تعتبر أنفلونزا المكسيكية نقمة على آلاف الأشخاص، حول العالم. فحوالي 378 ألف شخص أصيبوا بها في حين لقي أكثر من 4500 حتفهم، فيما يسجل العالم يوميا حالات جديدة مصابة بالمرض، في الوقت الذي تعمل فيه الحكوميات على وضع الخطط والاستراتيجيات التي تحافظ على المرض في مستوى لا يرتفع إلى كونه وباءا وخصوصا في البلدان ذات الكثافة السكانية العالية والازدحامات البشرية.

روما: تعتبر الانفلونزا المكسيكية نعمة على الشركات الصيدلانية التي أصيبت خزاناتها بquot;البدانةquot; ما يعني أن الحالة الصحية لأوضاعها المالية ممتازة جداً جداً! يوم أمس، أعلنت شركة quot;نوفارتيسquot; السويسرية عن أن مبيعات quot;فوسيترياquot; (Focetria)، وهو أحد اللقاحات الثلاثة المضادة لفيروس أنفلونزا أ(اتش وان ان وان) التي حظيت بموافقة السلطات الصحية الأوروبية لتسويقها فوراً، في الربع المالي الرابع من العام، ستساهم في إضافة 400 الى 700 مليون دولار الى مداخيلها السنوية. وتعترف منظمة الصحة الدولية نفسها أن الأمطار الذهبية، التي ستهطل بغزارة على الشركات الصيدلانية، ستنفخ كذلك موازنات الأخيرة في العام القادم. إذ ان الطلبات على شراء اللقاحات، في العامين القادمين، ستكون ضُعف القدرات الإنتاجية للشركات الصيدلانية العملاقة، على الأقل. يكفي النظر الى أغنى دول العالم التي سارعت الى التعاقد مع الشركات، التي تقوم بتطوير منتجات صيدلانية جديدة، من أجل شراء ملايين الجرعات التي يرسو سعرها في الواحدة على 7.9 دولار تقريباً وهو السعر المعتمد عليه لجرعة لقاح الأنفلونزا الموسمية التقليدي. من جانبها، قامت شركة quot;غلاكسوquot; البريطانية ببيع 440 مليون علبة، من لقاحها quot;بانديمريكسquot; (Pandemrix) المضاد لفيروس أنفلونزا المكسيك، في 22 دولة. ما جعلها تجني أرباحاً قدرت ب3.5 بليون دولار.

وثمة عقود بيع أخرى، قيد التحضير، ستضمن لها دخلاً ببلايين الدولارات الطازجة. بالنسبة للقاح quot;سيلفابانquot; (Celvapan)، المضاد بدوره لأنفلونزا المكسيك، الذي تنتجه شركة quot;باكسترquot; (Baxter) فان جبال الأرباح، المشتقة من مبيعاتها الوشيكة، بعدما حظي اللقاح بموافقة السلطات الصحية التسويقية في الأسابيع الأخيرة، قد يصل ارتفاعها الى النجوم! أما على صعيد شركة quot;سانوفيquot;الفرنسية فان طلبات شراء لقاحها، المتأتية من الولايات المتحدة الأميركية وحدها، وصلت قيمتها الكلية الى 250 مليون دولار حتى قبل أن يحظى لقاحها بالموافقة النهائية لتسويقه. هذا وتسجل نفس القيمة الكلية للمبيعات لدى شركة (Csl) الأسترالية. ولا تستبعد منظمة الصحة الدولية أن تصل حركة المبيعات العالمية للقاحات أنفلونزا المكسيك الى 20 بليون دولار قريباً.

بالطبع، فان الشركات الصيدلانية هي التي تتحكم كلياً بالأسواق وأوضاعها. نظراً للعدد الهائل من الطلبات فان التجهيزات المنطلقة من هذه الشركات تصل الى وجهتها النهائية قطرة تلو الأخرى. على سبيل المثال، توقع مركز مراقبة الأمراض الأميركي أن تصله لغاية نهاية الشهر 40 مليون جرعة من لقاح أنفلونزا المكسيك. لكن، وفي أفضل التوقعات، فانه لن يحصل على أكثر من 30 مليون جرعة. بانتظار اللقاح المحدد، يقوم الأفراد والمستشفيات بغزو الصيدليات لشراء لقاح quot;تاميفلوquot;، المضاد لأنفلونزا الطيور والذي تنتجه شركة quot;لاروشquot; السويسرية، الذي اثبت فاعلية جزئية في محاربة أنفلونزا المكسيك. هكذا، تضاعفت أرباح لقاح quot;لاروشquot; عشر مرات في الربع المالي الثالث من العام كي تصل قيمتها الإجمالية الى 994 مليون فرنك سويسري. على مستوى إنتاج الكمامات، المضادة لالتقط فيروس أنفلونزا المكسيك، التي تنتجها شركة (3M) الأميركية، فانه محجوز بالكامل لغاية منتصف العام القادم. ما يضمن للشركة دخلاً مجموعه 80 مليون دولار.

علاوة على ذلك، لم تنجح منظمة الصحة العالمية في إقناع عمالقة الأسواق الصيدلانية التبرع بجزء من لقاحاتها لصالح الدول الفقيرة. للآن، نجحت المنظمة في جمع عدد متواضع من الجرعات، من شركتي quot;سانوفيquot; وquot;غلاكسوquot;. أما شركة quot;نوفارتيسquot; السويسرية فإنها لم تهد جرعة واحدة من لقاحها مبررة موقفها بأنها شركة غير خيرية!