تتجه كل منأميركا وأوروبا إلى نظام جديد من الأغذية تجاريًا بعد انتشار أوبئة كالإنفلونزا المكسيكية، إذ بدأت تنتشر الأطعمة اليهودية كوشير إلى جانب الإسلامية الحلال.
روما: تشهد القارة الأميركية والأوروبية اليوم جيلًا جديدًا من الأعمال التجارية الغذائية من جراء ما شهده العالم، سابقًا وحاضرًا، من أمراض (كما مرض جنون البقر) وموجات إنفلونزا (الطيور من قبل، وإنفلونزا المكسيك الآن)، حضت المستهلكين على توخي الحذر من أكل اللحوم والخضار والبيض، التي لا تخضع لمراقبة صحية كافية، مفضلين بالتالي الأطعمة الآمنة.
هنا يبرز الدور الطليعي للأطعمة اليهودية quot;كوشيرquot;، التي تغزو الأسواق العالمية بأكثر من 250 ألف منتج غذائي، تشرف على جودتها منظمة quot;Ou Kosher Orgquot; الخيرية، التي تأسست في عام 1898، وأطعمة الحلال الإسلامية. على صعيد أطعمة quot;كوشيرquot; اليهودية، فإن مستهلكيها، من يهود وغيرهم، في الولايات المتحدة الأميركية، يولدون حركة أعمال سنوية، تقدر قيمتها الإجمالية بـ150 بليون دولار.
وبما أن مرادف هذه الأطعمة يعني أمانًا غذائيًا وصحيًا أعلى، إلى جانب نوعية ومراقبة جيدة جدًا، لذلك فإن استهلاك هذه الأطعمة ينمو سنة تلو الأخرى، بمعدل 15 % سنويًا. ومن اللافت أيضًا أن 20 % فقط من المستهلكين يهود. أما البقية فهم من ديانات ومعتقدات أخرى، ومن ضمنهم المسلمين!. علاوة على ذلك، فإن 10 % من المستهلكين في أميركا يشترونها لأسباب دينية. أما 51 % من زبائنها، فهم يشترونها لكونها صحية. في حين يشتريها 34 % لكونها آمنة.
على صعيد إيطاليا، وبرغم الأزمة المالية والمياه العكرة، التي يعيش فيها أصحاب المطاعم، فإن حركة أعمال quot;كوشيرquot; تنمو بمعدل 7 % سنويًا، وفق ما تفيدنا به الباحثة quot;رافايللا سازوquot; من معهد quot;يوريسبسquot; للأبحاث. هذا ويلقي عمالقة الصناعات الغذائية المحلية، كما شركات quot;ألجيداquot; وquot;بافيزيquot; وquot;مولينو بيانكوquot;، أنفسهم داخل دوامة quot;كوشيرquot; المربحة تجاريًا. ومقارنة ببداية تجارية متواضعة لأطعمة quot;كوشيرquot;، قبل عشرة أعوام، هاهي القيمة الكلية لحركة الأعمال، المنوطة بها اليوم، تقارب 200 مليون يورو سنويًا!.
كما بدأ الإيطاليون غير اليهود الإقبال بشدة على هذه الأطعمة لسببين. الأول يتمثل في جودة الرقابة الصحية عليها، مما رفع من مكانة أطعمة quot;كوشيرquot; كثيرًا أمام الأطعمة الصينية مثلاً، التي يبتعد الجميع عن أكلها اليوم، بسبب الفضائح الثقيلة المعيار التي طالت المطاعم الصينية في إيطاليا. أما السبب الثاني فتعلق برغبة الإيطاليين في التعرف إلى حضارات أخرى عبر الأطعمة.
على صعيد منتجات الحلال الإسلامية، فإن العديد من الشركات الناشئة الإيطالية يستخدمها لمكافحة الأزمة المالية. على سبيل المثال، ثمة ظاهرة تتفشى اليوم من شمال إيطاليا إلى جنوبها وجزرها، أطلق عليها اسم (Cow Pooling)، تخول مجموعة من الأسر شراء بقرة (أو أجزاء منها) لتقاسم لحمها في ما بينها.
وتقدر حركة أعمال الأطعمة الحلال في أوروبا (فرنسا وبريطانيا وهولندا وألمانيا وبوسنة) بـ67 بليون دولار، تستأثر إيطاليا بعشرها تقريبًا. أما العدد الإجمالي لمستهلكي منتجات الحلال فهو يتجاوز 30 مليون. وبما أن عدد المسلمين المقيمين في أوروبا زاد 150 إلى 160 %، في السنوات العشر الأخيرة (تحتضن إيطاليا وحدها 1.4 مليون مسلم) فإن شركات الأغذية الطليعية، كما تيسكو (التي تبيع وجبات طعام جاهزة ولحوم طازجة على الطريقة الإسلامية) ونستله (حيث سُدس منشآتها ينتج أطعمة حلال)، بدأت تضع للمستقبل مخططات تستهدف المؤمنين.
ولا تتمحور منتجات الحلال حول الأغذية فقط، كما هي الحال مع أطعمة quot;كوشيرquot;. فقطاع الحلال يشمل كذلك مستحضرات التجميل والإلكترونيات والأدوية، التي تولد بدورها حركة أعمال، تقدر ببلايين الدولارات سنويًا!. فالشركات العاملة في القطاع الإلكتروني تعرض برمجيات قادرة على تحميل الآيات القرآنية على الهواتف المحمولة. أما شركات مستحضرات التجميل، كما quot;سافquot; (Saaf)، فهي تنتج عطورات خالية من الكحول ومنتجات أخرى خالية من الدهن الحيواني. في حين تنتج شركات إنتاج الأدوية، كما (Principle Healthcare)، فيتامينات خالية من المشتقات الحيوانية التي يحظرها القرآن الكريم.
التعليقات