأميركية روبن جيفري من جهته على أن الأميركيين يعملون مع العراقيين من اجل استخدام أكثر فائدة لثرواتهم وتطوير اقتصادهم وتنمية القطاع الخاص وتحقيق استراتيجية فاعلة في مجال الطاقة ودعم المشاريع الزراعية والصناعية من اجل توفير فرص عمل أكبر للعاطلين .
وفي ختام مؤتمر الحوار عقد الجانبان مؤتمرا صحافيا أشار فيه وزير التخطيط العراقي علي بابان إلى أن النقاشات التي جرت خلال المؤتمر أكدت ضرورة وضع أسس لعلاقات استراتيجية واسعة اقتصاديا بين العراق والولايات المتحدة تستند إلى المصالح المشتركة .
وشدد على أن البعد الاقتصادي هو المرشح للاستمرار في العلاقة بين البلدين أكثر من البعدين السياسي والعسكري وأشار إلى انه إذا ماحصلت تعقيدات في القطاعين الأخيرين فان الاقتصاد هو الذي سيعوض عنهما . وأكد أن العراق يريد للعلاقة الاقتصادية بين البلدين استراتيجية كاملة ستكون جزءا من المعاهدة الطويلة الأمد المنتظرة بينهما.
أما وزير المالية بيان جبر فقد أشار إلى الاتفاق على تقديم الولايات المتحدة لمساعدات فنية وعلمية وتقنية إلى العراق في جميع المجالات الاقتصادية وفي مقدمتها المساعدة في إلغاء الديون وتطوير القطاعات الصناعية والزراعية .
وأشار نائب وزير الخزانة مكنمارك إلى أن الشراكة الاقتصادية بين البلدين ستركز على استثمار أكبر للموارد الطبيعية . وعبر عن الأمل في إنجاز خطوات عملية خلال العام الحالي لمكافحة الفساد المالي والإداري وإصلاح القوانين والتشريعات التي تعيق التقدم الاقتصادي .
وكان المسؤولون العراقيون والأميركيون المشاركون في الحوار قد أكدوا أمس لدى بدء المؤتمر أن الإرهاب والفساد المالي يشكلان اكبر التحديات لعمليات التطور الاقتصادي في العراق .
وأكد برهم صالح في كلمة في افتتاح المؤتمر أن العراقيين يعملون وسط تحديات كبيرة وخطرة من اجل النهوض بواقع البلاد التنموي وقال إن ديون العراق قد انخفضت بنسبة كبيرة حيث تم إعفاؤه من 84 مليار دولار منها. وشدد بالقول إن العراق مازال يواجه تحديات وعقبات خطرة في مجال التقدم الاقتصادي حيث إن الإرهاب والفساد المالي يشكلان اكبر هذه التحديات . وقال إن هذين الخطرين يقفان عقبة أمام أي تطور اقتصادي سريع ومطلوب في ظروف العراق الحالية. كما أشار إلى أن العراق يعاني كذلك مشاكل إدارية وقانونية مهمة ناتجة من تحول العراق من نظام سيطرة الدولة المطلقة إلى الاقتصاد الحر الذي تتحكم فيه السوق . وأضاف quot;أمامنا طريق طويل لإنجاز الإصلاح المالي والإداري حتى نستطيع الانطلاق إلى الاستثمار المالي والبشري بشكل أفضلquot; .
ومن جانبه أشار السفير الأميركي في العراق رايان كروكر إلى أن ماتحقق في العراق من تقدم أمني يجب أن يلحقه تقدم اقتصادي واجتماعي وخدمي . وقال في كلمة له إن هذا يبعث على الفخر من ناحية تصاعد الاستثمارات وانخفاض التضخم وتوفير فرص عمل للعاطلين . وأضاف أن القوات المسلحة العراقية والأميركية حققت انتصارات باهرة على الإرهابيين وان مطلع عام 2008 يشكل مرحلة أمنية واضحة تختلف عن الفترة نفسها من العام الماضي . وأشار إلى أن الثمن كان غاليا لتحقيق هذا التقدم حيث قدم جنود البلدين تضحياتهم وأرواحهم من اجل أن يكون العراق أفضل. وشدد على ضرورة التقدم نحو منجزات اقتصادية كبيرة وخاصة في مجال النفط والطاقة .. وقال انه إذا كان عام 2007 للأمن فان عام 2008 يجب أن يكون للتقدم الاقتصادي لان تعزيز الأمن يحتاج إلى هذا التقدم. وأكد أن الولايات المتحدة تعمل مع العراقيين من اجل مواجهة تحديات الإرهاب والفساد المالي التي تعوق النهوض الاقتصادي .
وشارك في المؤتمر الذي بحث آليات التقدم الاقتصادي في العراق ومعوقاته وتعزيز العلاقات العراقية الأميركية في هذا المجال وزراء ومسؤولون كبار أميركيون وعراقيون
يتقدمهم منالجانب العراقي نائب رئيس الوزراء برهم صالح ومستشار الأمن القومي موفق الربيعي ووزراء المالية بيان جبر والنفط حسين الشهرستاني والتجارة عبد الفلاح السوداني والتخطيط علي بابان والكهرباء كريم وحيد والصناعة فوزي حريري والاعمار بيان دزئي والزراعة علي حسن البهادلي إضافة إلى وكلاء الوزارات المعنية ومدرائها العامين .. ومن الجانب الأميركي وكيل وزير الخارجية الأميركية روبن جيفري ومساعد وزير الخزانة الأميركية مكنمارك وعدد من كبار مستشاري الحكومة الأميركية بالإضافة إلى السفير كروكر .
التعليقات