تتجه أنظار العالم أجمع هذه الأيام نحو العاصمة الدنماركية quot; كوبنهاغنquot; في حالة ترقب لما قد تسفر عنه القمة المنعقدة والتي بدأت يوم الإثنين الماضي أولى جلساتها عن التغيرات المناخية حول العالم الناتجة من ظاهرة الإحتباس الحراري التي قد يترتب عليها نتائج خطرة تخص مستقبل كوكب الأرض قد تصل إلى حد الهلاك البشري.

واشنطن: انطلقت أول الإثنين الماضي قمة المناخ العالمية لمواجهة التغيرات المناخية وحماية البيئة وسط تحذيرات كبيرة في السعي الحثيث لإنجاح تلك القمة والخروج بأهم القرارات التي يجب تطبيقها فورا فالنتائج المترتبة في حال فشل القمة ستعود بعواقب وخيمة على كوكب الأرض والجنس البشري. وقد حضر القمة ممثلون عن 192 دولة في العالم إلى العاصمة الدنماركية كوبنهاغن يوم الإثنين الموافق 07-12-2009 لمناقشة قضايا التغير المناخي والآثار الناتجة منها لإنقاذ كوكب الأرض مما قد ينتظره في حال استمر الوضع على ما هو عليه وذلك من خلال سن قوانين ونظم صارمة وملزمة قانونيا لمن لا يطبقها. وقد تعالت الأصوات مؤخرا من كل حدب وصوب مطالبة بالتوحد والتوصل لإتفاق يحمي البيئة والتي كان آخرها من الفاتيكان عندما حث البابا بنديكتوس السادس عشر قادة العالم على التوحد وتبني إجراءات ملموسة وحقيقية لمصلحة الطبيعة والجنس البشري لمحاصرة ظاهرة الإحتباس الحراري.


وظاهرة الإحتباس الحراري هي ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي نتيجة تغير الطاقة الحرارية من البيئة وإليها وقد انقسم العلماء حول مؤيد ومعارض لمسببات هذه الظاهرة فهناك من يرى أنها ظاهرة طبيعية وأن يد الإنسان لأدخل لها، ويختلف معه من يرى أنها من صنع الإنسان فهي نتيجة تراكم غازات دفينة في الغلاف الجوي مثل نشاطات الإنسان وخاصة احتراق الوقود الإحفوريquot; النفط الخام والغاز الطبيعيquot;. واختلاف العلماء انعكس على الدول فمن الدول من أيّد أنها من صنع الإنسان فبادر في تغير نمط استهلاكه للطاقة ومنهم من عارضها واعتبرها نتيجة طبيعة فمناخ الأرض يشهد تغيرا طبيعيا. وتلعب الدول السبع الصناعية الكبرى دورا كبيرا في وجود واستغلال تلك المواد أكثر ما يكون. هذا وتعد الولايات المتحدة الأميركية إحدى هذه الدول ولها دور رئيس في انبعاث تلك الغازات التي تؤدي إلى التلوث البيئي وليس فقط الإحتباس الحراري .ومن هذا المنطلق تعمل الولايات المتحدة الأميركية الآن على دراسة تسفر نتائجها عن الحصول على بدائل أخرى للطاقة الوقودية والتي تقلل من خطر هذه الظاهرة. وكان البيت الأبيض قد أعلن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيحضر قمة كوبنهاغن للتغيرات المناخية وأنه سيعد بتخفيض في الإنبعاثات الغازية بنسبة تصل إلى 17% بحلول 2020. وقد صرح أوباما قبل انعقاد القمة بأنها يجب أن تخرج بعمل ميداني فوري وليس فقط بيانا سياسيا فيما صرحت واشنطن بأنها ستعلن عن خطتها لتخفيض الإنبعاثات الغازية قبل انعقاد القمة.


وكان مركز المسح الجيولوجي للولايات المتحدة الأميركية قد رأى أن الخسارة المادية الناتجة من تلوث الهواء نتيجة لتأثير الغازات أو أحماضه بطريق مباشر أو لا على الثروة الحيوانية والمحاصيل النباتية والممتلكات العامة والخاصة في المصانع والمنازل والمنشآت في تزايد دائم وذلك مرتبط بالتطور التكنولوجي ففي عام 1949 وصلت تكاليف التلوث على الإقتصاد حوالى 1500 مليون دولار ثم ارتفعت لتصل 4000 مليون دولار عام 1958 ثم إلى 6200 مليون دولار 1967 ما يعني التكاليف تزداد بزيادة التلوث.


وهذا ما يؤكده الدكتور مصطفى عيد الباحث في الشؤون البيئية بأن النمو الإقتصادي العالمي على مدار ال 50 عاما الماضية مصحوبا بانخفاض بيئي سريع ومنذ العام 1981 حتى العام 2005 ازداد إجمالي الناتج المحلي أكثر من الضعف وقابل تدهور سريع يساوي 60% من الأنظمة البيئية العالمية ويتم انفاق 2% من الدخل القومي على البيئة سنويا ويقدر بمبلغ 10 مليارات دولار أميركي في السنة على أفضل تقدير مقابل 60- 90 مليار دولار أميركي لازمة للاستثمارات البيئية والتي تسهم بشكل مباشر في خفض نسبة الفقر. كما وتعمل الحوافز غير الملائمة ضد البيئة والدعم العالمي للزراعة المقدر بأكثر من 300 مليار دولار أميركي في الوقت الذي تقل فيه نسبة تمويل إعادة زراعة الغابات. كما يتم الدعم العالمي للطاقة والمقدر ب 240 إلى 310 مليارات دولار أميركي في العام إلى حوالى 0.7 % من إجمالي الناتج المحلي في مقال عدم وجود دعم كاف لتنمية الطاقة المتجددة.


كما ويؤكد عيد أنه لإنجاح تلك القمة لابد من الخروج بقرارات تطبق على أرض الواقع من دون استثناءات لأن الخطر سيعود على الجميع ويقول:quot; المشكلات البيئية هي مشكلات اقتصادية وتحتاج إلى نفقة من الحكومات للمساهمة في الحد من خطر هذه الظاهرة وأن أهم ما يجب أن يطبق بعد القمة هو وضع حدود قصوى للإنبعاثات الكربونية وفق خطة زمنية تتمثل بها الدول. وتقديم المساعدات للدول النامية لتمكينها من تطوير أساليب الصناعة.quot; معربا في الوقت ذاته عن استغرابه لاختزال التلوث البيئي وأضراره في ظاهرة الإحتباس الحراري والتي يرى أن التصحر وتلوث المياه لا يقلان خطرا عنها.


كما وتقوم مجموعة البنك الدولي بعملها على خفض الإنبعاثات الكربونية وتدير 10 صناديق وتسهلين ضف على ذلك 2.3 مليار دولار من الأموال المخصصة لهذا الغرض وأكثر من 1.9 مليار دولار لإتفاقيات شراء خفض الإنبعاثات الكربونية أما التسهلين فهما لخفض الإنبعاثات الكربونية في منطقة الغابات يبلغ 109.8 ملايين دولار والأخر للدول النامية. و50 مليون دولار لتمويل صندوق الكربون والذي يشمل 37 بلدا. كما وأصبح أول بنك للتنمية يتحول إلى مؤسسة والتي مقرها واشنطن لا تنبعث من منشآته أي غازات كربونية وذلك من خلال تحقيق استراتيجية كفاءة استخدام الطاقة وخفض الإنبعاثات الكربونية للحد من التلوث .


وحول إذا ما كانت قمة كوبنهاغن هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ الكوكب يقول مصطفى عيد:quot; لا يوجد ما يسمى فرصة أخيرة بل فرصة مناسبة وهذا ما تعلمناه من التاريخ. وجرد الإحساس بالمشكلة والإجتماع حولها والإطاحة بأحزاب وحكومات يعكس مدى الإهتمام بهذه القضية وهذا في حد ذاته جيد.quot;ثم يضيف قائلا :quot; ولا يجب أن ننسى أن القمة تعقد في ظل دعم عالمي تجسد في اعلان الرئيس اوباما تعهده باستثمار 150 بليون دولار في الطاقة النظيفة على مدار العشر سنوات المقبلة وفي استطلاع أميركي أجراه مركز الأبحاث بيو حول موقف الشعب الأميركي بكل أطيافه تجاه ظاهرة الإحتباس الحراري أظهر أن 56% من الأميركيين رأى أن الولايات المتحدة يجب أن تنضم مع دول أخرى في وضع معايير للتصدي لتغير المناخ العالمي بينما يرى 32% أنه ينبغي عليها أن تضع معاييرها الخاصة بها.