فواز السعد من الرياض: أفرزت الأزمة المالية العالمية العديد من الانعكاسات والمتغيرات الجديدة التي استنفرت من أجلها الجهود على أعلى المستويات، بغية المسارعة في التقليل من آثارها السلبية قدر الإمكان.
وأكد خبراء ومتخصصون في الشأن الخليجي أن كل الدراسات تشير إلى ضرورة قيام الدول الخليجية بإعادة تقويم شامل لسياساتها المالية والنقدية والاقتصادية، والمسارعة في تفعيل مشروع التكامل الاقتصادي الخليجي، والحثّ على دراسات جديدة للجدوى في المشروعات الحالية والمستقبلية بما يجعلها في منأى عن مثل هذه الإنهيارات المفاجئة.

وفي هذا الصدد، يوضح رئيس مجلس إدارة شركة الحنو القابضة عبد الله بن فهيد الشكرة أنه quot;نتيجة للتأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية ظهرت على السطح بوادر فورية كردود أفعال طبيعية من قبل الاقتصاديات العالمية تجاهها، وقد تفاوتت في ما بينها قوة وضعفاً، حسب طبيعة اقتصاد بلدان العالم، وقد انسحب تأثيرها في دول الخليج على 7 مفاصل حيوية أساسية، ولكنها ستنتهي بنتائج إيجابية في المدى المتوسطquot;.
وأضاف الشكرة quot;إن محيط التأثير يتناول مجالَي الأسهم والربط بالدولار وعمليات البنوك وتطوير العقار وقطاع السياحة وصناعة وإنتاج النفط والدخل العام والخاص، ولكنها ستنتهي بنتائج إيجابية إذا ما حسبنا الوجه الآخر لعملية الهبوط أو الكساد الحالي، حيث ستتراجع معدلات التضخم، وهو ما تنتظره معظم دول الخليج لتحقيق الوحدة الاقتصادية، كما سيسهم في انخفاض أسعار مواد البناء على الوجه الذي سيؤدي إلى انخفاض التكلفة الإجمالية للتطوير العقاري، وسيتبع ذلك بالطبع انخفاضاً ملحوظاً في بقية السلع والخدمات المختلفة، كما يمكن أن يؤدي انتهاء الركود إلى ارتفاع قيمة العملات الخليجية نتيجة تعافي الدولار، وهو ما سيسهم حتماً في انخفاض تكاليف المعيشة للمواطن والمقيم على حد سواءquot;.

ويتمثل تأثير الأزمة في أسواق الأسهم، من خلال إعادتها إلى مستويات الانهيار الذي حدث فيها مطلع العام 2006، ولم تكد تستعيد الأسواق المالية عافيتها حتى ضربتها الأزمة لتعيدها إلى المستويات التي كانت عليها عام 1984.
أما الدولار فقد تركت تقلباته الخطرة آثارها على اقتصادياتها، وكبدتها خسائر كبيرة نتيجة استمرار ربط عملاتها به، حيث انسحب بدوره على البنية الاقتصادية، وما رافقه من ارتفاع كبير في واردات تكاليف المعيشة، وزيادة معدلات التضخم.
ويعود التأثير في القطاع المصرفي، نتيجة ظهور أزمة الرهن العقاري الأميركية وجنوح البنوك نحو شراء أصول غربية، رغبة منها في الحصول على الأرباح، لتحدث بعدها عدد من الإرباكات، تتمثل بقيام العديد من المودعين بسحب أموالهم من هذه البنوك، مما يعرضها لأزمات خانقة أدت إلى قيام بعض الدول بإجراءات احترازية لتنظيم عمليات الإقراض والإيداع.

أما العقار فقد ارتفعت قيمته بنسبة 60% عما كان عليه عام 2007، والنصف الأول من 2008، حتى انسحبت أزمة الرهن العقاري عليه، فخسر المستثمرون والمطورون السيولة التي كانوا يعوّلون عليها لإكمال التطوير، حتى وقعوا في مأزق كبير اتضح أثره على السوق بكساد واضح.

ويرافق خسارة مكاسب العقار خسارة لا تقل أهمية عنه، تتمثل في قطاع السياحة الذي تضرر عصبه الأساس المتمثل بالسفر والترفيه، وهي ما يمكن أن يلغيها الفرد من أولوياته في مثل هذه الظروف، وأشار محللون إلى أن المتضرر الأكبر هو قطاع الطيران، الذي لم يكد يفيق من أزمة ارتفاع أسعار الوقود، ثم ارتفاع تكاليف تذاكر الطيران، حتى أعقبته بخسارة وعبء ثقيل.
وليس ببعيد ما تعرضت له أسعار النفط الذي تعتمد عليه الدول الخليجية في الأساس، حيث وصلت الأسعار إلى أوجها عند 148 دولاراً في يوليو 2008 لتنهار من دون سابق إنذار بعد 5 أشهر وتراوح عند مستويات 50-40 دولاراً للبرميل.

وأخيراً، تأثيرها في مستويات الدخل الكلي والشخصي، حيث إن القطاعات عامة مترابطة إلى حد كبير، وأن الانخفاض في أحدها سينسحب على غيره، وبالتالي تتراجع معدلات الإنفاق حتى تتسع لتشمل الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، ومن ثم التراجع الذي سيجر مجالات المدخولات والثروات للشركات والمؤسسات ثم الأفراد، وهم المتضرر الأكبر لكونهم آخر السلسة الاقتصادية.