أزمات وراء أزمات خلّفت ارتفاعاً في الأسعار وركوداً في الأسواق، ويبقى الأمل في مثل هذا الوقت من كل عام في أن يبدأ العام الجديد 2010 ببارقة من النور، تسعد شعوب العالم، التي باتت تأنّ من ويلات الاقتصاد العالمي. في مصر.. البعض يجد ضالته في احتفالات أعياد الميلاد، والسواد الأعظم من المصريين لا يعيرونها أدنى اهتمام. وعن أثر أزمات العالم الاقتصادية على الاحتفال بالأعياد كان لـquot;إيلافquot; هذا التحقيق من مصر.

القاهرة: في البداية، بدت حالة الركود على محال بيع الهدايا، والتي تعتبر هذه الفترة من السنة موسم رواج لها، فها هو ناصر فكري ndash; صاحب محل هدايا في ملحق فندق quot;النيل هيلتونquot; التجاري ndash; يؤكد لـquot; إيلافquot; أنه ومنذ فترة طويلة، وكل عام يأتي.. يكون أكثر ركوداً من العام الذي قبله، وذلك بالطبع نتيجة الأزمات الاقتصادية المتتالية، وتأثر السياحة بها، وعزوف المصريين عن شراء الهدايا والاحتفال برأس السنة، نظراً إلى غلاء الأسعار.

أما مصطفى صلاح - بائع في محل هدايا ndash; فيقول quot;نحن نسعى إلى الظهور في كل مناسبة بشكل من أشكال الدعاية والعروض التي تجلب الزبائن، فمثلاً في الأعياد، نوزّع هدايا مجانية على من يشتري بمبلغ معيّن. وعن أسعار هدايا أعياد الميلاد فتتراوح بين 50 و200 جنيهاً لدميات quot;بابا نويلquot;. وبخصوص شجرة عيد الميلاد فأوضح أن هناك من يقبل على شرائها، ولكن على فترات متباعدة، وغالبيتهم من quot;الأخوة الأقباطquot;، لأن هذه الفترة هي المناسبة الدينية الأبرز بالنسبة إليهم.

وبالنسبة إلى الفنادق، فمن خلال جولة لإيلاف على عدد منها في قلب العاصمة المصرية القاهرة، ظهر تأثير الأزمة الاقتصادية واضحاً على عدد من النزلاء، بالرغم من الرواج النسبي للقليل منها بطبيعة فترة الأعياد. وأكد عدد من المسؤولين في الفنادق أن حركة السياحة متأثّرة بأزمات الاقتصاد، ولكنهم أجمعوا على أنه لا يمكن التكهّن بأعداد وإيرادات احتفالات أعياد الميلاد إلا بعد ليلة رأس السنة، لأن الإقبال يبلغ ذروته في آخر يومين من السنة، ومنهم من هو متفائل بموسم جيد هذا العام.

وعن الاستعدادات الخاصة بهذه المناسبة، تشير سيمات كامل ndash; مديرة العلاقات العامة في فندق كونراد القاهرة - إلى أن احتفالات أعياد الميلاد لها طبيعتها الخاصة من حيث برامج الحفلات، التي يراعى فيها التنوّع، لتناسب جميع الفئات والأعمار، فهناك الحفلات التنكرية والحفلات الراقصة التي تجذب الشباب، إضافة إلى الحفلات الغنائية التي يحييها مشاهير الغناء في مصر والعالم العربي. ولم يغفل الفندق عن الشرائح الأكبر سناً، فافتتح مطعم quot;أمريك كروجquot; للطبقة التي تحب أن تحتفل في جو أكثر هدوءاً، وأعربت سيمات عن تفاؤلها حيال الموسم، لافتة إلى أن حجوزات هذه المناسبة بدأت بالفعل، وتستمر وتتزايد.. كلما اقتربت ليلة رأس السنة.

أما أفراد الشعب من الطبقة المتوسطة، فمعظمهم لا يعير اهتماماً بشراء الهدايا أو الاحتفال بأعياد الميلاد، إلا الأقباط الذين يحافظون على طقوسهم الدينية، فهذا أحمد عبد اللطيف ndash; صيدلاني ndash; يقول إن عادة شراء الهدايا والاحتفال بأعياد رأس السنة من العادات الترفيهية، لا يفعلها إلا أصحاب المداخيل العالية، وهم فئة صغيرة في مصر، وبالتأكيد سيتراجع بعضهم، ويعزف عنها بعد موجات الغلاء والأزمات الاقتصادية التي مني بها العالم.

هاني توماس ndash; مدرّس ndash; يقول إن الشعب المصري بطبيعة الحال يبحث عن المناسبات والأعياد حتى يفرغ الشحنات السلبية التي يتلقاها طوال العام من تدهور الحالة الاقتصادية والاجتماعية. ويستطرد quot;نحن طول العام في نكد، فلابد أن نحتفل في الأعياد للخروج من هذه الحالة، وإن كلّفنا هذا الاحتفال مبلغاً كبيراً فهو ضروري للترويح عن النفسquot;.

في حين يوضح الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم أن مظاهر الاحتفال في مصر هذا العام ليست كأي من سابقاتها لأن الأزمة الاقتصادية طالت الجميع، المتعامل مباشرة معها وغير المتعامل. وأضاف الرئيس السابق لأكاديمية السادات أن الفنادق ستتأثر، وعدد النزلاء سيقل، وستقتصر الاحتفالات على شريحة معينة من الشعب المصري، وكذلك المظاهر الأخرى الخاصة بالشركات، مثل الهدايا الدعائية، التي ستقل نظراً إلى عدم توافر سيولة، نتيجة للحالة الاقتصادية المتدهورة.