في استقراءات الرأي العديدة التي أجريت قبل أسبوعين، أي بعد بدء المشتريات لأعياد الميلاد ورأس السنة، والتي تتعلق بحجم ما يريد كل ساكن في المانيا تخصيصه من اموال لشراء ملابس وهدايا ومستلزمات، فقد قال 17 في المئة فقط بأنهم سوف يدفعون اكثر مما دفعونه العام 2008 لشراء هدايا وملابس والذهاب في رحلة خارج المانيا او تناول الطعام في المطاعم ومشاهدة مسرحيات، فيما اجاب 50 في المئة بأنهم سوف يصرفون اقل بكثير، بينما أشار 32 في المئة بأنهم لم يحددوا بعد حجم ما سيصرفونه، لذلكعليهم أوّلا التفكير مليًا.

برلين: يأتي هذا الحذر نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية الصعبة الذي تعيشها ألمانياوموجة التسريحات العماليّة، والمتوقع ان تتواصل عام 2010. وكانت ايرادات اعياد الميلاد عام 2008 مختلفة تمامًا، حيث وصلت قيمة مبيعات الكتب والحلى والاجهزة الالكترونية والعطور والالعاب والاقراص المدمجة للموسيقى والافلام لوحدها الى 5.7 مليار يورو، وهذا لم يشمل تكاليف الرحلات والسهر ومشتريات الالعاب النارية التي ستطلق ليلة راس السنة ووصلت العام الماضي الى 100 مليون يورو تقريبًا، وهذا رفع يومها قيمة المشتريات الى 74.2 مليار يورو.


ولم تصدر أي بيانات او ارقام رسمية عن مكتب الاحصائيات الاتحادي او روابط البيع بالجملة او التجزئة عن حجم الايرادات، لكن يمكن الاعتماد على بيانات صدرت عن المحلات التجارية الكبيرة والتي تقول بأن مبيعاتها تراجعت، وهي حتى الآن أقل مما كان متوقعًا ولا يوجد اي مؤشر بأنها ستكون اعلى من عام 2008، وتتوقع ألا تتجاوز ال 73 مليار يورو. وكانت اعلى نسبة مبيعات عام 2006 حيث سجلت قرابة ال80 مليار يورو.. وهذا التراجع في المبيعات يؤكد ان اجواء اعياد الميلاد تأثرت بالازمة الاقتصادية لكن ليس كثيرًا، ويراهن الكثير من المحلات على الشراء في اخر لحظة اي قبل يوم من الميلاد، فيما حققت المبيعات المختلفة عن طريق الانترنت اي اون لاين لشهري تشرين الثاني ( نوفمبر) وكانون الاول( دستمبر) زيادة تقدر ب1.5 في المئة لتصل الى ستة مليارات يورو. وأكثر المبيعات في اعياد الميلاد هي الالعاب الالكترونية على انواعها مع تراجع حجم مبيعات الادوات المنزلية بحوالى 7 في المئة، وكانت من بين الهدايا التي يقدمها الالمان في هذه المناسبة وبالتحديد وسط العائلات، ما ادى الى انخفاض ارباح مصانع الادوات المنزلية خاصة المعدنية منها الى 27.2 مليون يورو لتصل قيمة مبيعاتها الى 634 مليون يورو وكانت القيمة عام 2008قد وصلت إلى 795.8 مليون يورو.


وحسب قول ارتور مولر من رابطة تجار التجزئة في المانيا لايلاف في الاسبوع الثالث من شهر اعياد الميلاد باءت امال تجار التجزئة بتحقيقات ايرادات اكثر بالفشل لكن ما يدعو الى الطمأنينة ان نسبة التراجع ليست الكبيرة كالتي توقعها البعض بسبب الاوضاع الاقتصادية للفرد. وذكر بان خارطة الشراء في المانيا تختلف من ولاية الى اخرى، ففي الولايات الشرقية وبرلين تراجعت نسبة المبيعات، فيما ارتفعت في الوسط والجنوب حيث البطالة العمالية اقل الى الخمسة في المئة مقارنة مع العام الماضي. فعلى سبيل المثال فإنّ مدنًا مثل بون تشهد موجة شراء ملحوظة، ولا يظهر اي تاجر تجزئة تذمرًا من تراجع المبيعات بل بالعكس، حتى ان بعضهم مسرور جدًا للارباح التي حققها خلال اعياد الميلاد، على الرغم من انهم كانوا يتوقعون زيادة اكبر. والحال نفسها في مدينة المال والازياء دوسلدورف، حيث يصل عدد المشترين في نهاية الاسبوع ويبلغ عدد المحلات المفتوحة ايضا يوم الاحد الى مليون، ما يجعل الاجواء مريحة وبعيدة عن شبح الازمة الاقتصادية، ولا اثر لتحذيرات خبراء الاقتصاد من انعكسات الازمة.


وما يزيد حركة الشراء في دوسلدوف الحافلات التي تاتي بالمئات من الركاب من الدول المجاور مثل هولندا وبلجيكا للسياحة والتبضع، ويصل حجم صرف كل واحد من هؤلاء السياح الى 2000 يورو بين شراء هدايا خاصة الاشغال اليدوية والحلوى الخاصة باعياد الميلاد وقضاء فترة نهاية الاسبوع في الفندق، ولشراء الهدايا يخصص كل واحد ما قيمته 200 يورو.وهذا الوضع ينطبق على مدينة ميونيخ حيث تشير بيانات مكتب حماية المستهلك الى ان قيمة ما يشتريه الشخص الواحد من اجل هدايا عيد الميلاد تصل الى 250 يورو كحد متوسط. وهذا يجعل هذه المدن بمنأي تام عن انعكاس الازمة وعلى مشتريات اعياد الميلاد وراس السنة فيها بعكس الحال في مدن اخرى كبريمن وبرلين.
ومن اجل تشجيع الشراء وزيادة المبيعات في قطاع الالعاب الالكترونية خفضت بعض المحلات خاصة الكبيرة الاسعار، وبرر مولر ذلك بانها خطوة مقرونة بانخفاض الارباح، لكن لا بد من تصريف البضائع. ومن يريد شراء هدية مثل بلاي ستايشن 2009 باقل من 400 يورو يجدها بكل سهولة،وهذا ادى الى بيع اكثر من 3 ملايين لعبة من هذا النوع خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة خاصة من صنع سوني التي خفضت الاسعار من اجل المنافسة.


وهذا ما سلكته الكثير من الفنادق الالمانية ايضا الفخمة وفي ا لمنتجعات المشهورة، فهي تعرض على سبيل المثال المبيت ليومين في فندق اربع نجوم على المدن الساحلية الالمانية ب130 يورو مع سرير مزدوج وبرامج تسلية اضافة الى الWellness ووجبات طعام كاملة. وهذا شجع الكثيرين الذين اعتادوا قضاء عطلة الميلاد خارج المانيا ولا يريدون الان صرف الكثير من الاموال تحسّبًا من تداعيات الازمة الاقتصادية، شجعهم على الحجز، تضاف الى ذلك العروض المغرية التي تقدمها بعض شركات الطيران داخل المانيا، وهذا يجعل الساكن في برلين مثلاً يفكر بشكل جدي بالسفر الى جزيرة سولت الالمانية على بحر البلطيق دون ان تصل مصاريف الشخص الواحد الى300 يورو.