اعتدال سلامه من برلين: التحقت العام الماضي بالاتحاد الأوروبي دول جديد ليصبح عدد بلدانها العضوة 25دولة وسوف تلحق بالركب في السنوات القليلة القادمة بلغاريا ورومانيا.
لكن هذا يعني انشغال الاتحاد الأوروبي بشؤونها كدول في القارة الأوروبية وسيكون ذلك على حساب العالم العربي على الرغم من المعاهدات التي تسعى فرنسا وألمانيا الى إبرامها مثل شراكة بلدان حوض المتوسط أو ما شابه ذلك، لكن أيضا على حساب بلدان فقيرة في القارة الإفريقية.
لذا فان السؤال المطروح حاليا وبإلحاح ما هو شكل تأثير التوسع الأوروبي على الوطن العربي اقتصاديا وسياسيا؟ وما هو مصير المعاهدات وهي اغلبها تجارية واقتصادية عندما كان الاتحاد 15 دولة، وهل الدول التي دخلت هي المستفيدة على حساب الدول النامية عربية كان أو غير عربية؟
قبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بد من التنويه بان الاتحاد الأوروبي مازال يواجه مشاكل قديمة، عليه حلها مثل سياسة الدعم الزراعي، التي تريد بعض دوله العضوة كألمانيا إزالتها بسرعة، لأنها تلتهم جزءا كبيرا مما تدفعه من مستوجبات للاتحاد الأوربي، وتود ان تهتم المجموعة الآن بجوانب المعاهدات التي وقعتها مع منظمة التجارة العالمية وتلاقي بدورها مشاكل. في المقابل تصر فرنسا على إبقاء الدعم للقطاع الزراعي لأنها مستفيدة منه ولا تريد إلغاءه ويعتبر الأكبر في أوروبا، وتشد أزرها بولندا التي تريد تطوير القطاع الزراعي من الدعم الأوروبي.
إلا ان ذلك سيلحق الضرر بدول حوض البحر المتوسط العربية رغم المعاهدة التي يتمسك بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وكانت تأمل دائما في ان ينفتح المجال أمامها من اجل زيادة تصدير منتجاتها الزراعية الى بلدان الاتحاد، فهي ليس لديها صناعات كبيرة تنافس الانتاج الأوروبي بل فقط صادرات زراعية قادرة على المنافسة وبيعها في الأسواق الأوروبية. فهذا يوفر لها أيضا الأموال المطلوبة من اجل شراء تقنية أوروبية.
وعمليه اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي الموسع ، التي سوف تزيد تعقيدا، مع زيادة عدد الأعضاء ، تدفع الى الاعتقاد بان هذا التوسع سوف لن يخفف من وطأة المشكلة الزراعية.
صحيح ان اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي يخضع بعد توسعه للأكثرية، لكن ذلك ينطبق على السياسات الخارجية والدفاعية والأمنية، لا على السياسة الاقتصادية وما يتعلق بالواردات الزراعية ، ويكون القرار بشأنها خاضعا لمبدأ نقل السلطات من المستوى الوطني الى مستوى الاتحاد، وكل من ينال عضوية عليه الموافقة على هذا المبدأ.
لذا فان الاعتقاد السائد ان التأثير في السياسة الاقتصادية والزراعية قد يميل الى السلبية أكثر منه الى الايجابية، فيما يتعلق بالعالم العربي ، والسبب في ذلك ان الاتحاد الأوربي سوف يهتم أكثر بمشاكل التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي في شرق ووسط وشمال أوروبا، اي ان الدول الإسكندنافية ستهتم بمشاكل دول أوربا الشرقية، بينما ستولي دول الجنوب الأوروبي بعض الاهتمام بالدول العربية خاصة تلك الواقعة على حوض البحر المتوسط، لذا لن يهتم الاتحاد ككل كثيرا بالقضايا العربية الأخرى، مما سيؤدي الى نوع من أوربة سياسة الاتحاد الأوربي اي جعلها أكثر أوروبية.
وهذا الوضع يدفع أيضا الى القول بان الاتحاد الأوروبي سيراعي مصالح أوروبا الشرقية الاقتصادية وغيرها ، أكثر من اهتمامه بمصالح المنطقة العربية، لكن عليه ان لا ينسى ان له مصلحة أساسية باستقرار البلدان العربية خاصة الجارة له عن طريق إحداث تنمية اقتصادية تحل مشاكل كثيرة،مثل سعيه لخلق فرص عمل وقواعد صناعية واستثمارات منتجة من اجل التقليل من الهجرة الى بلدانه وما تحمله معها من مشاكل لأمنها الداخلي.
ولقد أدرك سياسيون أوروبيون ذلك ويعلمون على عدم قطع شعرة معاوية الاقتصادية مع العالم العربي.
التعليقات