عين الرجل المصرفي البارز أحمد الطاير على رأس مركز دبي المالي العالمي، خلفا للمحافظ السابق عمر بن سليمان، والذي يبدو حتى الآن أنه أقيل بسبب تقصير ما في أداء مهام موقعه، لكن إبرة بوصلة هذا التغيير توقفت عند ما يمكن اعتباره الإصرار على الخروج تماما من ذيول أزمة المال العالمية الأخيرة.
دبي: بعد أيام قليلة من استضافة إمارة دبي مؤتمرا عالميا يعنى بالمال والأعمال الذي تخلله تحد لافت من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حاكم دبي، ورئيس الوزراء، بشأن قدرة الإمارة على تخطي الواقع المر الذي خلفته أزمة المال العالمية الأخيرة، وإعتباره أن بلاده قد عدت أقتم غيوم تلك الأزمة، وأنها قادرة على الحفاظ على موقعها الريادي على خارطة المال والأعمال الإماراتية، فقد بدا واضحا تصميمه على أن يتزامن ذلك التحدي الذي قطعه على نفسه مع إرساء ثقافة الثواب والعقاب بحق مسؤولين ربما يكون الإنقشاع الجزئي لغيوم الأزمة الإقتصادية قد كشف عن تقصيرات ما، أو مسؤولية يمكن أن يتحملوها، ويرحلون عن مواقعهم القيادية، إذ عرف عن الشيخ محمد بن راشد مرارا توقيعه قرارات صارمة وصادمة تستهدف تصويب مسيرة نجاح إمارة دبي، علما أن حديثا هامسا يدور في الإمارة منذ أيام عدة عن تغييرات أخرى وشيكة يخطط لها حاكم دبي في القريب العاجل، يمكن أن تترجم عمليا تحركا جديا من الشيخ محمد بن راشد نحو تأهيل القيادات التي يثق بعطائها، والمقربة منه نحو المراتب الوظيفية العليا.
وكان لافتا أمس وبقوة أن يصدر عن مكتب الشيخ محمد بن راشد أمس قرارا أول سمى بموجبه الوزير الإماراتي السابق، ورئيس مجلس إدارة بنك الإمارات دبي الوطني- رئيس بنك دبي التجاري أيضا أحمد حميد الطاير صاحب البصمة الواضحة في مسيرة العمل الوطني والسياسي الإماراتي محافظا لمركز دبي المالي العالمي، خلفا لمحافظه السابق عمر سليمان، إذ لم يرد البيان على أي أسباب للتغيير على رأس المركز المالي الذي يضطلع بدور إقتصادي بارز ومؤثر، منذ عدة سنوات، لكن القرار الثاني للشيخ محمد بن راشد بإعفاء بن سليمان من أي مناصب يشغلها في دولة الإمارات، إستدعى تفسيرات شتى إنتشرت فورا وجدت في القرار الإماراتي الأعلى، عدا عن أنه أحد ألوان العقوبة والمحاسبة، فإنه تجديد أيضا في قمرة قيادة هذا المركز، وتفويضه مهام جديدة في المستقبل القريب، يمكن أن تتزامن مع ولوج الحلقة الأخيرة من مساعي إخراج إمارة دبي من دوامة الأزمة المالية العالمية الأخيرة، التي تأثرت فيها الإمارة بشدة، قبل أن تبدأ إجراءات مؤثرة لإصلاح الأوضاع بشكل عام، وهو ما قطعت به إمارة المال والأعمال الإماراتية شوطا كبيرا.
وجاء قرار حاكم دبي بعد ساعات من لقائه وفدا إعلاميا يمثل كبريات وسائل الإعلام العربية والعالمية، في إطار إحتفالات دولة الإمارات العربية المتحدة بعيدها الوطني، إذ أكد أمامهم عن ثقته التامة بنهوض اقتصاد الإمارات من جديد والذي بدأ يتعافى تاركا الأزمة المالية العالمية خلفه دون الالتفات إلى الوراء بل التطلع إلى المستقبل برؤية جديدة متفائلة، مشيرا في هذا السياق إلى مشروع الطاقة النووية السلمية الذي اعتبره حقا شرعيا للإمارات، واستشهد بحركة المسافرين في مطار دبي الدولي التي تجاوزت خلال العشرة أشهر الأولى من العام الجاري عدد الأربعين مليون مسافر فيما كانت خلال العام 2008 بكامله لا تتجاوز سبعة وثلاثين مليون مسافر ما يعني أن المطار مازال يعمل بكامل طاقته الاستيعابية ناهيك عن الفنادق في الدولة التي مازالت نسبة إشغالها كالسابق وأكثر قليلا.
نبذة عن الطاير:
ويعد الطاير رجل الثقة في مواقع ومهام عدة نفذها بجلد وصمت وإيثار خلال العقود الماضية، حيث شغل المنصب الوزاري مرتين في إمارة دبي أولاها كان وزيرا للشؤون المالية والإدارية، وتاليا وزيرا للتربية بالإنابة في عهد المغفور له الشيخ راشد آل مكتوم الحاكم السابق لإمارة دبي، ويعتبر الطاير ذا بصمات لا تخطئها العين على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو قيادة وجدت في الأوان الأخير التقدير والثقة من جانب مستويات مختلفة على المستوى الوطني، إذ كان أبرز مسؤول إماراتي يدعو بإلحاح شديد على إحلال الكفاءات الإماراتية في المواقع القيادية في الشركات المحلية والإقليمية العاملة في دولة الإمارات، ووقف بقوة في السنوات الأخيرة مع فكرة تسويق الكفاءات البشرية الإماراتية، وإقناع صناع القرار الأعلى بجدوى وأهمية تولية الكفاءات الإماراتية مستويات متقدمة من المواقع الوظيفية المؤثرة.ويأتي تعيين المحافظ الجديد لمركز دبي المالي العالمي ليشكل قوة إضافية لـquot; أبناء الطوايرquot;- كما يطلق عليهم في اللهجة الإماراتية المحكية محليا- في المناصب القيادية العليا والمؤثرة، إذ إن أكثر من شقيق للمحافظ الجديد يتولون مواقع مهمة جدا، فمنهم الوزير عبيد حميد الطاير.
وكان أنيس الجلاف رئيساً تنفيذياً لمجلس لإدارة مركز دبي المالي في العام 2004في بدايته ونائبه حسين القمزي قبل أن يتولى ناصر النابلسي الذي حصل على جواز الامارات في العام نفسهخلفاً له ثم تولى عمر سليمان إدارة المركز بعد أن تحول اسمه الى محافظ.
لمحة عن المركز
بدأ مركز دبي المالي العالمي، مزاولة أعماله فور الإعلان عن افتتاح عملياته في 2004. ويقدم المركز خدماته المالية للمنطقة الواقعة بين غرب أوروبا وشرق آسيا، بحيث يجسر الفجوة التي كانت قائمة بين لندن ونيويورك في غرب العالم وهونج كونغ وطوكيو في شرقه. وتتمثل استراتيجية مركز دبي المالي العالمي في إعادة تشكيل الخريطة المالية لتكون بوابة عالمية تستقطب رؤوس الأموال والاستثمارات . كما يهدف المركز في الوقت ذاته إلى لعب دور محوري في حفز النمو والتطور والتنوع الاقتصادي في المنطقة عبر تكريس دوره كمركز مالي على مستوى العالم. ويهدف المركز إلى تنويع موارد السيولة النقدية الإقليمية عبر توظيفها في فرص استثمارية داخل المنطقة للمساهمة في النمو الاقتصادي، وتسهيل عمليات الخصخصة والإصدارات الأولية للشركات الخاصة في المنطقة، وتطوير قطاع التأمين وإعادة التأمين والتشجيع على الاحتفاظ بأكبر نسبة من أقساط التأمين في المنطقة حيث إن 65% من هذه الأقساط يتم حاليا إعادة تأمينها في الخارج، والعمل على تطوير مركز عالمي للتمويل الإسلامي لتلبية الطلب المتزايد عالمياً، خصوصاً في المنطقة الممتدة بين ماليزيا وإندونيسيا والولايات المتحدة.
وقد استقطب مركز دبي المالي العالمي كبرى الشركات العالمية منذ انطلاقته ومنها quot;ميريل لينشquot; وquot;ميلون جلوبال إنفستمنتسquot; وquot;باركليز كابيتالquot; وquot;لويدز تي سي بيquot; وquot;كريديت سويسquot; وquot;إيه أو إنquot; وquot;دويتشه بنكquot; وغيرها من الشركات العالمية. وتحت مظلة مركز دبي المالي العالمي، تم في 26 أيلول (سبتمبر) 2005 تأسيس بورصة دبي العالمية، وهي سوق إلكترونية تعنى بتداول الأوراق المالية والسندات والمشتقات المالية. وتهدف هذه البورصة إلى تزويد المستثمرين والمصدرين بسوق للسندات تعد أكبر حجماً وأكثر سيولة من تلك المتوفرة حالياً في أي سوق في المنطقة. ولن تفرض البورصة أي قيود على الاستثمارات المحلية كما تفعل البورصات الأخرى في المنطقة، كما ستتيح للحكومات والشركات حول العالم الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتوفرة في المنطقة.
التعليقات