التغيّر المناخي مشكلة عالميّة لا تقف عند حدود أي دولة وتخلق تحدّيات للجميع ويجب على كافة سكان الأرض الاتحاد من أجل إنقاذ الكرة الأرضيّة، فالتغيّرات المناخيّة أصبحت حقيقة اليوم ويجب أن نتعامل معها من هذا المنطلق، مشيرّا إلى تمنّيه أن يفضي مؤتمر كوبنهاجن في إيجاد حلول سريعة لمشاكل البيئة.ويعول الأردن على قمة كوبنهاجن حول تغيّر المناخ، والتي كانت قد بدأت أعمالها أمس في العاصمة الدنمركيّة وتستمر حتى 18 الشهر الحالي، بهدف التوصل إلى حلول تساهم في تقليص التحديات البيئيّة القائمة. ويشارك الأردن في قمة تغيّر المناخ بوفد رسمي رفيع يرأسه وزير البيئة خالد الإيراني.
عمّان: يواجه الأردن وفقًا لوزارة البيئة والاتحاد الأوروبي الآثار المترتبة على تغير المناخ، على الرغم من أنه لا يساهم في إجمالي احتباس الحراري على الصعيد العالمي إلا بنسبة 0.1 في المئة. إذ يتوقع أن ينخفض هطول الأمطار بنسبة 20 في المئة مع زيادة درجة الحرارة 2.5 درجة مئوية، وهو ما يشكل مصدر قلق للأردن إزاء الآثار السلبية لظاهرة التغيّر المناخي وما ارتبط بها من ارتفاع لمستوى سطح البحر والفيضانات، فضلاً عن التصحّر الذي يهدد مسيرة التنمية المستدامة، بحسب البيان. ويقدر البنك الدولي كلفة التدهور البيئي في الأردن سنويًا بمقدار 205 ملايين دينار (نحو 288 مليون دولار)، أي ما يزيد عن 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للمملكة..
4 قضايا.
ولا يزال الأردن يعاني من أربع قضايا بيئية رئيسة... أول هذه القضايا وأخطرها هي مدينة الزرقاء المحافظة والمدينة حيث تضم هذه المحافظة مصفاة البترول ومناطق معدنية وصناعية إضافة إلى سيل الزرقاء ومناطق تجميع الخردة والسكراب حيث حاولت وزارة البيئة تحويل هذه المناطق إلى قرية بيئية، ولكن ضعف التمويل وقصر المدة الزمنية حال دون تنفيذ هذا المشروع الرائد. ويضاف إلى ذلك مناطق استخراج الفوسفات وما ينتج عنها من تلوث حقيقي لبيئية الصحراء، كما أن نقص المياه والخطر المحيط بالبحر الميت وقضية تحويل وادي الأردن إلى وحدة تنموية تساهم في تعزيز الإنتاج الزراعي، وفي الوقت ذاته تساهم في التنمية المستدامة من خلال تقليص حجم استهلاك المياه.
ووفقًا لبعض الدراسات، سيصبح تعداد سكان العاصمة الأردنية عمان العام 2025 نحو ستة ملايين نسمة في بلد يعد احد أفقر عشر دول مائيًا في العالم... إلا ان هذا لم يمنع بعضهم من ان يدقوا ناقوس الخطر بشان البيئة كي تصبح ذات أولوية في المملكة التي تعتبر 92 في المئة من أراضيها صحراوية.
وتخطط وزارة البيئة لتخصيص ما يقرب من 20 مليون دينار أردني بحلول عام 2012 من خلال آلية التنمية النظيفة التي أنشئت بموجب بروتوكول quot;كيوتوquot; حول التغيرات المناخية لمساعدة الجهود الرامية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وأدى انضمام الاردن الى منظمة التجارة العالمية واتفاقات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتصديق على برتوكول quot;كيوتوquot; الى فرض المعايير البيئية.واستحدثت وزارة البيئة الأردنية عام 2003 قوانين جديدة للعقوبات تصل الى حد إغلاق الشركات التي لا تحترم البيئة.
وقال الإيراني لـ quot;إيلافquot; إن الأردن يعول على هذه التظاهرة العالمية التي سيشارك فيها أكثر من 90 رئيس دولة ووفود من كافة دول العالم في التوصل إلى مخرجات طموحة تساهم في وضع الحلول والتخفيف من التحديات البيئية الناجمة عن التغيرات المناخية، وخاصة في البلدان المتأثرة بها، والتي من بينها الأردن، وذلك من خلال زيادة مساهمات الدول الصناعية المتقدمة في تمكين البلدان المتأثرة من معالجة الآثار الناجمة عن ظاهرة تغير المناخ.
وأضاف الإيراني أن الأردن يعاني من شح في الموارد المائية، ويصنف على أنه من أفقر أربع دول في العالم، الأمر الذي سينعكس سلبًا على القطاعات الزراعية والثروة الحيوانية التي ستتأثر بشكل مباشر بفعل التحديات المناخية، حيث يتوقع أن تنخفض حصة الفرد من 150 مترًا مكعّبًا في عام 2003 إلى 90 مترًا مكعبًا في عام 2025.
وأكد وزير البيئة أن هذا الواقع يرتب وضع الخطط والبرامج الرامية إلى التكيف مع التوقعات المستقبلية للتأثيرات المناخية الخاصة بانخفاض معدل الأمطار وانعكاسها على محدودية الأراضي القابلة للزراعة.
وقال الإيراني إننا ملتزمون بالبيان الوزاري العربي الصادر عن مجلس وزراء البيئة العرب المسؤولين عن شؤون البيئة مؤخرًا حيال تداعيات تغير المناخ.
يشار إلى أن الأردن نفذ سلسلة من البرامج بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والسفارتين السويدية والدنمركية خلال المرحلة الماضية لتسليط الضوء على ظاهرة تغير المناخ.
وأكد وزير البيئة على ضرورة وجود فترة التزام ثانية للدول المتقدمة بموجب بروتوكول كيوتو، بحيث تكون نسبة خفض الانبعاثات معقولة باعتبارها المسؤولة عن هذه الظاهرة بشكل رئيس، والعمل على آلية لتمويل مشاريع التغير المناخي تحت مظلة الاتفاقية الإيطالية من خلال رصد المبالغ المطلوبة سنويًّا، إضافة إلى نقل التكنولوجيا وبناء القدرات للدول النامية والعمل على دعم صندوق التكيف مع ظاهرة تغير المناخ بالمصادر المالية اللازمة.
وكانت وزارة البيئة قد نظمت مؤتمر الطريق إلى كوبنهاجن في عمان، بالتعاون مع سفارة السويد لدى المملكة، بصفتها رئيسة الاتحاد الأوروبي، والمفوضية الأوروبية وجمعية الأعمال الأردنية الأوروبية في الثامن من تشرين الثاني الماضي، وذلك في إطار التنسيق والتشاور ما بين الدول المتقدمة والنامية للوصول إلى اتفاق نهائي حول حماية كوكب الأرض من التغير المناخي، وتمهيدًا للمشاركة في المؤتمر الخامس عشر للاتفاقية الإطارية لتغيّر المناخ الذي بدأ أعماله اليوم في كوبنهاجن. وقال الإيراني إن التغييرات المناخية أثرت على المملكة بشكل مباشر من خلال ارتفاع درجة الحرارة العليا السنوية بمقدار( 5ر2) درجة مئوية وخفض معدل سقوط الأمطار سنويًّا بنسبة تتراوح من (5-20%) سنويًّا.
وأضاف أن الأردن وعلى الرغم أنه لا يساهم في إجمالي انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون الذي يساهم بشكل كبير في تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري سوى بأقل من 1ر0% ويأتي في المرتبة الـ(81) في العالم، إلا أنه يطمح بتخفيض هذه النسبة من أجل حماية كوكب الأرض. وأوضح أن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بلغت ما يقارب (20) مليون طن للعام( 2008) فيما بلغت للعام (1994) (14) مليون طن وهو ما يدعو إلى تخفيض هذه الانبعاثات. وأشار الإيراني إلى ان التغيرات المناخية تزيد من فقر الأردن في المياه حيث بلغت حصة الفرد للعام الماضي (140) مترا مكعبا سنويا في حين بينت الدراسات أنه من المتوقع أن تنخفض إلى (90) مترًا مكعبًا في العام 2020 وهو ما يعجل من ضرورة اتخاذ إجراءات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. وأشار إلى أن الأردن يطمح لزيادة الاعتماد على استعمال مصادر الطاقة البديلة خاصة وأن من أهم أهداف إستراتيجية المملكة البيئية الوصول إلى نسبة اعتماد تبلغ في حدها الأدنى (10%) على مصادر الطاقة البديلة في العام 2020.
وقال رئيس جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية عيسى حيدر مراد أن الأردن من أوائل الدول الذي أوجد تشريعات حضارية للحد من الظاهرة وإيجاد الشرطة البيئية، مشيرًا إلى أنه يجب العمل على زيادة العمل على الاعتماد على الطاقة البديلة من أجل التقليل من قيمة الفاتورة النفطية. ويتلخص موقف الأردن الى مؤتمر كوبنهاجن حيث يتوقع مشاركة (15) ألف من المهتمين بالبيئة حول العالم بضرورة وجود فترة إلزام ثانية للدول المتقدمة تحت مظلة بروتوكول كيوتو والتشديد على أن تكون نسبة الانخفاض طموحة وكبيرة خاصة للدول المتقدمة. أما الدول النامية فعليها تحديد خياراتها والبدء بها فور توفر الدعم المالي والتكنولوجي.كما ويرى الأردن أن على الدول المتقدمة والمسؤولة أصلاً عن هذه الظاهرة أن تقوم بمزيد من الجهود في خفض الانبعاثات من (25-40%) عام (2020) و(80) عام 2050، إضافة لنقل التكنولوجيا الضرورية للدول النامية لمساعدتها أيضًا.
مشاريع بيئية
خلصت دراسة حكومية إلى ضرورة تعزيز المراقبة وإنشاء نظام إنذار شديد الحساسية من خلال إعداد نظام تنبؤ صحي للأمراض المتأثرة بالمناخ، والوقاية من الأمراض التي تنقلها الكائنات الحية والسيطرة عليها، إضافة إلى تعزيز إجراءات الاستعداد للطوارئ وإدارة الكوارث، وتحسين عملية جمع بيانات الأمراض المرتبطة بالتغيّر المناخي، وإعداد قاعدة بيانات لها. وأوصت الدراسة الصادرة عن وزارة البيئة حديثًا حول البلاغات الوطنية الثانية والخاصة بجرد انبعاثات وامتصاص الغازات الدفيئة والآثار المتوقعة عن ظاهرة التغيّر المناخي، باتخاذ جملة من الإجراءات وبرامج التكيف مع تغيّر المناخ من حيث رفع مستوى معرفة الفقراء بها، وذلك لتحسين قدرتهم على التعامل مع آثار ظاهرة التغيّر المناخي، إلى جانب تطبيق بعض إجراءات التكيف الخاصة بالزراعة والأمن الغذائي وإنشاء quot;صندوق كوارث وطنيquot; للمزارعين، وتطوير القدرات المؤسساتية من خلال توفير بنية تحتية أفضل ومزيد من التدريب للموظفين.
وحول الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتغيّر المناخي، أفادت الدراسة أن ليس هنالك بيانات حول العوامل الاقتصادية والاجتماعية المتأثرة بهذه الظاهرة البيئية في مناطق الدراسة، موضحة أنه تم الاعتماد على التحليل الموضوعي والقيام بدراسة مسحية ميدانية مقتضبة لمناطق مختارة، لفهم مواقف المشمولين بها حول تغيّر المناخ.
وأظهرت نتائج المسح الميداني في مناطق الحضر أن الأثر الأساسي لعوامل التغير المناخي يكمن في نقص المياه، مما ترك أثرًا على الظروف الصحية للعائلات من خلال ازدياد بعض أنواع الأمراض كالإسهال وازدياد تكلفة المعيشة، فيما تأثر المزارعون، وتحديدا العاملين في الزراعة البعلية، بارتفاع درجات الحرارة وانخفاض كميات الأمطار، مما أدى إلى انخفاض دخلهم.
الزراعة الأكثر تأثرًا
وتشير الدراسة الحكومية إلى أن قطاع الزراعة في الأردن من أكثر القطاعات تأثّرًا بالتغيّر المناخي، لمحدودية مصادر المياه والأراضي المتاحة، لأن معظم أراضي البلاد قاحلة وغير مستخدمة كمساحات خالية رعوية. وتوضح أن نتائج تقييم مستوى تأثر الزراعة أن التغيّر المناخي يمكن أن تكون له آثار كبيرة، بخاصة على البعلية منها، فيما بينت أن قطاع المواشي وإنتاج الغذاء هما أكثر ما يتأثر بالآثار السلبية لتغيّر المناخ. وتوقعت الدراسة أن يكون للتغير المناخي أثر على مصادر المياه بشكل كبير نتيجة انخفاض معدل الهطول والتغيّرات المتوقعة في توزيعه المكاني والزماني. وبالنسبة إلى قطاع الصحة، يرجح وقوع آثار سلبية على الصحة العامة نتيجة التغيرات المحتملة على النظام البيئي، من حيث حدوث اضطرابات فيزيولوجية وطفح جلدي وجفاف وإعتام عدسة العين ودمار البنية التحتية للصحة العامة ووقوع إصابات ووفيات في حال ارتفاع درجات الحرارة وتغيّر أنماط هطول الأمطار، كما تتوقع الدراسة.
معطيات محلية
وبحسب الدراسة، تبلغ مساحة الأردن 88.778 كم2، والواقع ضمن مناخ البحر الأبيض المتوسط، والذي يتميز بكونه حارًّا وجافًّا في الصيف وباردًا وماطرًا في الشتاء. فيما بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي نحو 1785 دينارًا في العام 2006، إذ ساهمت قطاعات التمويل والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال والنقل والتخزين والاتصالات والتصنيع في الناتج المحلي بشكل أساسي. وتفيد أن الأردن يعاني من مشكلة شح المياه، إذ ورد في إستراتيجية المياه في الأردن للفترة الممتدة بين الأعوام 2008 إلى 2022 أن الأردن يعتبر من بين الدول الأربعة الأكثر جفافا في العالم، حيث انخفض نصيب الفرد من المياه المتوفرة من 3600 م3/ سنة عام 1946 إلى 145 م3/ سنة عام 2008.
ويعتبر شح المياه في الأردن من أكثر الأمور التي تعيق التنمية، ذلك أن الماء لا يعتبر فقط عاملاً لإنتاج الغذاء، وإنما أحد العوامل المهمة للغاية للصحة والبقاء والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، تؤكد الدراسة البيئية.
وتقول إنه تم تقدير الانبعاثات ومصادر الانبعاثات التي يتسبب بها الإنسان والكميات المزالة من غازات الدفيئة في الأردن، وذلك بالنسبة إلى جميع غازات الدفيئة غير المقيدة ببروتوكول مونتريال للسنة المرجعية 2000 باستخدام إرشادات عام 1996 الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية للتغير المناخي. وقدرت انبعاثات غازات الدفيئة والكميات المزالة منها لقطاعات الطاقة والعمليات الصناعية والزراعة واستغلال الأراضي والتغيّر في استغلال الأراضي والفضلات والمذيبات. يوضح محمد العالم أحد أعضاء الفريق الذي أعد الدراسة.
وتطرق العالم في عرضه إلى قائمة الأردن الوطنية لحصر انبعاث غازات الدفيئة لعام 2000، بالقول إن الأردن ساهم بحوالى 20140 جيجاغرام أو ما يعادل نحو 20.14 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من غازات الدفيئة في الجو خلال عام 2000. ويظهر تفصيل لقطاعات الانبعاثات الإجمالية من غازات الدفيئة في الأردن، أن قطاع الطاقة ساهم بـ14911 جيجاغرام من ثاني أكسيد الكربون، أو ما نسبته 74 في المئة، حيث كان من توليد الطاقة الكهربائية بنسبة 27.7 في المئة، والنقل بنسبة 18 في المئة، والتجارية والمؤسسية والسكنية بنسبة 13.9 في المئة، والصناعات والإنشاءات بنسبة 9.3 في المئة، وأخرى بنسبة 4.7 في المئة. أما العمليات الصناعية ساهمت بنحو 1594 جيجاغرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أي ما نسبته 7.9 في المئة، فيما قطاع الزراعة كان نصيبه 183 جيجاغرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، حوالى 0.9 في المئة.
بينما ساهم استغلال الأراضي وإعادة استغلال الأراضي والحراجة بنحو 730 جيجاغرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، ما يعادل 3.7 في المئة، أما النفايات بـ 2713 جيجاغرام من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، ما نسبته 13.5 في المئة. وحول نسب الانبعاثات الإجمالية من غازات الدفيئة في الأردن، بينت الدراسة أنها من ثاني أكسيد الكربون نحو 84.6 في المئة، ومن الميثان 13.6 في المئة، ومن ثاني أكسيد النيتروز بنسبة 1.7 في المئة.
التعليقات