دبي: بمناسبة انعقاد الدورة الثلاثين لقمة المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية في دولة الكويت خلال الفترة من 14 إلى 15 ديسمبر (كانون الأول) 2009، أعدت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات في النشرة الفصلية الرابعة لعام 2009 الصادرة من المؤسسة، تقريراً إحصائياً عن دول المجلس، يتناول أبرز تطورات مؤشرات الأداء الاقتصادي والمالي والتنموي لدول المجلس في الآونة الأخيرة.

وتشير الأرقام والإحصائيات المستقاة من مصادر دولية مختلفة أبرزها، صندوق النقد والبنك الدوليين، ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية quot;الأنكتادquot;، ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول quot;أوابكquot; ومنظمة الأقطار المصدرة للبترول quot;أوبكquot;، إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تضطلع بدور مهم وفعال في الاقتصاد العالمي، وخصوصاً في قطاعات ومجالات معينة، مثل النفط وحركة الاستثمار في العالم.

وبالنظر إلى إحصائيات عام 2008 نلاحظ أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي استطاعت مجتمعة تسجيل أداء مرضياً للغاية، على الرغم من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، بتحقيق معدل نمو حقيقي بلغ 6.4%، بما يعكس صلابة نسبية تجاه الظروف الخارجية غير المواتية، وبما يفوق معدل النمو الإقليمي الذي اقتصر على 4 %، ويزيد عن ضعف النمو العالمي البالغ 3%. وقد اتجهت معظم مؤشرات القطاع الاقتصادي الحقيقي صعوداً، حيث ارتفعت معدلات النمو في القطاعات الاقتصادية غير النفطية على حساب نظيرتها في القطاعات النفطية في معظم دول المجلس. وعلى ذلك، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لدول مجلس التعاون مجتمعة حد التريليون دولار بحصة بلغت 1.8% من الناتج العالمي، البالغ نحو 61 تريليون دولار.

كما ارتفعت مستويات الدخل في دول المجلس، حيث تجاوز متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاسمي فيها ما يعادل 28 ألف دولار سنوياً، وبما يزيد عن 3 أمثال متوسط دخل الفرد على مستوى العالم، البالغ نحو 9 آلاف دولار سنوياً، ساهم في ذلك، جزئياً اقتصار عدد السكان في دول المجلس على 38 مليون نسمة، بنسبة 0.6% من إجمالي عدد السكان في العالم، البالغ نحو 67 مليار نسمة.

وبالطبع انعكس الأداء الإيجابي للاقتصاد الحقيقي مدفوعاً بالفورة النفطية على مؤشرات الأداء الخارجي في صورة؛ ارتفاع حجم التجارة الخارجية (الصادرات والواردات) بمعدل نمو بلغ 36 %، لتصل إلى 1334 مليار دولار، وتتجاوز بذلك حد التريليون للمرة الأولى، وبحصة بلغت 6.8% من إجمالي التجارة العالمية، كمحصلة لارتفاع حصيلة الصادرات من السلع والخدمات إلى 820.5 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 38%، وبحصة بلغت 4.2% من الإجمالي العالمي البالغ نحو 20 تريليون دولار، وكذلك ارتفاع المدفوعات عن الواردات من السلع والخدمات إلى نحو 514 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 33 %، وبحصة بلغت 2.7% من الإجمالي العالمي، البالغ 19.3 تريليون دولار.

وتحقق أعلى فائض في الحساب الجاري لموازين مدفوعات دول المجلس حيث بلغ 282 مليار دولار أو بنسبة 26% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 200 مليار دولار أو 25% من الناتج عام 2007. هذا إلى جانب ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى دول المجلس لتبلغ ما قيمته 63.4 مليار دولار بمعدل نمو بلغ 32% وبحصة 3.7% من الإجمالي العالمي لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة والبالغة نحو 1.7 تريليون دولار، مقابل مساهمتها بنحو 30 مليار دولار وبحصة تبلغ 1.6% من الإجمالي العالمي للاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة والبالغة نحو 1.9 تريليون دولار.

وعلى صعيد الإنتاج العالمي للنفط، بلغ إنتاج دول المجلس لعام 2008 ما حجمه 16.3 مليون برميل/اليوم، بحصة تصل إلى 19 % من إجمالي الإنتاج العالمي، البالغ 86.2 مليون برميل/اليوم، وتصدر دول المجلس من هذا الإنتاج كمية تقدر بنحو 13 مليون برميل/اليوم، أي بحصة بلغت 21 % من الإجمالي العالمي للصادرات النفطية، البالغ 62 مليون برميل يومياً.

وعلى صعيد أوضاع المالية العامة، تظهر إحصاءات المالية العامة لدول المجلس حدوث تحسن ملحوظ في الفائض المجمع للموازنات العامة الحكومية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ليبلغ 27% عام 2008، مقابل 18% عام 2007، وذلك على الرغم من انتهاج سياسات مالية توسعية لتحفيز الاقتصادات الخليجية، في ظل تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.

وفي ما يتعلق بالآفاق المستقبلية، تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى تأثر طبيعي لاقتصادات دول المجلس بالأزمة الاقتصادية العالمية وهبوط مرجح في الناتج المحلي الإجمالي إلى 887 مليار دولار عام 2009، مع معاودة صعوده فوق حاجز التريليون دولار عام 2010، وبالتالي تراجع متوسط دخل الفرد إلى حوالي 23 ألف دولار سنوياً عام 2009، قبل أن يعاود الصعود إلى 26.2 ألف دولار سنوياً بحلول 2010.

وترجح التوقعات أيضاً تراجع فائض الموازنات العامة الإجمالي لدول المجلس إلى 5.3% كنسبة من الناتج عام 2009، ثم صعودها مرة أخرى إلى 10.4% عام 2010، بالتزامن مع تراجع عائدات النفط التي مازالت تمثل مورداً مهماً لدخل حكومات دول المجلس، كنتيجة لانخفاض أسعار النفط العالمية، وتراجع الإنتاج إلى 15.1 مليون برميل يومياً، والصادرات إلى 11.9 مليون برميل يومياً عام 2009، قبل توقع صعودها مرة أخرى إلى 15.6 و12.3 مليون برميل يومياً على التوالي.

كما تأثر الأداء الخارجي لدول المجلس سلباً بالأزمة، وتراجعت عائدات النفط خلال العام 2009، حيث انخفضت قيمة الصادرات من السلع والخدمات إلى 574.3 مليار دولار، وكذلك واردات السلع والخدمات إلى 478.2 ملياراً، وبالتالي فائض الحساب الجاري إلى 56 مليار دولار فقط، متزامناً مع ارتفاع الدين الإجمالي، ولكن بشكل طفيف، إلى 33.3% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن مع توقعات بتحسن كل تلك المؤشرات بنسب متفاوتة خلال عام 2010.

في المقابل، تشير الأرقام إلى عدد من الايجابيات التي تحققت في اقتصادات دول المجلس خلال عام 2009 رغم الأزمة، ومنها تراجع معدلات التضخم بشكل كبير إلى 3.7%، وارتفاع الاحتياطيات الدولية إلى 557.1 مليار دولار، مع توقع استقرار أو ارتفاع تلك المؤشرات في 2010.

وفي ظل التحسن النسبي في المناخ المخيم على أسواق المال في دول المجلس، وخاصة في أعقاب احتواء أزمات بعض الشركات العملاقة العاملة في المنطقة، مع تدني مستوى المديونية الحكومية الخارجية، وتواصل تراكم الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية، حافظت دول المجلس على التصنيفات السيادية الائتمانية الممنوحة لها من كبريات وكالات التصنيف الدولية، لتقف في مصاف التصنيف الممنوح لاقتصادات الدول الصناعية المتقدمة.