رغبة في أجور وتكاليف إنتاج أقل
مصانع السيارات الألمانية تهرب إلى آسيا

اعتدال سلامة من برلين: للأزمة الاقتصادية العالمية وجه لا يتناوله الإعلام، فهناك مصانع سيارات كثيرة تنتقل إلى بلدان آسيوية حيث الخبرة المتوسطة والأجور المنخفضة، مقارنة مع الأجور في ألمانيا وقلة تكاليف الإنتاج بالنسبة إلى رب العمل.

ويبدو أن إخفاء هذا الجانب مستهدف كي لا يحدث زلزلاً عمالياً في ألمانيا، خاصة وأن مصانع كثيرة مثل أوبل تبحث عمّن ينفذها من الإغلاق وتسريح العمال، بعد إفلاس الشركة الأميركية الأمّ جنرال موتورز.

وتشير تقارير داخلية إلى أن عدد مصانع السيارات الغربية والألمانية أيضاً التي تنقل ورشاتها إلى بلدان نامية من أجل صنع جزء من السيارة أو بالكامل يتزايد، وتنقل معها فريق عمل من أجل تدريب العمال هناك. وكان الأمر سابقاً مقتصراً على تجميع قطع السيارة التي تصنع في البلد الأم، مما يدفع إلى الاعتقاد بأن مصانع بكاملها سوف تهاجر إلى هناك في يوم من الأيام، ما سيوقع بلدان صناعية في أزمة عمالية خطرة، لكن رأس المال كما يقول المثل الألماني لا يعرف وطناً.

وحسب تقرير المؤسسة الدولية Pricewaterhouse-coopers فإن تصنيع السيارات في المستقبل سيكون في البلدان النامية، فنمو 84% من صناعة أو تركيب السيارات الكبيرة والشخصية سينجز في هذه الدول ابتداء من عام 2013.

وقال أحد المسؤولين في هذه المؤسسة كارل غادسمان إن بعض مصانع السيارات في ألمانيا، وسعياً منها للتعويض على خسائرها الحالية نتيجة الركود الاقتصادي وخسارتها لجزء من أسواقها، تريد قدر الإمكان توفير تكاليف العمل عبر الإنتاج في بلدان نامية، حيث اليد العاملة الرخيصة، ومن المتوقع أن تنقل مصانع ورشاتها بالكامل إلى بلدان مثل المكسيك أو الصين من أجل مواجهة المنافسة العالمية.

فهناك بلدان نامية عديدة لديها إمكانيات واعدة، ما تدفع أصحاب المصانع العالمية للتفكير في نقل صناعاتها إلى هناك، حتى المصانع التي وضعت سياسة توسع معتدلة تفكر في هذا المنحى حالياً. وذكر غادسمان على سبيل المثال أن تويوتا تصنع الآن 58% من سياراتها الصغيرة في ما يسمّى بالأسواق الطارئة، ومعظمها في آسيا.

وتشير بيانات مؤسسة Pricewaterhouse-Coopers إلى أن 45 % من إجمالي نمو صناعة السيارات هو حالياً في آسيا ومنطقة الباسيفك و9% وفي أوروبا الشرقية.

ومن أجل التعويض عن الخسائر، تريد مصانع السيارات أيضاً أن تكون قريبة من سوق الاستهلاك، فهي توفر بذلك أموالاً طائلة للترويج الإعلاني والتصدير والرسوم الجمركية، وهذا هو حال شركة فولغسفاغن. فرغم المشاكل الحالية بسبب الأزمة العالمية تريد مواصلة صنع جزءاً من سياراتها في الهند التي تتمتع بيد عاملة خبيرة ورخيصة. وكانت قد استثمرت عام 2007 حوالي 480 مليون دولار لهذا المشروع.

وتحصد اليوم فولغسفاغن منافع هذا المشروع في ظل الازمة الاقتصادية، فعندما قررت تنفيذه في الهند قال مراقبون صناعيون إن إقراره لن يكون سهلاً لأن مصانع الشركة في أوروبا هي الأكثر تصنيعاً لسيارة فولغسفاغن، وإذا ما أقر مصنع الهند فإن ذلك سيكون على حساب مصنعين في أسبانيا وبلجيكا وسيغلقا. عدا عن ذلك يجب إقران الموافقة على المشروع بإقناع أعضاء هيئة مجلس الإدارة بأنه سوف يعمل على رفع الإنتاج لكي تكون فولغسفاغن حاضرة بسياراتها في السوق الصينية أيضاً أهم سوق نامية حالياً.

ويخطط مصنع فولغسفاغن في الهند لصنع سيارات خاصة لبلدان آسيا، وترد على القائمة نماذج قريبة من سيارة Polo أو Golf التي تصنع في البرازيل، لكن في الدرجة الأولى رخيصة الثمن، لذا لن تدخل في صنعها مزايا كثيرة مثل وسادة الأمان الهوائية كما هو الحال مع السيارات التي تباع في أوروبا.