البحرين - إيلاف: تحتل قضية الأمن الغذائي أولوية قصوى في دول الخليج، سواء في إطار منظومة مجلس التعاون، أو على مستوى كل دولة على حدة، في محاولة لوضع حلول ملائمة لتقليل الاعتماد على الخارج في سد الفجوة والحد من آثارها السلبية على المجتمعات. وبحسب تقرير غلوبل هاوس - البحرينالشهري لشهر يونيو2009 تتلخص أسباب اتساع الفجوة الغذائية في الخليج، التي وصلت العام الماضي 2008 إلى نحو 12 مليار دولار في محدودية التنسيق الخليجي وإقامة مشروعات مشتركة في المجال الزراعي، وغياب استخدام التقنيات والأساليب الحديثة ومحدودية الأراضي المتاحة، وقلة توافر المياه، فضلاً عن الظروف المناخية القاسية.

كما يساهم في ذلك أيضاً قلة التمويل الموجه للنشاط الزراعي، وندرة العمالة الوطنية المدربة في هذا المجال، وانعدام الحوافز المشجعة للعمل، إضافة إلى ضعف الطاقة الإنتاجية للصناعات الغذائية وتراجع قدرتها على تلبية احتياجات السوق كماً ونوعاً.
ومن هنا يلاحظ أن مشكلة تأمين الغذاء تكمن في معنى واحد فقط هو quot;الزراعةquot;. وهي قضية آخذة في التصاعد، إذا لم تتصدَّ لها البرامج والاستراتيجيات الحكومية والخاصة، لاسيما إذا ما علمنا أن نسبة النمو السكاني في الخليج تبلغ سنوياً حوالي 4.4%.

ويبلغ عدد سكان هذه الدول نحو 38 مليون نسمة تقريباً، بعدما كان العدد نحو 30 مليوناً في عام 2000. وينتظر أن يصل الرقم إلى قرابة 39 مليوناً في 2010، وإلى 58 مليوناً عام 2030، بحسب تقديرات مركز الخليج للأبحاث. وبلغت فاتورة غذاء الدول الخليجية نحو 10 مليارات دولار عام 2007، في حين فاقت الـ12 ملياراً في 2008، في وقت تبقى فيه السعودية أكبر مستورد للغذاء في المنطقة.

مع ذلك، نجد أن هناك بعض النجاحات، سواء على الصعيد التجاري أو الفردي، حيث تنتج السعودية ndash; مثلاً - الكثير من المحاصيل، لكنها أعلنت العام الماضي، تخليها عن برنامج دعم زراعة القمح الذي تبنته نحو 30 عاماً، لتتحول إلى الشراء بدلاً من الاعتماد على الإنتاج المحلي بدعوى استهلاك المياه. ويبقى الاستثمار في القطاع الزراعي خارج المنطقة هو الحل الأمثل على ما يبدو، وهو ما تبنته الحكومات الخليجية دون استثناء، فضلاً عن حثها بالعديد من الطرق القطاع الخاص لولوج هذا المجال.

أرقام الزراعة الخليجية
شهد الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني لدول المجلس تطوراً كبيراً خلال العقدين الماضيين، نتيجة للسياسات والبرامج الزراعية التي تم تطبيقها، ما أدى إلى توفير نسبة لا بأس بها من التكامل.

ووفقاً لبيانات الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي فإن إجمالي مساحة دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 257.3 مليون هكتار، تصل المساحة المزروعة إلى نحو 4.7 مليون هكتار، والمروية 1.4 مليون. وتبلغ نسبة المساحة المزروعة من المساحة الكلية حوالي 1.8%، والمساحة المروية من المزروعة 30.8%. وتراوح الناتج المحلي الزراعي لدول مجلس التعاون الخليجي بين 14 و14.1 مليار دولار حتى نهاية العام 2006 (آخر إحصاءات متوافرة). وتستحوذ السعودية على نحو 73% من هذا الناتج، تليها دولة الإمارات بنسبة تقدر بنحو 21.6%، في حين تتقاسم الدول الأخرى الـ6% المتبقية.

وزاد إنتاج الحبوب من 2.36 مليون طن كمتوسط للفترة ما بين 1995 و1997، إلى نحو 3.026 مليون طن كمتوسط أيضاً بين عام 2005 و2008، بنسبة زيادة 28.2%، وزاد الإنتاج من الخضار بالنسبة نفسها تقريباً، أما في الفاكهة فقد ارتفع من 1.9 مليون طن إلى 2.5 مليون طن خلال الفترة نفسها أي بنسبة زيادة قدرها 31%، وشهد الإنتاج الحيواني والسمكي - طبقاً لبيانات الأمانة العامة للمجلس - زيادة كبيرة أيضاً.

كما زاد الإنتاج من لحوم الدجاج (خلال فترة المقارنة نفسها) من 478 ألف طن إلى 641 ألف طن، بنسبة زيادة قدرها 34% وزاد الإنتاج من بيض المائدة من 157 ألف طن إلى 233 ألف طن، بنسبة 48.4%، وزادت كمية الألبان الطازجة من 960 ألف طن إلى نحو 1.53 مليون طن، بنسبة زيادة قدرها 59%، كما ارتفع الإنتاج السمكي من 306 آلاف طن إلى 326 ألف طن بنسبة قدرها 6.5%.


قرارات ومحاولات
وقررت دول الخليج مجتمعة في شهر سبتمبر 2008 وضع إجراءات وتدابير لضمان الأمن الغذائي لشعوبها والمحافظة على استقرار أسعار السلع الأساسية. وأتفق وزراء الصناعة والتجارة الخليجيون على إنشاء شركة للاستثمار الزراعي لدول المجلس وتبادل المعلومات والتنسيق المشترك في ما يتعلق بالمواد الغذائية واحتواء ظاهرة ارتفاع الأسعار. كما قرر الوزراء القيام باستثمار مشترك في القطاع الزراعي في دول عربية وأجنبية متعددة، وإعطاء فرصة أكبر للنشاط الزراعي الداخلي بالاعتماد على التقنيات الحديثة. وكلفت الحكومات الأمانة العامة لمجلس التعاون مخاطبة الشركات المتخصصة في المجال الزراعي لإعداد دراسة الجدوى المتعلقة بالمشروعات والخيارات المتاحة، سواء بإنشاء صندوق أو شراكات إستراتيجية مع دول أخرى في الخارج أو إنشاء شركة سواء كانت خاصة أو حكومية، أو مشاركة بين القطاعين.

وتفرض الظروف المناخية وندرة المياه، على دول الخليج التوجه نحو الاستثمار الزراعي في أفريقيا وبعض دول آسيا، خصوصاً مع ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة وصلت إلى 75% عالمياً منذ عام 2000، في وقت تتجاوز فاتورة استيراد الغذاء لهذه الدول أكثر من 12 مليار دولار سنوياً. يضاف إلى ذلك، أن مشكلة أسعار المواد الغذائية تعتبر مسؤولة عن نحو 30% من ظاهرة التضخم في الخليج، الذي وصل إلى أعلى مستوياته (تعدى الـ9% في العام 2008). وعزا غلوبل في تقريره اتساع الفجوة الغذائية في دول منطقة الخليج إلى محدودية التنسيق المشترك وعدم فاعليته، وضعف الكفاءة الإنتاجية من السلع الزراعية، وضعف استخدام التقنيات والأساليب الحديثة في هذا القطاع. وذكرت دراسة للأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي أن الفجوة الغذائية أخذت في التزايد عامًا بعد آخر، حيث ارتفعت من 8.96 مليار دولار عام 2001 إلى 12 مليار العام الماضي (2008).
الزراعة في الخارج
مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة الأراضي الزراعية والمياه، اتجهت دول الخليج العربية إلى الاستثمار الزراعي في بلدان أخرى في آسيا وأفريقيا. وبدأت الإمارات بتطوير أكثر من 70 ألف فدان في السودان، تضاف إلى مشروع quot;زايد الخيرquot; الذي تبلغ مساحته 40 ألف فدان تزرع قمحاً وذرة. كما أشترت أكثر من 100 ألف فدان من الأراضي الزراعية في باكستان تصل قيمتها نصف مليار دولار، إضافة إلى الاستثمار في كازاخستان وفيتنام وكمبوديا وأميركا الجنوبية.

من جهتها، تجري السعودية محادثات مع السودان ومصر وأوكرانيا وباكستان وتركيا، للسماح للشركات السعودية بإقامة مشاريع لزراعة القمح والشعير وفول الصويا والأرز وعلف الحيوانات. وتسعى الحكومة إلى تمهيد الطريق أمام المستثمرين السعوديين للمضي قدماً، مستغلين خبرتهم ومعرفتهم وأموالهم للاستثمار في تلك البلدان. وتوجهت البحرين هي الأخرى إلى تايلاند والفلبين لتوفير الكميات المطلوبة من محصول الأرز والخضراوات الطازجة الأخرى واللحوم الحية، حيث تعهدت الدولتان إمداد المملكة بكل ما يلزمها من السلع الغذائية ووقعت مذكرة تفاهم بذلك. ويتضمن الاتفاق تخصيص أراض لصالح المملكة، وإنشاء حظائر للأغنام.

كما استأجرت الكويت ضمن اتفاقية على المستوى الحكومي في (أغسطس 2008) العديد من حقول الأرز في كمبوديا التي ستوفر احتياجات البلاد، وستقوم بتصدير الفائض منه للأسواق العالمية، فيما شملت الاتفاقية استيراد مواد غذائية أخرى. كما أعلنت أنها تجري محادثات مع دول آسيوية أخرى، من بينها لاوس وميانمار للغرض نفسه. وفي نهاية 2008 أسست دولة قطر مع فيتنام صندوقاً بقيمة مليار دولار للاستثمار في قطاعات تشمل الزراعة، في حين ستمول هيئة الاستثمار الحكومية 90% من استثمارات هذا الصندوق. وكانت الهيئة أنشأت صندوقاً في شهر أغسطس 2008، حجمه مليار دولار مع أندونيسيا للاستثمار في الطاقة والبنية التحتية والزراعة.

الاستثمار في الدول المجاورة
لكن يبقى السودان، وهو سلة الغذاء العربي، المكان الأقرب والأنسب للاستثمارات الزراعية الخليجية، فمنذ 34 عاماً مضت وهو مرشح دولياً من قبل منظمة الأغذية والزراعة العالمية quot;فاوquot; ضمن ثلاث دول لتكون سلة غذاء العالم، إلى جانب كل من كندا وأستراليا. لكن الغريب في الأمر، أنه إذا كانت الأخيرتان من أكبر مصدري القمح في العالم، فإن السودان من بين أكبر مستوردي القمح (نحو 2.2 مليون طن سنوياً) كما يتلقي المساعدات بهذا المجال نتيجة لاضطرابات سياسية وحروب عاشها لسنوات. وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة نحو 200 مليون فدان (الفدان يعادل 4200 متر مربع) المستغل منها 40 مليوناً فقط، ويذهب عدد من خبراء الزراعة في السودان إلى أن جميع الأراضي قابلة للزراعة، ما عدا مراقد المياه.
ويمتاز مناخ السودان بالتعدد والتنوع من الصحراوي وشبه الصحراوي في الشمال، ومناخ السافنا في الوسط والاستوائي في الجنوب، مما يجعله مؤهلاً لأن يزرع مختلف المحاصيل الصيفية والشتوية وما بين الفصلين طوال العام. كما يتمتع بوفرة مائية قلما تتوافر في أي من بلاد العالم، فإلى جانب حصته من مياه النيل البالغة نحو 20 مليار متر مكعب، توجد مصادر للمياه من الأمطار والمياه الجوفية.

ويحتضن السودان الآن استثمارات زراعية سعودية على مساحة تصل إلى 250 ألف فدان في ولاية نهر النيل الشمالية، حيث بدأت بعض المشروعات بالإنتاج، في حين يتم استكمال الإجراءات الإدارية للبقية. وتعتبر الاستثمارات الزراعية الإماراتية الأكبر في السودان، حيث تتم على مساحة 900 ألف فدان في ولايات عدة، وأهمها مشروع زايد الخير على مساحة 40 ألف فدان في ولاية الجزيرة، الذي ينتج القمح والذرة الشامية وبعض الأعلاف. كما إن هناك مستثمرين كويتيين من القطاع الخاص وقعوا اتفاقاً لاستزراع 40 ألف فدان في ولاية النيل الأبيض، وتقدم مستثمرون قطريون بطلبات لتملك أراضي ويقومون الآن باستكمال الإجراءات.

وتركز الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، وهي إحدى آليات العمل العربي المشترك 70% من مشروعاتها في السودان، ويعتبر مشروع شركة إنتاج السكر quot;كنانةquot; أبرز المشاريع التي تشارك فيها الهيئة، ويعتبر نموذجاً للاستثمار العربي المشترك، حيث تقوم بإنتاج حوالي 400 ألف طن سكر سنوياً، إضافة إلى المنتجات الأخرى المصاحبة مثل توليد الكهرباء من قصب السكر وأعلاف الحيوانات. وتضم الهيئة 20 دولة عربية تسعى إلى جسر الفجوة الغذائية في المنطقة العربية، حيث تسعى إلى تأسيس شركات استثمارية ضخمة في المجال الزراعي كان آخرها إنشاء شركة قابضة للاستثمار الزراعي بالتعاون مع مستثمرين سعوديين وإماراتيين برأسمال بلغ مليار دولار تقريباً. وتبلغ رؤوس أموال الشركات التابعة للهيئة 650 مليون دولار، في حين تبلغ استثمارات المشاريع التي تشارك فيها 2.4 مليار دولار، ولدى الهيئة 30 مشروعا منتشرة في دول عدة.

أميركا في المرصاد

وأشار تقرير غلوبل هاوس -البحرين الصادر عن شهر يونيوإلى أن مسؤولين أمريكيين قالوا العام الماضي، آبان ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إن العرب يتحكمون بالعالم بامتلاكهم للنفط، فهم يقبعون على أرض تستوي فوق بحار من المعدن الأسود، لكننا سنحاربهم بالغذاء (القمح) فهو نفطنا في القرن الجديد.

وعلى ما يبدو، يضيف التقرير، فإن أميركا كانت جادة في ذلك، فهي بقيت طوال ثمانينيات وجزء من تسعينيات القرن الماضي تدعم العديد من الدول في المنطقة بالقمح بأسعار مدعومة (شبه مجانية) كالأردن ومصر، وحاولت مراراً منع سوريا وغيرها من الزراعة، حتى هجر أهل هذه الدول الأراضي والزراعة، لتعود اليوم لتسيطر على بورصة الغذاء العالمية التي لا تتضمن اللعب بالأسعار فحسب، بل تتحكم بمصائر الشعوب على نحو ما تمليه المصالح المختلفة.

السعودية تشجع تربية المواشي
من جانب آخر، تشجع الحكومة السعودية تربية المواشي وإنتاج الحليب، وقد أثبتت هذه السياسة نجاحها، حيث ارتفع إنتاج اللحوم الحمراء والأسماك والدجاج خلال الأعوام القليلة الماضية بنسبة 45%. فاللحوم الحمراء تمثل قرابة 175 ألف طن، وأما الدجاج فهي بحدود 550 ألف طن، فيما يبقى إنتاج الأسماك ثابتا في حدود 75 ألف طن. كما يسجل إنتاج الألبان نمواً سنوياً يصل إلى 6%، حيث تنتج شركة quot;الصافيquot; لوحدها 125 مليون لتر سنوياً، وتكمل شركتان أخريان الإنتاج الذي يمكن السعودية من تصدير الألبان ومشتقاتها إلى دول مجلس التعاون الخليجي.

وتحقق السعودية ارتفاعاً محسوساً في واراداتها الزراعية بسبب النمو الديمغرافي، الذي جعل منها أول مستورد للأرز، أي قرابة 700 ألف طن سنوياً، وهي واحدة من أكبر المستوردين العالميين للشعير بأكثر من 4 ملايين طن سنوياً. لكنها تعتبر في الوقت عينه، المنتج الأول للتمور في العالم، بواقع 850 ألف طن سنوياً، مع وجود أكثر من 400 نوع، 60 منها مطلوبة بكثرة على الصعيد العالمي. وتمكنت السعودية من تغطية احتياجاتها من الحليب الطازج، حيث يصل استهلاكها السنوي إلى ملياري دولار تقريباً.

تجارب فردية في الإمارات
ويتابع التقرير بالقول إن هناك تجارب فردية ناجحة في الإمارات لزراعة القمح، حيث نقلت وكالة أنباء الإمارات الرسمية quot;وامquot; في 29 إبريل الماضي خبراً مفاده أن مواطناً في منطقة الوجن (زعبة) في العين نجح في زراعة القمح من النوع الممتاز في مياه تصل ملوحتها إلى 7000 جزء في المليون. وبدأ المواطن تجربته في مزرعته بكمية تبلغ طناً ونصف الطن، وجاءت النتائج مشجعة، في حين يفكر تعميم الفكرة على كامل المساحة التي بحوزته للموسم المقبل. وتستورد الإمارات نحو 80% من المواد الغذائية التي تحتاجها.

تقنيات حديثة
ومن المعلوم إن دول الخليج العربي تفتقر إلى البيئة الزراعية الخصبة، لطبيعتها الصحراوية، لذلك فإن محاصيلها قليلة جداً ومحصورة ببعض المنتجات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. واهتمت بعض دول الخليج في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي بالزراعة بشكل ملفت، مما زاد من الإنتاج، حيث استطاعت بعضها تأمين جزء بسيط من احتياجاتها، ولكن بكلفة باهظة جداً.

وساعدت أساليب الزراعة التقنية والحديثة في زيادة الإنتاج الزراعي إلا أن الفجوة الغذائية أخذت بالاتساع في ظل التفجر السكاني وزيادة الاستهلاك. وكغيرها من دول العالم تعاني الأراضي الزراعية الخصبة في الخليج، على قلتها وشحها، نقصاً في المياه وتلوث الموجود، وغابت في السنوات الماضية الاستراتيجيات الحكومية التي تعنى بالقطاع الزراعي، فالتمويل والمساعدات المالية قليلة، فضلاً عن ابتعاد الناس عن هذه الأعمال.

وبحسب إحصاءات غير دقيقة، فإن الإمارت تنتج بعض أنواع الخضار والفواكة التي تنمو في المناطق المروية، والتي تغطي 40 هكتاراً فقط. وتنتج البحرين بعض الخضراوات، لكنها بالكاد تغطي 20% من حاجة السوق المحلية. أما السعودية، فقد تكون الأفضل من بين دول الخليج الأخرى في هذا المجال رغم تراجعها في السنوات الأخيرة، فهي طورت زراعتها بشكل ملحوظ قبيل ذلك واهم منتجاتها الحبوب خصوصاً القمح والشعير والذرة البيضاء والسمسم، والتمور، والطماطم، والبطيخ، والشمام، والتين، والعنب، والبصل، والبطاطا، وبعض أنواع الحمضيات.

وفي قطر هناك زراعة متواضعة للخضراوات والحبوب، في حين تنتج الكويت كميات قليلة من الخضراوات خصوصاً الطماطم، والبصل، والشمام. وتبقى سلطنة عُمان الأفضل من حيث حجم الأمطار ووجود المياه العذبة، فيتركز في جنوبها إنتاج الفاكهة والخضراوات، والتمور والليمون، والبصل، والقمح، والموز، والمانجو، والتبغ، والذرة، والبطاطا، إضافة إلى جوز الهند.

وكانت جامعة الخليج العربي، ومقرها البحرين، نفذت مشروعاً زراعياً تقنياً متطوراً ظهرت نتائجه في العام 2004 عقب 4 سنوات من العمل، يؤكد إمكانية استخدام البيوت البلاستيكية لإنتاج أنواع متعددة من الخضراوات، ولكن ليس بالطرق التقليدية لهذه البيوت، وإنما باستخدام الزراعة خارج التربة (بدون تربة) في البيوت البلاستيكية وإعادة استخدام (تدوير) المياه بطريقة تسمح استغلالها نحو 25 مرة قبل التخلص منها، وبالتالي توفير ما بين 75% إلى 90% من المياه. ويلفت التقرير أنه على الرغم من نشر النتائج وإطلاع العديد من الجامعات والجهات البحثية والزراعية المعنية في دول الخليج، فضلاً عن الامانة العامة لدول مجلس التعاون عليها، إلا أنه لم يتم إلى الآن تبني هذه التقنية. ويعادل إنتاج المتر المربع الواحد باستخدام هذه التقنية 9 أضعاف إنتاج البيوت البلاستيكية ذات الطرق التقليدية. ويعتقد بأن استخدام التقنيات الحديثة من شأنها تقليص الفجوة الغذائية ورفع حجم الإنتاج المحلي.

ويعتمد المشروع على الزراعة من دون تربه بحيث تستخدم مادة quot;الخفانquot; وهي عبارة عن صخور بركانية مطحونة، تتوافر في الأردن، والمدينة المنورة في السعودية، وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى مساحات شاسعة، لكن يلزمه استخدام نموذج quot;اقتصاديات الحجمquot;، أي كلما كبر المشروع قلت الكلفة. ومن أهم معوقات المشروع كلفته المرتفعة، وحتى يكون ذا جدوى اقتصادية فإنه يجب البدء بـ16 بيتاً بلاستيكياً على الأقل، يبلغ طول الواحد منها 40 متراً، وعرضه 10 أمتار. وتقدر كلفة البيت البلاستيكي الواحد بالتقنية المتطورة بنحو 4000 آلاف دولار، لكونه يحتوي على نظام للتبريد وأحواض خارج التربة، قياساً بـ1.2 ألف دولار للبيوت البلاستيكية التقليدية.

المعوقات
ويوضح تقرير غلوبل أن هناك العديد من الأسباب التي أسهمت في تردي الإنتاج الزراعي الخليجي، وبالتالي اتساع الفجوة الغذائية، أهمها محدودية المشروعات المشتركة في المجال الزراعي، وضعف الكفاءة الإنتاجية من السلع، إلى جانب رداءة استخدام التقنيات والأساليب الحديثة، ومحدودية الأراضي الصالحة للنشاط الزراعي. ومن الأسباب أيضاً، قلة الموارد المائية وانخفاض كمية تساقط الأمطار، والظروف المناخية القاسية والمتقلبة التي تؤثر على المحاصيل وقلة التمويل الموجه لهذا النشاط والصعوبات التي تواجه المزارعين لتسويق منتجاتهم وندرة العمالة المدربة. يضاف إلى ذلك انعدام الحوافز المشجعة للعمل، وقلة الطاقة الإنتاجية للصناعات الغذائية وضعف قدرتها على تلبية احتياجات الأسواق.