مع تعرضه للمزيد من مخاطر الهبوط
غلوبل: توقّعات بانكماش اقتصاد الإمارات ما بين 0.5 و 1.0% في 2009
إيلاف-الكويت: خلال الأعوام القليلة الماضية، شهد اقتصاد الإمارات أداء جيدًا للغاية بفضل الطفرة التي شهدتها أسعار النفط، والنمو الإيجابي الذي سجلته القطاعات غير الهيدروكربونية. وخلال الأعوام الثلاثة الماضية (2005- 2008)، نما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للإمارات بمعدل سنوي مركب نسبته 21.9 في المئة، وهو يعد واحدًا من أعلى معدلات النمو المسجلة في العالم. وقد أظهرت التقديرات الأولية لوزارة الاقتصاد الإماراتية خلال العام 2008، نمو الناتج المحلي الاسمي للإمارات بنسبة 27.4 في المئة ليصل إلى 929.4 مليار درهم إماراتي، حيث بقيت منطقة الخليج غير متأثرة إلى حد كبير بالأزمة الاقتصادية في النصف الأول من العام 2008، في حين نما الناتج المحلي الاسمي بمعدلات سريعة مدعومًا بارتفاع أسعار النفط.

ويعزى ذلك إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16.8 في المئة في العام 2007 عندما بلغ الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 729.7 مليار درهم. ومن جهة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، فقد شهد أيضًا نموًا حادًا قدر بنسبة 23.4 في المئة خلال العام 2008. جاء ذلك في تقرير بيت الاستثمار العالمي quot;غلوبلquot; حول الإستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية لدولة الإمارات، فقد سجل الناتج المحلي الحقيقي نموا بلغت نسبته 7.4 في المئة، وذلك وفقًا للتقديرات الأولية لوزارة الاقتصاد، ليبلغ 535.6 مليار درهمrlm; مقارنة بنمو مقداره 5.2 في المئة في العام 2007 و 11.06 في العام 2006. ويعود الأداء القوي للاقتصاد في العام 2008 إلى ارتفاع أسعار النفط rlm;لفترة طويلة من العام، هذا بالإضافة إلى الدعم الذي يقدمه القطاع غير الهيدروكربوني.

ومن المقدر أن تكون مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفعت لتبلغ 577.5 مليار درهم إماراتي في العام 2008 مقابل 467.9 مليار درهم في العام 2007، إلا أن نسبة مساهمة هذه القطاعات قد انخفضت إلى حوالي 62.1 في المئة في العام 2008 مقارنة بحوالي 64.1 في المئة في العام 2007.
استقر الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للإمارات خلال العام 2008 عند 729.7 مليار درهم إماراتي، مسجلا ارتفاعا بنسبة 16.8 في المئة عن العام السابق، في حين استقر الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عند 498.7 مليار درهم إماراتي، مما يشير إلى ارتفاعه بنسبة 5.2 في المئة عن المستوى المسجل في العام 2006.

وعلى الرغم من أن معدلات النمو تبدو كبيرة، إلا أنها تعتبر منخفضة مقارنة بمعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي البالغة 21.7 في المئة، وكذلك معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي البالغة 11.6 في المئة والمحققة في العام 2006.
ويعزى هذا الاعتدال في النمو إلى حد كبير إلى انخفاض إنتاج القطاع الهيدروكربوني خلال الأعوام الماضية بسبب تقليص السعة الإنتاجية والتوسع في قاعدة الهيدروكربونات.

أيضا، ونظرا لالتزام الإمارات باتفاقها مع منظمة أوبك، وعمليات الصيانة الكبيرة التي أجرتها للحقول النفطية في نهاية العام 2007، فقد انخفض إنتاج الإمارات من النفط إلى 2.49 مليون برميل يوميا من 2.64 مليون برميل يوميا المسجلة في العام 2006. وبالرغم من ذلك، يتوقّع أن يبلغ معدل الإنتاج النفطي في العام 2008 حوالي 2.6 مليون برميل يوميا. وخلال العام 2007، تباطأ نمو قطاع الهيدروكربون الإماراتي، لينكمش بنسبة 1.2 في المئة. ومع ذلك، واصل قطاع الهيدروكربون النمو بمعدلات سريعة، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي غير الحقيقي للقطاع الغير هيدروكربوني نموا بمعدل 8.7 في المئة في العام 2007 مقارنة بالعام السابق، وإن كان بوتيرة نمو أبطأ من النمو المسجل في الأعوام الخمسة الماضية.
تعزى الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الإمارات في الأعوام القليلة الماضية إلى الارتفاع الكبير في الإيرادات النفطية، حيث شكلت قرابة 74 في المئة من مجموع الإيرادات المالية للحكومة من النفط في العام 2007. في حين سجلت الأنشطة الأخرى التابعة للقطاعات غير الهيدروكربونية أداء جيدا، وقد ساهمت مساهمة كبيرة في النمو الاقتصادي عموما خلال الأعوام القليلة الماضية.

ونتيجة لذاك، شهد أيضا نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعا حادا في الأعوام القليلة الماضية. فقد بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2008 نحو53,881 دولار أمريكي مسجلا نمو بمعدل سنوي مركب مقداره 15.5 في المئة مقارنة بالمستوى المسجل في الفترة الممتدة من العام 2005 إلى العام 2008. وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، جاءت الإمارات في المرتبة الثانية بعد قطر من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. وقد أدى الارتفاع النسبي في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي قياسا بنمو السكان، إلى نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي بنسبة 21.6 في المئة عن مثيله في العام 2006.
ظلت إمارة أبو ظبي تمثل المساهم الأكبر في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في العام 2007، حيث بلغت نسبة مساهمتها في مجموع الناتج المحلي الاسمي 54.8 في المئة. كما سجلت إمارة أبو ظبي نموا في الناتج المحلي الإجمالي بلغت نسبته 17.2 في المئة خلال العام 2007 ليصل إلى 400 مليار درهم إماراتي مقابل 341.3 مليار درهم في العام 2006 . في حين بلغت نسبة مساهمة إمارة دبي في مجمل الناتج المحلي الإجمالي 31 في المئة. وفي العام 2007، نما الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي بنسبة 17.3 في المئة ليبلغ 226.5 مليار درهم إماراتي مقابل 193.1 مليار درهم في العام السابق.
الناتج المحلي الإجمالي ﺤﺴﺏ ﺍﻻﻨﻔﺎﻕ ﻓﻲ الإمارات

شهد الاستهلاك النهائي الكلي ارتفاعًا حادًا بلغت نسبته 32.0 في المئة ليصل إلى 483.9 مليار درهم بالمقارنة مع 366.5 مليار درهم في العام 2007. ويعزى هذا الارتفاع إلى الزيادة المسجلة في العام 2007 والبالغة 20.3 في المئة، والتي ترجع بدورها إلى الزيادة الحادة في الاستهلاك الحكومي. حيث ارتفع الاستهلاك الحكومي بنسبة 31.5 في المئة ليصل إلى 76.2 مليار درهم في العام 2007 مقابل 58.0 مليار درهم في العام 2006. في حين سجل الاستهلاك الخاص ارتفاعا متواضعا بلغت نسبته 17.7 في المئة في العام 2007 ليصل إلى 319.7 مليار دولار مقارنة بالعام السابق.

ويعزى ارتفاع معدل الاستهلاك الخاص إلى حد كبير إلى النمو السكاني وارتفاع الأسعار. وقد أدى الارتفاع الكبير في معدلات الاستهلاك النهائي الكلي في العام 2008 إلى ارتفاع مساهمته في الناتج الإجمالي من 50.2 في المئة في العام 2007 إلى 52.1 في العام 2008. ويعتبر النمو الكبير في نسبة إجمالي تكوين رأس اﻟﻤﺎل ذو أهمية بالغة للنمو الاقتصادي على المدى الطويل.
ارتفع إجمالي تكويـن رأس المال الثابـت بنسبة عالية بلغت 76.1 في المئة ليصل إلى 261.4 مليار درهم إماراتي، مقابل 148.5 مليار درهم في العام 2007. وحتى الآن لم يتوفر لدينا توزيع إجمالي تكويـن رأس المال الثابـت حسب القطاعات الاقتصادية عن العام 2008، إلا أنه خلال العام 2007، ارتفع إجمالي تكويـن رأس المال الثابـت للقطاع الخاص بنسبة كبيرة بلغت 27.7 في المئة ليصل إلى 84.3 مليار درهم، مقابل 66.3 مليار درهم في العام 2006. ونتيجة لهذه الزيادة الكبيرة، ارتفعت حصة القطاع الخاص في إجمالي تكويـن رأس المال الثابـت من 54.8 في المئة من إجمالي تكوين رأس المال في العام 2006 إلى 56.8 في المئة.

ومن ناحية ثانية، انخفضت حصة القطاعين الحكومي والعام في إجمالي تكويـن رأس المال من 45.2 في المئة للقطاعين مجتمعين في العام 2006 إلى 43.2 في المئة في العام 2007، في إشارة واضحة إلى توسع نشاط القطاع الخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي العام 2007، ارتفع تكوين رأس اﻟﻤﺎل للقطاعين الحكومي والعام بنسبة 26.3 و 13.3 في المئة على التوالي مقارنة بالعام السابق ليبلغا 21.2 و 43 مليار درهم على التوالي.
ارتفع إجمالي قيمة صادرات الإمارات من السلع والخدمات ليبلغ 746.7 مليار درهم إماراتي في العام 2008، بالمقارنة مع 693.8 مليار درهم في العام 2007، بنمو بنسبة 7.6 المئة. وشكل النفط الخام 36.2 في المئة من هيكل الصادرات السلعية للبلاد في العام 2008، في حين شكل حجم إعادة التصدير 38.8 في المئة، وصادرات المناطق الحرة 11.2 في المئة، في حين شكلت المشتقات النفطية 2.5 في المئة، والغاز 4.5 في المئة، وغيرها من الصادرات 6.8 في المئة.من جهة أخرى، ارتفع إجمالي قيمة واردات الإمارات من السلع والخدمات إلى 562.6 مليار درهم في العام 2008 بالمقارنة مع 486.6 مليار درهم في العام السابق.
ارتفعت واردات دولة الإمارات في العام 2007 من السلع والخدمات بنسبة 32.4 في المئة، لتبلغ 486.6 مليار درهم بالمقارنة مع 367.6 مليار درهم في العام السابق. ويدل ذلك على تزايد الطلب المحلي على السلع. من جهة أخرى، شهدت صادرات دولة الإمارات من السلع والخدمات نموا بنسبة 23.9 في المئة لتبلغ 693.8 مليار درهم في العام 2007 مقابل 559.8 مليار درهم في العام 2006. ونتيجة للنمو المرتفع نسبيا في الواردات،سجل صافي الصادرات نموا متواضعا باغت نسبته 7.8 في المئة في العام 2007 ليصل إلى 207.3 مليار درهم مقارنة بالنمو المسجل في العام 2006 والبالغ 192.4 مليار درهم.
تبدو النظرة المستقبلية للاقتصاد الإماراتي سلبية، حيث تسبب كل من انخفاض أسعار النفط، القيود الصارمة التي فرضتها البنوك على شروط الإقراض، وتصاعد الحذر في أوساط المستثمرين الذين خسروا أموالهم جراء انهيار أسعار العقارات، في تأجيل عدد كبير من المشاريع في البلاد أو إلغائها بالكامل. هذا وسوف يساعد الإنفاق الحكومي على الحد من هذا الهبوط، وتخفيض معدل ضياع فرص العمل في القطاعات الاقتصادية الرئيسية. إلا أنه لن يكفي وحده للتصدي كليا للتقلص في حجم التبادل التجاري، وتباطؤ نمو الإنفاق الاستهلاكي نتيجة لتراجع عدد السكان، وتقليص الخطط الاستثمارية على نحو بالغ مما يقودنا إلى الاعتقاد بأن الناتج المحلي الإجمالي للإمارات سوف يسجل على الأرجح أول انكماش له ليتراجع بمعدلات تتراوح ما بين 0.5 و1.0 في المئة للعام 2009 مع تعرضه للمزيد من مخاطر الهبوط.
وإننا نأمل بأن يستطيع الاقتصاد الإماراتي أن يعود إلى سابق عهدة خلال العام 2010 مدفوعا بقوة ميزان المدفوعات، ونمو القطاعات غير النفطية إضافة إلى الفائض المالي القوي المحقق خلال الخمسة أعوام الماضية عندما لامست أسعار النفط أعلى مستوياتها.