كامل الشيرازي من الجزائر : نجم أسبوع الجزائر الاقتصادي، كان زعيما سياسيا، وهو quot;موسى تواتيquot; (56 سنة) زعيم حزب quot;الجبهة الوطنية الجزائريةquot;، حيث فجّر الرجل الجدل على طريقته، بكشفه النقاب عن عشرة آلاف حالة تنازل غامضة عن الأملاك العامة شهدتها البلاد منذ استقلالها قبل 46 سنة، ويكون quot;موسى تواتيquot; بذلك قد فتح فصلا جديدا في ملف الثراء العقاري في الجزائر، وما ظلّ يرتبط به من ظواهر الفساد، والأشخاص الذين أصبحوا شديدي الثراء بعدما كوّنوا ثروات ضخمة يشتبه في أنّها أتت من وراء متاجرتهم في العقار الزراعي، خصوصا بعد الذي شاع عن الأساليب الخاصة التي تمّ التخلي بوساطتها عن هذه الأملاك، في صورة الدينار الرمزي الذي كثيرا ما انطبعت به العملية، علما أنّ الملف ذاته أورث ضجيجا في صائفة 2003، إثر ذيوع أسماء (محظوظين) ذاقوا من عسل التنازلات عن أملاك الدولة لقاء دريهمات معدودات.

quot;موسى تواتيquot; الذي حلت تشكيلته ثالثة في آخر انتخابات عامة شهدتها الجزائر الخريف الماضي، قال إنّ عمليات التنازل عن أملاك تقدر قيمتها بمئات الملايين، تمت لقاء دنانير رمزية، وشدّد الرجل على أنّها لم تتمتع بالقدر الأدنى من الشفافية، مركزا على توجيه أصابع الاتهام إلى فئة محددة ممن اصطلح عليها بـ(المجتمع المفيد)، وهي فئة قال إنّها كرّست تقنيات وأساليب خاصة بها في توجيه آليات التنازل لصالحها، وعلى نحو امتد ليرهن قطاعا كبيرا من منظومة العقار الفلاحي والصناعي في البلاد.

quot;موسى تواتيquot; المرشح مبدئيا للانتخابات الرئاسية الجزائرية القادمة في أبريل/نيسان 2009، والمعارض للسياسات المتّبعة من طرف حكومة بلاده، ذهب إلى أنّ بعض التنازلات استأثر بها الأجانب في صورة ما استفاد منه النجمان السينمائيان الفرنسيان جون ديبارديو وكاترين دونوف من ملكيات تحت مظلة التنازل الفوقي، ولم يتردد تواتي عن القول إنّ كل التنازلات التي تمت، كانت تحت الطاولة، ولم يجر أبدا التنازل عن ملكيات الدولة بطرق شفافة تبين للجزائريين المعايير المعتمدة في تلك العمليات، وعما إذا كانت بسعر كذا ومقابل كذا وبناء على تقويم معيّن له أصوله وقواعده.

وبحكم مراجعه، أورد موسى تواتي أنّ التنازلات انبنت على استخدام من يعرفون بتسمية الأجراء/ الوسطاء الذين يعملون لصالح مسؤولين إداريين لم يسمهم، وشرح على أنّه أسلوب كثير الاستعمال لتفادي أي إحراج محتمل، ضاربا المثل بمساحات هائلة من العقار الزراعي والصناعي جرى الفتك بها على مدار سنوات، ما أفرز ابتلاع عقارات بالجملة، أحالت على معضلة العقارات المفتقدة في القطاعين الزراعي والاقتصادي لجزائر 2008.

وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أول من فجّر لغم التنازل عن الأملاك، عندما أكّد أنّها لم تتم بكيفية صحيحة، وقال إنّ قضاء بلاده سيعاقب المتسببين، وتوعّد بوتفليقة كبار المسؤولين الحكوميين على المباشر، ودعاهم إلى إعادة الممتلكات المسلوبة على نحو أبرز لا رضاه وعدم استساغته للأسلوب الفريد من نوعه الذي تخلت به الدولة الجزائرية في مختلف مراحلها عن أملاكها.

كما وجّه بوتفليقة رسائل واضحة حملت اتهامات نارية ومباشرة على هذا الصعيد إلى الوزراء وكوكبة من الرؤوس الثقيلة بتبديد المال العام والاستيلاء على ممتلكات الشعب والدولة من عقارات فلاحية وصناعية وشدد على ضرورة إعادة هذه الأملاك، مرددا أنّ أولوية السلطات حاليا تتركز على استرجاع العقار سواء الزراعي أو غيره من أيدي من نعتها (المافيا)، وإحالة كل من باع واشترى قطعة أرض زراعية أو عامة على القضاء، وذهب بوتفليقة إلى حد القول إنّ كل من أخذ شيئا وأعاده للدولة فإن الدولة ستستره، وشدّد حاكم البلد على أن استقلالية السلطة القضائية ستسمح لها بمتابعة أي مسؤول في الدولة استولى على ممتلكات الشعب الجزائري.