بعد توالي سنوات الجفاف وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج
الأردن نحو إعادة الاعتبار للقطاع الزراعي
عصام المجالي من عمّان: أزمة الغذاء التي عصفت بالعالم في الآونة الأخيرة نتيجة للارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية، لا تقل خطراً عن الأزمة المالية العالمية إن لم تكن أشد منها، حيث طالت آثارها معظم شعوب العالم بلا استثناء، وانعكس ذلك في ارتفاع مستويات الفقر وتأثر الظروف الصحية والمعيشية للمواطنين سلباً، بحيث أضحى الأمن الغذائي يتصدر قائمة الأولويات لمختلف دول العالم الثالث كنتيجة لهذه المعطيات.
ويعد قطاع الزراعة من القطاعات ذات الجدوى الاقتصادية العالية المردود، استناداً إلى تقرير التنمية العالمي لعام 2008 الصادر عن البنك الدولي، الذي أوضح أن زيادة مساهمة القطاع الزراعي في نمو الناتج المحلي الإجمالي أكثر فاعلية في تقليص مستويات الفقر بحوالي أربع مرات مقارنة بمساهمة القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ويواجه الأردن تحديات عديدة ولعل ما يتصدرها في الوقت الراهن محدودية الموارد المائية والتي تشكل تحدياً إستراتيجياً حقيقياً أمام طموحات المملكة الاقتصادية والتنموية ونحو تحقيق الأمن المائي، وتعيق النمو في العديد من القطاعات الاقتصادية وتحديداً القطاع الزراعي، والذي يعاني أيضاً العديد من الظروف الصعبة كتوالي سنوات الجفاف وقلة الأمطار وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي، الأمر الذي يتطلب جهوداً كبيرة لمعالجة الوضع الحالي، من خلال دعم تنفيذ البرامج والمشاريع المطلوبة للنهوض بهذا القطاع.
وبهدف تحقيق الأمن الغذائي والمائي، فقد جاء إعلان الأردن عام 2009 عاماً للزراعة من قبل الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، من منطلق أن هذا القطاع الزراعي يعد رافداً للأمن الاجتماعي، ولأهميته في توفير فرص العمل وزيادة دخول المزارعين. وتعد الزراعة من القطاعات الواعدة التي يجب التركيز عليها لتحقيق منظومة الأمن الغذائي وزيادة مساهمتها في النمو الاقتصادي، وفي الحد من معدلات الفقر والبطالة.
كما تسعى الحكومة الأردنية على المدى القصير إلى توفير المساعدة للمزارعين لزيادة إنتاج الأغذية والمحاصيل وتقديم مساعدات موجهة للأسر التي أصبحت فقيرة، ونتطلع على المديين المتوسط والبعيد، إلى زيادة في حجم الاستثمارات الموجهة نحو التنمية الزراعية، ولاسيما في قطاع الحيازات الصغيرة، من أجل تحقيق قدر كبير ومستدام من الأمن الغذائي.
وبدأت الحكومة ألأردنية تركز برامجها وسياساتها على تنفيذ التوجيهات الملكية بإعادة الاعتبار للقطاع الزراعي وذلك من خلال اتخاذ تدابير وإجراءات تضمن تحسين إنتاجية وكفاءة ومساهمة هذا القطاع في التنمية الاقتصادية وتحسين ظروف معيشة العاملين فيه. وضمن هذا الإطار، فقد بلغت مخصصات قطاع الزراعة في موازنة عام 2009 حوالي 152 مليون دينار وبزيادة نسبتها 60% عن عام 2008.
ومن أبرز المشاريع والمبادرات التي تهدف الحكومة من ورائها لتطوير هذا القطاع مشاريع زراعة الأعلاف ودعم مربي الثروة الحيوانية ودعم زراعة المحاصيل الحقلية والزراعة المحمية وتنمية المراعي في البادية الأردنية والشروع في إنشاء مطار الشونة الجنوبية الذي سيشكل منفذاً تصديرياً للمنتجات الزراعية في منطقة الأغــوار، إضافة إلى إعفاء مدخلات الإنتاج الزراعي من الضرائب والرسوم الجمركية ودعم المزارعين من خلال شراء القمح والشعير بأسعار مشجعة تزيد عن الأسعار العالمية، والتوسع في استخدام المياه غير التقليدية في الإنتاج الزراعي واستخدام أساليب الحصاد المائي في المراعي ومشاريع التصنيع الغذائي وتشجيع الصادرات الزراعية وتطوير المشاتل الحرجية.