بدأ المغرب يقف يوماً بعد آخر على حقيقة أنه يشيخ، وهو ما دفع الحكومة إلى تحضير إستراتيجية جديدةللمساعدة في مجالات الرعاية الصحية والدخل، حيث كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن الإنتقال الديموغرافي السريع في المغرب أدى إلى بروز مسلسل شيخوخة السكان.

الدار البيضاء: كشفت المندوبية السامية للتخطيط عن إرتفاع عدد الأشخاص المسنين في المغرب، والذين تناهز أعمارهم 60 سنة وأكثر، منتقلا من 833 ألف إلى 2.4 مليون بين سنة 1960 و2010، أي بزيادة سنوية

تقدر بـ 2.3 في المائة.

وذكرت المندوبية، كما تدل على ذلك الإسقاطات الديموغرافية التي أعدتها، أن أمل الحياة بالمغرب انتقل عند الولادة من 62 سنة في أوائل الستينات إلى حوالي 73.1 سنة حاليا، في حين تراجع متوسط عدد الأطفال لكل امرأة بشكل كبير، منتقلا من 7.2 إلى 2.4 خلال الفترة نفسها.

ومن المتوقع، حسب المصدر نفسه، أن يستمر هذا الاتجاه بل أن ترتفع وتيرته، إذ سيتزايد عدد الأشخاص المسنين بنسبة 3.5 في المائة سنويا بين 2010 و2030 (مقابل 0.9 في المائة بالنسبة لمجموع السكان) ليصل إلى 5.8 مليون شخص في 2030، أي ما يمثل 15.4 في المائة من مجموع السكان مقابل 8.1 في المائة حاليا.

ومقارنة مع بلد مثل فرنسا، التي تطلب تضاعف الوزن الديموغرافي للأشخاص المسننين بها حوالي 80 سنة، تؤكد المندوبية أنه سوف يتم هذا التضاعف بالمغرب خلال أقل من عقدين من الزمن فقط.

وأشارت إلى أنه قد لا يخلو هذا التطور السريع من انعكاسات على ظروف عيشالأشخاص المسنين، وخاصة منها النساء نظرا لتميزهن بأمل حياة عند الميلاد أكبر بـ 2.6 سنة، مقارنة بالرجال ونتيجة لفارق السن بين الأزواج، الذي يقدر بـ 4.8 سنة لفائدة الرجال، ما يجعل النساء أكثر عرضة للترمل، مبرزة أن عدد النساء الأرامل بالمغرب يفوق بحوالي خمس مرات عدد الرجال الأرامل.

وتبين نتائج البحث الوطني حول الأشخاص المسنين، الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في سنة 2006، أنه على الرغم من ارتفاع نسبة المرض والعجز البدني لدى هذه الفئة من السكان، فإن 16 في المائة منها فقط تستفيد من التقاعد، و13 في المائة من التغطية الصحية.

وأوضحت أنه إذا كانت أواصر التضامن لا تزال قوية لحد الآن، فإن الدينامية الديموغرافية وما تعرفه من انخفاض في الخصوبة مقرونة بتطور أنماط الحياة توحي باحتمال تلاشي التعاون بين الأجيال مستقبلا.

وقال سعيد طهراوي، محلل اقتصادي، إن quot;الأزمة العالمية وما يترتب عليها من نفقات، أجبرت دولا، منها المغرب، على رفع سن التقاعد الذي كانت خفضته سابقاquot;، مشيرا إلى أن quot;استمرار تزايد وتيرة المسنين على حساب الفئة النشيطة سيكون له انعكاس على المجال الاقتصادي، الذي يعتمد بالأساس على كثافة الإنتاجquot;.

وأوضح سعيد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;أبرز اختلال سيسجل في سوق العمل، رغم أنه ما زال ضيقا لحد الآن، إلا أن قلة اليد العاملة النشيطة مستقبلا سيكون له انعكاس سلبي على عجلة الاقتصادquot;.

يذكر أن نقطة أخرى تزيد من مأساة المسنين المغاربة، وهي أن 7.30 في المائة منهم عاجزون عن مزاولة مهام الحياة اليومية، ينضاف إلى هذا الأمر أن 7.86 من الأشخاص المسنين لا يتوفرون على أية تغطية صحية (6.77 بالوسط الحضري و8.96 في الوسط القروي).