كامل الشيرازي من الجزائر: كشف quot;مبارك قندازquot; المدير العام للمعهد الجزائري لوقاية النباتات، الاثنين، أنّ القطاع الزراعي في بلاده يتكبّد خسائر سنوية تربو قيمتها عن المائة مليار دينار جزائري، بما يعادل 110 مليون دولار، وذلك بسبب التلف الذي يلحق 30 بالمائة من المنتجات الزراعية جراء استفحال أمراض طفيلية تنقلها الحشرات الضارة والطيور المهاجرة، وهي فاتورة ثقيلة تفرض مخطط فعالا يكفل عدم تكرار سيناريوهات كارثية كتلك التي تسببت فيها قوافل الجراد خلال مواسم سابقة.
وأضاف المسؤول الجزائري في مقابلة مع quot;إيلافquot;، أنّ اللائحة السوداء تتضمن أمراض مثل quot;التريسيتزاquot; وquot;السوسة الهنديةquot;، وفيروس الأشجار quot;لشاركاquot;، هذا الأخير يصفه quot;مبارك قندازquot; بـquot;الفتاكquot; ومن شأن عدم التصدي له، أن يؤدي بحسب خبراء إلى إتلاف جميع المحاصيل الزراعية، مع الإشارة أنّ الجزائر أنتجت العام الماضي ما يعادل 43 مليون قنطار من الحبوب، وقد تتضاعف هذه الكمية إلى ما يفوق 60 مليون قنطار وهذا يعني تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة القمح الإستراتيجية وكذا تقليص مصاريف الاستيراد من الخارج والابتعاد عن دائرة التبعية للاقتصاد الأجنبي.
وعمدت السلطات إلى تخصيص أغلفة مالية معتبرة للحيلولة دون اتساع رقعة هذه الخسائر، لكن ذلك لم يحل دون تسبب الطيور المهاجرة على طريقتها في خفض محسوس لمردود الحبوب، تماما مثل مرض quot;البيوضquot; الذي يهدد التمر، بعد أن أتلف كثير من نخيل المغرب، وبات المزراعون في الجنوب الجزائري سيما محافظتي غرداية وبسكرة المعروفتان بأكبر وأجود منتجات التمر، يشتكون من شبح البيوض وما يتسبب به الأخير من تآكل وخسائر.

وفي إستراتيجية مستحدثة، قامت وزارة الزراعة الجزائرية بنصب 26 نقطة مراقبة حدودية تتولى التدقيق في نوعية جميع النباتات المستوردة من الخارج، وتقوم بأخذ عينات منها للتحليل المخبري (عددها أربعة)، في انتظار تهيئة مخبرين جديدين العام المقبل، وتنوي الجهات الوصية تعميم التجربة لتشمل ولاية تمنراست (أقاصي جنوب البلاد) بصفتها بوابة لمختلف المواد التي يتم إدخالها من دول الساحل الإفريقي على غرار النيجر ومالي والتشاد.
كما تدخلت الوزارة الوصية لمكافحة آفات زراعية لا تقل وخامة على غرار quot;جرذان الحقولquot; وquot;دودة التمرquot;، وتوظيف تقنية عقم الحشرات بأشعة (فاما) خاصة عقم الذكر، في انتظار إنشاء مصنع خاص بعقم الحشرات جنوب الجزائر، بجانب منح توجيهات للمزارعين وإحاطتهم بموجبات وتقنيات الحماية والوقاية بواسطة استعمال المواد البيولوجية وكذا المستحضرات البيوكيميائية، وتراهن الجزائر على خلق آليات وميكانيزمات جديدة لتفعيل النشاط الزراعي على عدة مستويات، لذا دخلت السلطات في مفاوضات مع عدة مصارف بغرض تمويل المزارعين بقروض بنكية.

وعلى خلفية ما يعتبرونه quot;تدهورا لأوضاع المنظومة الزراعية في البلادquot;، يطالب المزارعون في الجزائر، بإنشاء ديوان محلي مركزي يعنى باستيراد وإنتاج وتطوير بذور الزراعات الإستراتيجية مثل البقول والحبوب والبطاطا وغيرها، مع ضمان دعم نوعي للأنشطة الزراعية بشكل يضمن السعر الأدنى لكل منتوج زراعي، إضافة إلى إعفاء عوامل الإنتاج الزراعي من الضريبة على القيمة المضافة ومسح ديون المزارعين، مع إعادة النظر في التقييم الخاص بها وإيجاد صيغة عملية لإدراج الجفاف والجراد والفيضانات ومختلف الآفات ضمن الكوارث الكبرى وتعويض المتضررين منها.
بالمقابل، لا تشاطر الحكومة الجزائرية آراء المزارعين، وأوعزت على لسان وزيرها للزراعة quot;السعيد بركاتquot; أنّه حتى وإن كانت عدة مشاكل تهدد توازنات القطاع الزراعي في بلاده، إلاّ أنّ راهنه لا يبعث مطلقا على الخوف، باعتبار أن المخطط المحلي للتنمية الزراعية، الساري المفعول للعام الثامن على التوالي، أسفر بحسبه على نتائج جيدة، في صورة تدعيم 350 ألف مستثمرة زراعية، إلى جانب إصلاح قرابة 600 ألف هكتار من المساحات الزراعية.