خلف خلف من رام الله: منذ نهاية حرب 1967 وإسرائيل معتمدة بالكامل على الولايات المتحدة الأميركية كمصدر لها للدعم الاستراتيجي، وهذا الأمر، وما يحمله من منافع عسكرية واقتصادية للدولة العبرية، يشكل في الوقت ذاته، هاجسًا لواضعي السياسة في تل أبيب يتجلى في العادة على شكل تساؤلات عن مدى تحكم واشنطن في القرار الإسرائيلي، وكذلك ما إمكانية تأثيرها على السياسات والتوجهات سواء المتصلة منها بالقضايا الداخلية الإسرائيلية أم الخاصة في الصراع مع الفلسطينيين؟


ولعل تبدل الإدارة الأميركية، وتحول دفة القيادة إلى باراك أوباما، الذي بدأ مشواره السياسي بعدة خطوات، أبرزها تعيين جورج ميتشل مبعوثاً للسلام في الشرق الأوسط، هو بحد ذاته، محفزًا جديدًا لإحياء بعض المخاوف النائمة في تل أبيب.
إذ أن مصادر رفيعة المستوى في جهاز الأمن الإسرائيلي، تقدر أن جورج ميتشل، سيوصي باستخدام العقوبات الاقتصادية على إسرائيل كي تنفصل عن المستوطنات في الأراضي الفلسطينية في ظل القضم من المساعدات الأمنية الأميركية.
ونقلت صحيفة معاريف عن مصدر أمني إسرائيلي كبير هذا الأسبوع في محفل مغلق، قوله: quot;من الانطباع الذي خلفه ميتشل في جهاز الأمن فأنه يرى في المستوطنات عصا تدق في عجلات المفاوضات للتسويةquot;. وبحسب المصدر بأنه خلافا لإدارة جورج بوش، هذه المرة يحظى ميتشل بإسناد كامل وبصلاحيات لحث الخطط بين إسرائيل والفلسطينيين.


وتقول معاريف: quot;غير مرة سمع ميتشل يطلق انتقادا حادا على المصادر التي تستثمرها إسرائيل في المستوطنات، وبعد فك الارتباط دعا إلى استخدام العقوبات على إسرائيل بسبب المستوطنات. هذه المرة توجد إمكانية في أن يقنع الإدارة الأميركية بتطبيق العقوبات والمبادرة إلى خطوة تقليص المساعدات الأمنية الاميركية بدعوى انه لا يمكن أن يصل المال الأميركي إلى حماية المستوطنات غير الشرعية وعليه فيمكن تقليص ميزانيات ذلك من المساعدات الاميركية. إذا حصل هذا فأن هذه ستكون خطوة دراماتيكية من ناحية إسرائيلquot;.
ونقلت الصحيفة عن مصدر امني كبير آخر، قوله: quot;نحن نستعد لان نتلقى الضرب على الرأس من إدارة اوباما الذي يريد أن يسجل في ولايته تقدما جوهريا. إذا كان عامل معرقل مثل الاستيطان سيزعجه فانه لن يتردد في أن يعمل ضده أيضاquot;.


وبحسب تقدير استراتيجي أعده روني بيرت الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، فإن الولايات المتحدة تمنح إسرائيل في الوقت الحاضر مساعدة مالية تقدر بنحو 2.4 مليار دولار، وهي مساعدة بدأت منذ عام 1949. وكانت البداية عبر قروض اقتصادية صغيرة وهبات من اجل أهداف مختلفة (تجارة، وأغذية، ولاجئين)، وفي سنة 1959 فقط أُعطي أول قرض عسكري. حتى سنة 1966 لم تجاوز المساعدة العامة 100 مليون دولار. ولكن حدثت أول قفزة ذات شأن في سنة 1971 مع إعطاء قرض عسكري وقف على أكثر من

نصف مليار دولار، وفي 1974، وصلت المساعدة الأميركية لإسرائيل إلى أكثر من 2.5 مليار دولار.
وفي سنة 1979، على أثر اتفاقات كامب ديفيد، بلغ المبلغ إلى أوج 4.9 مليار دولار، ومنذ سنة 1983، عُبر عن المساعدة كلها بهبات فقط، ومنذ 1985 ابتدأ توجه مشابه في موضوع المساعدة العسكرية أيضا. وفي سنة 1987 رسخ إجراء فحواه أن طلبت إسرائيل وأجازت الولايات المتحدة مساعدة مالية سنوية مقدارها 3 مليارات دولار ndash; 1.8 مليار مساعدة عسكرية و1.2 مليار مساعدة اقتصادية. بالإضافة إلى هذه المساعدة الثابتة أمدّت الولايات المتحدة إسرائيل بمساعدة خاصة، في فترة حرب الخليج في سنة 1991 مثلا وفي حرب العراق في 2003.

ويقول الباحث الإسرائيلي: quot;وفي فرص أخرى أُعطيت إسرائيل فوائض عتاد بقيمة مئات ملايين الدولارات. لا تشتمل المساعدة العسكرية الثابتة على أموال من اجل مشروعات للبحث والتطوير، مثل 1.3 مليار دولار مُنحت لمشروعا مشتركا لتطوير نظام مضاد للصواريخ quot;حيتسquot;، جاءت بواسطة ميزانية الأمن. وفي المجال الاقتصادي أعطت الولايات المتحدة إسرائيل ضمانات لقروض تجارية بمليارات الدولاراتquot;.