علي حلاوي من بيروت: درجت الحاجة quot;أم محمدquot; ابنة طريق الجديدة، على أن تجمع بناتها وأبناءها في اليوم الأخير، والفاصل عن شهر رمضان المبارك، لتبدأ من الصباح مشوارا من التسوق والتبضع، أقله للتزود بحاجات الأيام العشرة الأوائل من الصوم، وهي الطريقة عينها التي تتبعها مع الأيام العشرين المتبقية. هكذا يتوزع أفراد عائلة quot;الحاجةquot; في أسواق صبرا والدنا والطريق الجديدة، وفق مجموعات كل منها يختص بشراء صنف معين، واحدة للخضار والفاكهة وعدة الطبق اليومي quot;الفتوشquot;، وثانية للحلويات، وأخرى للحوم والدجاج.
لم يغيّر شهر رمضان 2009 شيئاً من معادلة الغلاء المستحكمة في السوق اللبنانية، في ظل انفلات تام للأسعار من أجهزة الدولة الرقابية. والصرخة نفسها تطلقها العائلات الصائمة مع بداية الشهر الفضيل، تشكو الارتفاع الخيالي لأسعار اللحوم والخضر، خاصة في الأيام الخمسة الأوائل منه، وهو ما اعتاده الجميع، لتعود الأسعار إلى الانخفاض بعد ذلك، من دون أن يعرف أحد أسباب الارتفاع، ولا حتى الانخفاض. ومع هذا المعيار، لا تكترث غالبية العائلات اللبنانية لما يحدث، فحرمان النفس quot;الطيباتquot; في هذا الشهر لا يجوز، وquot;الله دائماً يرسل البركةquot; على ما يردد الجميع، فالغني والفقير متساويان، إن في الصوم أو في الضريبة ومعدلات الغلاء.
لم يقتصر غلاء الأسعار على الخضر في شهر رمضان، بل تعداه إلى الدجاج، على ما قال quot;ياسرquot;، وهو أحد أصحاب المطاعم في البسطا التحتا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى غلاء بقية المواد الغذائية. أما سعر اللحم، فأجمع معظم، الذين سألناهم في مختلف المناطق اللبنانية، على أنه مستقر، وقد يرتفع مع الوقت، بحسب الطلب.
وبمجرد القيام بجولة في أحد أسواق الخضر والفاكهة في الطريق الجديدة، يتضح حجم إقبال الناس على التزود بحاجيات الشهر. فتقف إحدى السيدات أمام بسطة خضر، يبيع صاحبها quot;عدة الفتوشquot; كاملة. يشرح لها بعدما حاولت إقناعه أن خضره ارتفعت أسعارها بمقدار الضعف مقارنة بأسعار خضر اشترتها قبل يومين، فيبرر بأن quot;الأمر خارج عن إرادته، وقد رفع الأسعار تجار الجملةquot;، تحسب السيدة بعد ذلك أن تكلفة طبق الفتوش فاقت العشرة الآلاف ليرة لبنانية، وهذا في عرفها quot;عبء على الفقيرquot;، ومع ذلك تؤكد أن quot;الله بيسّرquot;.
في موازاة الإعداد لطبق الإفطار اليومي، الأغلى لهذا العام، يهتم الصائمون بأنواع الحلويات المختلفة، أشهرها quot;كلاج رمضانquot;، quot;القطايفquot;، وكذلك مشروب الجلاب والسوس، ما دفع الكثير من المحال إلى إعادة تجديد هذا النوع من الحلويات والمشروب بعد 11 شهرا من انخفاض مبيعها. ويؤكد quot;أبو أحمدquot;، صاحب محل لبيع العصير في شارع الحمرا، أن استعداداته quot;اكتملت لاستقبال شهر رمضانquot;، وقد خصص واجهة محله لعرض عبوات الجلاب والسوس، وهما الشرابان الأكثر طلباً بالنسبة إلى الصائمين في لبنان.
ويشدد quot;أبو أحمدquot; على أن quot;فيروس الغلاءquot; لم يضرب إنتاجه، فسعر قنينة الجلاب ثابت منذ أربعة أو خمسة أعوام، وهو أربعة آلاف ليرة، مع كيس صغير يحتوي على الزبيب والكاجو والصنوبر، وسعر السوس مستقر على الألفي ليرة.
ومع هذا، اكتملت التحضيرات في العاصمة بيروت لاستقبال شهر رمضان، ومع أنها تبدو خجولة نوعاً ما مقارنة بالسنوات الماضية، بعدما أخذت بعض الجمعيات الخيرية، كصندوق الزكاة ودار الأيتام الإسلامية وجمعية المبرات، على عاتقها مهمة تزيين الشوارع والطرق داخل العاصمة، للدلالة على قدوم الشهر الكريم، هذا مع حرص أصحاب المحال التجارية والمتاجر كما المطاعم على أداء واجبهم في إعداد الاستقبال اللائق له.
ويشير محمد حلاق، وهو صاحب محل في منطقة رأس النبع لـ quot;إيلافquot; إلى أنه اعتاد كل عام تخصيص مبلغ 200 ألف ليرة لشراء الزينة وتجميل محله، ويقول quot;ما تدفعه في هذا الشهر لا يذهب سدى، بل فيه أجر كبيرquot;، ومثله، يردد معظم أصحاب المحال كلامه في الشارع عينه.
وأبرزت شوارع وطرق في بيروت فرحة استقبال شهر رمضان، بينما امتدت زحمة السير إلى مناطق كانت نائية نوعاً ما عن هذه الظاهرة. ومثلها حال quot;المولاتquot;، المتاجر الغذائية الكبيرة التي عجّت بمواطنين قصدوها للإفادة من تنزيلات على بعض المواد الاستهلاكية، لأن ثمة شركات كثيرة تطلق حملات ترويج هذه المواد في بداية الشهر الفضيل.
التعليقات