محمد الشرقاوي من القاهرة : رحب الخبراء والمراقبون في سوق الاسمنت المصري بقرار المهندس رشيد محمد رشيد بحظر تصدير الاسمنت حتى أكتوبر المقبل لمواجهة أزمة زيادة الطلب على الأسمنت والحديد في السوق المصرية المحلية والتي أدت لارتفاع غير مسبوق في أسعارهما، حيث تجاوز السعر في السوق حد 485 جنيها للطن الواحد ( 88 دولار أميركي للطن ) . إلا أن التفاؤل سريعا ما تبدد خاصة مع إعلان الوزير في نفس التصريح ان قرار حظر التصريح مؤقت وسيتم إعادة النظر فيه طبقا لمجريات ما يحدث في السوق.

واعتبر رشيدالاسمنت من ،السلع المحظورة،عبروقف العمل في مصانع إنتاجها أو الإمتناع عن بيعها إلا بترخيص من وزير التجارة والصناعة مع تطبيق عقوبات تشمل الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 300 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه والمصادرة والغلق لمدة لا تجاوز 6 شهور وإلغاء رخصة المحل على المخالفين.

وفسر وزير التجارة والصناعة المصري القرارات التي تم اتخاذها والخاصة بوقف تصدير الاسمنت المصري اعتبارا من يوم السبت المقبل 29 آذار/ مارس وحتى أول أكتوبر القادم تأتى في إطار الإجراءات التي تتخذها الحكومة لتوفير السلع الأساسية ومنع اي اختناقات في السوق خاصة خلال موسم الصيف المقبل. وقال رشيد ان الدراسات التي قامت بها الوزارة أظهرت زيادة الطلب بصورة كبيرة على الحديد والاسمنت خلال موسم الصيف المقبل في مصر وفى الأسواق المجاورة بالدول العربية والإفريقية والأوربية مما قد يؤثر على كمية الاسمنت المعروضة في السوق المحلية ، مشيرا إلى أن قرار وقف تصدير الاسمنت مؤقت وسيتم إعادة النظر فيه مرة أخرى طبقا لمجريات ما يحدث في السوق.

ورفض المهندس احمد شبل رئيس قطاع المصانع بشركة المصرية للاسمنت الإشارة أو التعليق على قرار وزارة التجارة المصرية مشيرا إلى أن سياسة الشركة تعتمد على عدم التعليق على القرارات الحكومية ، إلا انه رفض أيضا تحديد الكمية التي تنتجها مصانع الشركة مشيرا إلى أن هدف الشركة هو السوق المحلي فقط ولا نقوم بضخ استثمارات للتصدير .

ومن جانبهأيداحمد الزيني ،نائب رئيس شعبة مواد البناء ووكيل شركات الاسمنت، القرار الحكومي بشدة، مؤكدا أن هذا القرار من شانه أن يحدث رواجا أكثر في السوق خاصة مع انخفاض أسعار الاسمنت في السوق. وكذلك بالنسبة للحديد بعض الشيء مما سيفتح الباب على مصراعيه أمام الجميع على البناء والتشييد . وأضاف أن الاسمنت سلعة محلية مئة في المئة ولا تستوردها مصر.وتساءل لماذا يتم رفع الأسعار؟ خاصة وان المكونات متوافرة لدى الشركات ، متهما الشركات الكبرى بأنها السبب وراء ارتفاع الأسعار واحتكارات السوق لأنها اتجهت الى التصدير وتركت السوق المحلي متعطشا .

وأشار المهندس عز الدين عوض ،رئيس الجمعية المركزية لوكلاء وتجار الاسمنت،انه منذ عدة اشهر قام برفع مذكرة تنادي بحظر التصدير للخارج وقام بتقديمها إلى الدكتور احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الذي رفعها إلى وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد وتم اتخاذ القرار في الوقت المناسب . وأبدى عوض تفاؤله بالفترة المقبلة خاصة مع انخفاض الأسعار، وطالب أيضا بفتح منافذ البيع في جميع المحافظات والتي حاربتها الشركات العالمية الموجودة في السوق المحلي مؤكدا على ضرورة عودة هذه المنافذ تحت إشراف مباحث التموين والحكم المحلي وتحديد هامش ربح للتجار في الطن الواحد تصل إلى 5 جنيهات ( دولار أميركي تقريبا) وبذلك يمكن ضبط إيقاع السوق .

وأوضح انه مع قدوم شهر الصيف سترتفع الأسعار خاصة مع نشاط حركة التشييد والبناء وعودة المصريين من الخارج إلا أن قرار وزارة التجارة جاء في الوقت المناسب ليضرب بذلك بيد من حديد على أيدي المحتكرين للسوق . وطالب بضرورة الانتباه أيضا إلى ملف الحديد ومعاقبة ما اسماهم بالفاسدين .

ويتفق مع الآراء السابقة الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي الذي قالأن قرار الحظر سيساعد على تخفيض التصدير وبالتالي سيعود بالنفع على المستهلكين الالأسعار.وأنه من المتوقع أن تشهد الأسواق وفرة في المعروض ويصاحبها تخفيض في الأسعار. وطالب بإجراءات أخرى مواكبة لقرار الحظر،كأن تخصص الدولة هامش ربح للشركات المنتجة للاسمنت ويتم تقسيمهم بين الشركات والوكلاء التجاريين والوسطاء بحيث إلا يحدث أي اتفقا بين الثلاثة على المستهلك النهائي .

وأوضح عبد العظيم انه مع استمرار عمليات التصدير فان هناك فائضا للسوق المحلي فالعرض في مصر أكثر من الطلب ولكن الممارسات الاحتكارية والتلاعب في حصص الوكلاء وراء الأزمة التي تعيشها البلاد خاصة وأنها استمرت الأسعار في الارتفاع دون رقيب أو حسيب .

وحدد الخبير الاقتصادي هامش الربح بالا يتجاوز مثلا عن 30 في المئة من سعر طن الاسمنت والذي يصل في المصنع إلى مائتي جنيه ( 38 دولار تقريبا) ، وانتقد تقاعس جهاز منع الاحتكار خاصة مع تجار الحديد. وقال أن الأمر أدير في الخفاء ولم يسمع الرأي العام ما تم سواء مع تجار الحديد أو الاسمنت وطالب بزيادة جرعة الشفافية لدى المسئولين الحكوميين .

يذكر ان حجم صناعة الاسمنت في مصر يقدرها الخبراء ب325 مليون دولار خلال العام الماضي ، ويأتي ذلك وسط توقعات دولية بان تصبح مصر ضمن أكبر خمس دول مصدرة للأسمنت خلال السنوات القليلة القادمة. حيث يزداد إنتاج الأسمنت من عام الى عام و قد تم وضع إستراتيجية من قبل االعربي،لمصرية لجعل مصر من اكبر المنتجين للاسمنت في إفريقيا و الشرق الأوسط ، خاصة بعد الطلبات المقدمة للحكومة لإنشاء مصانع جديدة باستثمارات تبلغ 6 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، لتنتج 45 مليون طن إضافية، وبذلك يصل حجم إنتاج الأسمنت في مصر الى 80 مليون طن سنويا بزيادة قدرها 43 مليون طن عما هو موجود في الوقت الراهن .

و تعد مصر اكبر دولة منتجة للاسمنت في المنطقة العربية وعلى مستوى الوطن العربي ، كما تعد أيضا أكبر دولة منتجة للأسمنت في المنطقة . ولولا مصر لتحولت منطقة الشرق الأوسط إلى مستورد للأسمنت، حيث تصدر مصر أكثر من 20في المئة من إنتاجها بأسعار تعادل تقريباً نصف الأسعار السائدة في أغلب دول العالم.