تناولت صحيفة quot;انترناشنال هيرالد تربيونquot; أزمة دبي العالمية، بتحليل استبعدت فيه إيجاد حلول سريعة للأزمة. ورأت أن صعود دبي الخاطف بُني على فكرة أن الدولة ومصالحها الاقتصادية توأمان.

إعداد عبدالإله مجيد: تناولت صحيفة quot;انترناشنال هيرالد تربيونquot; أزمة دبي العالمية، بتحليل استبعدت فيه إيجاد حلول سريعة للأزمة. ورأت الصحيفة أن صعود دبي الخاطف من قرية تعيش على صيد اللؤلؤ قبل خمسين عامًا إلى مركز مالي وتجاري في منطقة الخليج اليوم، بُني على الفكرة القائلة إن الدولة ومصالحها الاقتصادية توأمان لا ينفصلان. لذا عندما أعلن مسؤول رسمي هذا الأسبوع أن الحكومة لن تتدخل لدعم شركة دبي العالمية، أداتها الاستثمارية التي تملكها بالكامل، أُصيب المستثمرون والمقرضون بالذهول. فهل كانت دبي بإعلانها هذا تنفض يدها من دبي العالمية.. أم أن الخطوة مجرد مناورة تفاوضية؟

في غضون ذلك، تستعد دبي لأسابيع من المفاوضات الشاقة مع المصارف حول إعادة هيكلة ديون دبي العالمية. وعلى الرغم من محاولات حكام الإمارة تهدئة العاصفة، فإن أطرافًا خارجية ما زالت لا تستطيع تفهم الوضع.

وبحسب مصرفيين استثماريين مشاركين في مفاوضات إعادة الهيكلة، فمن المستبعد أن تكون هناك أي عمليات سريعة لبيع أصول تملكها شركة دبي العالمية. فأولاً من المستبعد أن يتمكن أي من ممتلكاتها من جمع الأربعة إلى خمسة مليارات دولار المطلوبة لإقناع البنوك بأن دبي جادة بشأن إعادة هيكلة الستة وعشرين مليار دولار موضع البحث. ويصح هذا على ممتلكات دبي العالمية كافة، سواء أكانت أصولها العقارية أم الترفيهية أم خدماتها المالية في دبي وخارجها.

وعلى النقيض من ذلك، فإن بيع شركة طيران دبي أو شركاتها العاملة في صناعة الألمنيوم وقطاع البنى التحتية ـ التي تملك غالبيتها مؤسسة دبي للاستثمار، الشركة القابضة الثانية التي تملكها الدولة إلى جانب شركة دبي العالمية ـ يمكن أن يحقق ما يكفي من النقد لإقناع البنوك والمساعدة في الإيفاء بالتزامات شركة دبي العالمية.

ولكن مثل هذه الخطوة مستبعدة جدًا، لأنها ستعني إراقة ماء الوجه لإمارة دبي وحاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، مهندس النموذج، الذي استوحاه لتحويل دبي إلى مؤسسة كبرى ذات شركات متشابكة، لكنه نموذج محفوف بالمخاطر، كما يتضح الآن. لذا كانت يد الشيخ محمد ظاهرة للغاية، تعمل من خلال ثلاث شركات قابضة رئيسة، هي دبي القابضة، ودبي العالمية، ومؤسسة دبي للاستثمار.

وهذه الكيانات الثلاثة هي مصدر تمويل شركات دبي شبه الحكومية، التي تمارس كلها نشاطات، يُفترض أن تخدم هدف القطاع العام في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وفي الوقت نفسه تحقيق أرباح ترضي مستثمري القطاع الخاص. ولكن من الواضح الآن أن بعض الاستثمارات لم تحقق ما يكفي من الموارد النقدية لخدمة القروض، والبنوك المحلية والأجنبية ليست متأكدة من وضعها، بحسب انترناشنال هيرالد تربيون.

مجلة quot;فوربسquot; من جهتها، تقول إن غياب المعلومات والاتصالات يوم قدمت دبي العالمية طلبها تأجيل سداد الديون، زاد من التوجسات بشأن الحجم الكامل لالتزامات دبي الضمنية والصريحة. وتكمن في صلب الأزمة رسالة مؤداها أن المستثمرين ينبغي ألا يفترضوا وجود دعم غير مكتوب من الحكومة. والتصنيفات الائتمانية لشركات دبي الآن تعكس هذا الدرس استناداً إلى الآفاق الائتمانية الأساسية، وليس الدعم الضمني من الحكومة. ويأتي طلب دبي العالمية جدولة ديونها بعد أشهر من التأكيدات التي قدمتها الإمارة إلى المقرضين، وإصدار دين سيادي يزيد على 15 مليار دولار.

ويشير الطلب إلى أن دبي استنفدت ما لديها من خيارات لعملية إنقاذ استباقية شاملة من المنطقة الغنية بمواردها. ويبدو أن الأمور ستتجه نحو الأسوأ قبل أن تتحسن، أو بالأحرى يتعين أولاً أن يشعر أصحاب الصكوك بوطأة الوضع. وعلى الرغم من أن المخاطر الناجمة من أزمة دبي العالمية ليست كبيرة على المستوى العالمي، فإنها بالغة الأثر في عموم دولة الإمارات والدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وإن إعادة تقويم الدعم الحكومي يمكن أن يثير مزيدًا من الانتباه إلى بلدان، حيث دعم الدولة أكثر ضبابية.

وتضيف مجلة quot;فوربسquot; أن قضايا التمويل، التي تتعامل معها شركة دبي العالمية، ليست مفاجئة، وهي صغيرة نسبيًّا إزاء الخسائر العالمية في قطاع الائتمان، ولكنها تعيد التذكير بأن مواطن الانكشاف والخلل في التوازن التي أسهمت في الأزمة الائتمانية لم تختفِ. وأن حدوث أزمة دبي العالمية، في وقت ينظر المستثمرون بقلق إلى قوة الانتعاش الاقتصادي الذي لاحت بوادره وأمده وكلفة السياسات المالية التي أعادت الاقتصاد إلى سكة النمو، لعله يشير إلى أن خطر العجز عن الإيفاء بالالتزامات ما هو إلا واحد من المخاطر التي يستهين بها المتعاملون في السوق. وتوجهت الانظار بصفة خاصة إلى مخاطر الائتمان السيادي في منطقة اليورو وأطرافها، حيث تتعرض إلى ضغوط بلدان المنطقة الأضعف، مثل اليونان، والبلدان الأكثر مديونية في أوروبا الوسطى والشرقية.

وتختم مجلة quot;فوربسquot; بالقول إن دروس دبي العالمية للاقتصاد العالمي والأسواق المالية دروس متناقضة. فأولاً، إن أزمة دبي تذكير للمستثمرين بأن ليس كل شيء على ما يرام بعد في النظام المالي العالمي. وعلى الرغم من أن مظاهر الانكشاف إلى الآثار الناجمة من أزمة دبي العالمية كانت مبعثرة على رقعة واسعة نسبياً وقابلة للاحتواء، مع بعض التركيز في بنوك بريطانية وإماراتية، فهي تذكير بالخسائر المتبقية من الانتعاش الائتماني التي طُمس بعضها، بإزالة العمليات الحسابية لتقويم الوضع المالي الحقيقي للشركات والمؤسسات.

وأخيرًا، تؤكد الواقعة حقيقة أن بعض البلدان والشركات ستجد صعوبة في الحصول على قروض، على الرغم من إغراق السوق بالسيولة. وليس كل البلدان لديها حتى أفق الحصول على دعم، ولو جزئي، من جار أغنى، بحسب مجلة quot;فوربسquot;.