اعتدال سلامه من برلين: شهدت العلاقات التجارية العربية الالمانية خلال عام 2008 انتعاشا لا بأس به، حيث زاد حجم الصادرات الالمانية الى بلدان العالم العربي بنسبة 20.8 في المائة ويشكل النفط 70 في المائة منها ، اي بقيمة تقدر بـ28.1 مليار يورو، فيما ارتفعت الصادرات العربية الى المانيا بنسبة 32،6 في المائة لتبلغ 14.1 مليار يورو.
ولوحظ نمو واضح للصادرات الالمانية الى سلطنة عمان بالتحديد بلغت 69 مليون يورو بعدها ليبيا 56 في المائة ودولة قطر43 في المائة ودولة الامارات العربية المتحدة 39 في المائة ومصر 29.5 في المائة والجزائر 25 في المائة والكويت 24 في المائة.
الا ان الميزان التجاري مازال يميل لصالح المانيا، كما هو الحال منذ سنوات طويلة والسبب في ذلك ان الصادرات من العالم العربي تعتمد فقط على النفط الخام وبعض المصنوعات وانواع محددة من المواد الغذائية وسلع مركبة، بينما يقابل ذلك معدات واليات وسيارات ومحركات المانية من مختلف الانواع.
ولقد ساهم ارتفاع اسعار النفط خلال النصف الاول من السنة الماضية في زيادة قيمة ما استوردته المانيا من البلدان النفطية العربية، الا ان هذه الايرادات تراجعت مع انخفاض سعر النفط لان الكمية بقية على حالها او انخفضت من بعض البلدان. وتبقى ليبيا في مقدمة البلدان المصدرة لهذه المادة المهمة تليها الجزائر فالمملكة العربية السعودية ثم سوريا.
وحسب بيانات مركز الاحصائيات الاتحاد في مدينة فيسبادن وصل ما صدرته المانيا الى ليبيا عام 2008 الى 1.043 مليار يورو وكانت القيمة عام 2007 قرابة 677.9 مليون يورو، وارتفعت الصادرات الالمانية الى الجزائر الى 1.482 مليار يورو وكانت عام 2007 1.186 مليار يورو. فيما طرأ تراجع على حجم ما باعته المانيا الى سوريا من 722,2 مليون يورو الى 677,9 مليون يورو كما هو الحال مع المملكة العربية السعودية وتراجعت الصادرات الالمانية اليها من 5.243.8 مليار يورو الى 5.103 مليار يورو، بعكس الامارات العربية المتحدة التي زادت قيمة ما صدرته المانيا اليها عن 8.036 وكانت عام 2007 5.783 مليار يورو.
في المقابل طرأ تحسن بسيط على الصادرات من الامارات العربية المتحدة الى المانيا من 429.7 مليون يورو الى 501 مليون يورو فيما ارتفعت مشتريات المانيا من النفط الخام من المملكة العربية السعودية من 1.040.8 مليار يورو الى 1.506.5 مليار يورو.
الا ان الفارق الكبير في الحركة التجارية كان واضحا في عام 2008 بين المانيا ومصر حيث وصل الصادرات الالمانية الى 2.689 مليار يورو فيما لم تتعد الصادرات المصرية الى المانيا، رغم تعدد منتجاتها منها الاصواف والنسيج، لم تتعد ال1،134 مليار يور، لكن الوضع افضل من عام 2007 وكانت القيمة 816 مليون يورو، ما عدا سوريا الى صدرت الى المانيا من النفط وغيره من السلع اكثر ما استوردت من المانيا، حيث تعدت الصادرات السورية 1.239 مليار يورو بينما لم تتعد الصادرات الالمانية الى سوريا ال 677.9 مليون يورو. كما شهدت الصادرات الليبية النفطية الى المانيا انتعاشا حيث وصلت القيمة الى 5.518 مليار يورو وكانت عام 2007 4.210 مليار يورو.
والفارق الشاسع كان في التبادل التجاري بين الاردن والمانيا حيث وصلت قيمة الصادرات الاردنية الى 20.8 مليون يورو فيما استودرت من المانيا بما قيمته 736 مليون يورو، ونفس الوضع مع دولة قطر الى تجاوت واردتها من المانيا ال1.590 مليار يورو بينما اشترت ا لمانيا منها بما قيمته 33.8مليون يورو رغم امتلاك قطر للغاز والنفط.
لكن ماذا عن فترة ما بعد الازمة الاقتصادية العالمية، هل ستأثر تداعياتها على حجم التبادل التجاري بين البلدان العربية والمانيا؟
سؤال يحاول المسؤولين الالمان تفادي الرد عليه، مع ان هذه الازمة تثير المخاوف في شتى انحاء العالم حسب قول خبير الاقتصاد هانس مولر لايلاف، وهو مشرف على قسم الشرق الاوسط في مكتب العلاقات الاقتصادية الدولية في ميونيخ، والسبب في ذلك ان تأثير الازمة لا يقتصر على التبادل التجاري وانما ايضا على المشاريع الكثيرة الالمانية في العالم ايضا في البلدان العربية . اذ ان تناميها مرهون بحل المستثمرين الغربيين للازمة في بلادها. واذا اخذنا المانيا كمثل نرى انها تقف امام ازمة صناعية واقتصادية صعبة، وتعطي الاولوية حاليا لحل مشاكل انتاجها الداخلي، فهناك مصانع كثيرة لن تتوان عن تسريح الالاف من العمال، وتسعى الحكومة حاليا االى اقناع اصحاب المال بالاستثمار في الوطن بدلا من الخارج.
مع هذا، تحاول المانيا مواصلة تعزيز تواجدها في المنطقة العربية بهدف تنشيط استثماراتها وصادراتها، خاصة السلع التكنولوجية وفي مجال صناعة الالات والسيارات وقطاع الطاقة وحماية البيئة. وكان هذا احد اهم اهداف زيارة وزير الاقتصاد الاتحادي كارل تيودور تسو غونتبيرغ الشهر الماضي الى كل من الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. اذ تواجه الشركات الالمانية في المنطقة منافسة شديدة مع الشركات الفرنسية والبريطانية والاميركية، خاصة في المشاريع الاستثمارية والمشارعي الاعمارية التي تشكل اكثر من 80 في المائة من نسبة النمو الاقتصادي في دول الخليج.
وذكر خبير الاقتصاد الالماني بان الصادرات الالمانية اصيبت ببعض التراجع على الصعيد العالمي ، الا ان التبادل التجاري العربي الالماني يحقق منذ سنوات قليلة نموا ملحوظا. بالطبع ما زال الميزان التجاري يميل الى الصالح المانيا، لكن بشكل عام نمت الصادرات العربية الى المانيا عام2008 بنسبة كبيرة ونفس الحال ينطبق على الصادرات الالمانية الى العالم العربي ووصل نموها الى قرابة 20 في المائة. لكن وفي ظل الازمة الحالية لا يمكن ضمان مواصلة تنامي الصادرات العربية الى المانيا خاصة على صعيد النفط . اذ ان المانيا كما الكثير من بلدان العالم تسعى الى العثور على منابع للطاقة المتجددة من اجل التخفيف من شرائها للنفط ،وهو يشكل حوالي 89 في المائة من الصادرات العربية الى المانيا.
ويعتقد الخبير الالماني ان المانيا تريد كما يبدو سلوك توجه جديد من اجل تنمية اقتصادها وهو توطيد العلاقات مع بلدان معينة دون غيرها، كالعراق الذي كانت علاقتها معه حتى خلال نظام الرئيس المتوفي صدام حسين لا بأس بها. فمعدات كثيرة من صناعة المانية، من بينها معدات من شركة سيمنز، مازالت تستخدم في عدد من الورشات والمصانع في العراق، خاصة الصغيرة ، ويعرف عراقيون كثر من الجيل القديم كيف يتعاملون معها نتيجة دورات التدريب التي تلقوها على يد خبراء المان.
هذا، وظهر الاهتمام بالصناعات الالمانية خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى برلين نهاية العام الماضي واجتماعه بالمستشارة انجيلا ماركل التي اكدت على امكانية التعاون بين البلدين. فحسب قولها العراق غني بالمواد الخام والمانيا بلد يتمتع بالخبرات التقنية والصناعية الكبيرة.
وكاول خطوة في هذا الاتجاه اطلقت وزارة الخارجية الالمانية مطلع هذا الشهر ما يسمى بمشروع quot; المنتدى الاقتصادي العراقي الالمانية الالكترونيquot;. وهو موقع الكتروني ينقل اخبار العراق الاقتصادية والمالية والتطورات التي يشهدها على كل الاصعدة اضافة الى توفيره بيانات واحصائيات ومعلومات عن مشاريع محلية في العراق وذلك لمساعدة الشركات الالمانية المتوسطة والكبيرة التى ترغب في الاستثمار في العراق. كما يسهل الموقع عملية بحث المنتجين العراقيين عن شركاء المان لتصدير منتجاتهم.
وشهد الملتقى الاقتصادي الذي عقد على هامش معرض هانوفر الدولي هذا العام، شهد فعاليات كثيرة بين رجال اعمال المان ومن امارة ابو ظبي، من اجل مساندة الشركات الالمانية على تحديد الفرص الاستثمارية المستقبلية في هذا الامارة وفي مجال تطوير التقنيات الصناعية. فالمانيا تريد الاستفادة من الخطة الاقتصادية الجديدة التي وضعتها حكومة ابو ظبي حتى عام 2030 الهادفة الى تنويع اقتصادها كي لا تظل معتمدة على ايرادات النفط ، في المقابل توفر مؤسسات المانية كثيرة دعما للمستثمرين من ابو ظبي منها الاطلاع على امكانيات استثمارية في المانيا خاصة في القسم الشرقي منها.